في نهج إداري قمعي، فُصل نحو 100 من أعضاء هيئة التدريس والعاملين في معهد هندسة وتكنولوجيا الطيران في مصر بشكل مفاجئ، من دون سابق إنذار، في خطوة أثارت جدلًا واسعًا داخل الأوساط الأكاديمية، ووصفت من قبل المفصولين بأنها "تعسفية" و"غير قانونية".
ويعود المعهد إلى الأكاديمية المصرية لعلوم الطيران، الخاضعة لإشراف كل من وزارة الطيران المدني ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي. ووفقًا لما أفاد به بعض المتضررين، فإنهم فوجئوا صباح الأربعاء بمنعهم من دخول مقر عملهم، دون تسلّم أي قرارات فصل رسمية أو استدعاءات للتحقيق، رغم كونهم موظفين تم تعيينهم بقرارات وزارية صادرة عن وزارة التعليم العالي.
هذا التطور دفعهم إلى اتخاذ خطوات قانونية عاجلة، شملت تحرير محاضر في أقسام الشرطة، وتقديم بلاغات إلى النيابة العامة والإدارية ومجلس الوزراء، إلى جانب شكاوى رسمية لدى وزارة القوى العاملة ومكتب العمل، في محاولة للطعن في القرار واستعادة حقوقهم الوظيفية، وفقًا لـ"العربي الجديد".
أسباب الفصل من وراء الكواليس
وأفاد أساتذة ومعيدون تعرّضوا للفصل بأنّ الأزمة لا تنفصل عمّا وصفوه بـ"نهج إداري قمعي" يتّبعه رئيس الأكاديمية اللواء عزت متولي، وادّعوا أنّه أطاحهم بسبب خلافات في الرؤى الأكاديمية والسياسية، إلى جانب ما وصفوه بـ"امتناع بعضهم عن أداء التحية العسكرية له"، على الرغم من أنّهم مدنيون ويخضعون لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي وليس لكيان عسكري، بحسب ما أكدوا.
وأشار هؤلاء إلى أنّ القرار جاء بالتنسيق المباشر بين رئيس الأكاديمية والقائمة بأعمال عميد المعهد الدكتورة آمنة حسن السيد عمر والمستشار القانوني للأكاديمية عمرو أمين عليوة، من دون أيّ تحقيقات داخلية أو مجال للدفاع أو حتى إخطارات مسبقة.
قرارات العميد تتحدّى التعيين الوزاري
ولعلّ ما أثار حفيظة المفصولين أكثر، أنّ كثيرين منهم عُيّنوا بموجب قرارات وزارية رسمية صادرة عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، الأمر الذي يثير تساؤلات قانونية عن مدى شرعية قرار الفصل من قبل جهة تتبع في الأساس للوزارة ذاتها. وقال أحد الأساتذة المفصولين: "هل يُعقل أن تُلغى قرارات تعيين وزارية بقرار إداري من عميد أو رئيس أكاديمية؟". وإذ أكد الأستاذ الذي تحفّظ عن الكشف عن هويته أنّ "ما حدث انتهاك واضح لكلّ القوانين المنظّمة لشؤون العاملين في التعليم العالي"، أوضح قائلًا: "سنلجأ إلى القضاء إن لم تتدخّل الجهات المعنية فورًا".
وأوضح المتضرّرون أنّهم سيتوجّهون غدًا إلى مكتب العمل ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتقديم شكاوى إضافية، والمطالبة بإلغاء قرارات الفصل وبإجراء تحقيق شفاف ومعلن مع كلّ الأطراف المتورطة، مشيرين إلى امتلاكهم تسجيلات فيديو وصورًا توثّق لحظة منعهم من دخول المعهد، سيرفقونها بالبلاغات الرسمية.
في الإطار نفسه، كشفت مصادر مطلعة أنّ اجتماعًا مغلقًا يُعقَد في هذه الأثناء بمقرّ الأكاديمية، بحضور عدد من ممثّلي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والجهات الرقابية، في محاولة لاحتواء الموقف ومنع تفاقم الأزمة، وسط مطالبات عدد من المسؤولين بـ"التحقيق في مدى مشروعية" الإجراءات التي اتُّخذت، وفقًا لـ"العربي الجديد".
مذبحة أكاديمية
في ضوء خطورة الموقف، ناشد أعضاء من هيئة التدريس المفصولين رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء في مصر التدخّل عاجلًا، وذلك من أجل وقف ما وصفوه بـ"المذبحة الأكاديمية"، التي لا تضرّ فقط بحقوق العاملين، بل تمثّل انتهاكًا صارخًا لهيبة الدولة وسيادة القانون في داخل مؤسسة تعليمية من المفترض أن تُدار وفقًا للوائح وقواعد أكاديمية صارمة.
وشدّد أحد الأساتذة المفصولين بقوله: "نحن لا نطالب إلا بحقنا القانوني والدستوري، ولا نقبل أن يُحوَّل معهد أكاديمي في مصر إلى ثكنة عسكرية تُفرَض فيها الطاعة بالقوّة وتُسحَق فيها الكفاءات لمجرّد الاختلاف في الرأي".