في الذكرى الثانية عشرة لمجزرة رابعة، نشرت السيدة سناء عبد الجواد، والدة الشهيدة أسماء البلتاجي، عبر حسابها على منصة "إكس" (تويتر سابقًا) كلمات هزّت مشاعر متابعيها:

"ما زلت أتساءل… لماذا قتلتم أسماء؟ لماذا قتلتم البراءة والصفاء والجمال؟!"

هذه الكلمات الموجزة بدت كصرخة أم لم تهدأ منذ 14 أغسطس 2013، اليوم الذي فقدت فيه ابنتها ذات الـ 17 عامًا، برصاصة غادرة، وهي تحاول إسعاف جريح في ميدان رابعة العدوية.

https://www.facebook.com/snaa.abdalgwad/posts/3036779319860552?ref=embed_post

 

ردود فعل على تغريدة الأم

بعد نشر تدوينتها الأخيرة على صفحتها بالفيس بوك، انهالت التعليقات التي تجمع بين التعاطف والغضب.
كتب ناشط سياسي: "أسماء رمز لن ننساها… والعدالة لها آتية لا محالة."

وقالت صحفية فلسطينية: "من غزة إلى القاهرة… الأم الثكلى واحدة، والقاتل واحد، والحرية قادمة."

 

أم تبكي ابنتها أمام العالم

منذ ذلك اليوم، لم تتوقف السيدة سناء عن الحديث عن ابنتها في المناسبات والذكريات، سواء في مقابلات إعلامية أو على منصات التواصل الاجتماعي.

وفي كل عام، تعود لتكتب رسالة جديدة تفيض بالحزن والفقد، لكنها في الوقت ذاته تُحمّل السلطة المصرية المسؤولية عن مقتل ابنتها وبقية الضحايا.

في أحد لقاءاتها السابقة، قالت: "أسماء لم تكن إرهابية، لم تكن تحمل سلاحًا، كانت تحمل ماءً لإسعاف الجرحى. قتلوها بدم بارد، وكأن حياتها لا تساوي شيئًا."

 

ألم يزداد مع غياب الزوج والابن

المأساة بالنسبة لسناء عبد الجواد لم تتوقف عند فقدان أسماء، بل تضاعفت مع استمرار اعتقال زوجها محمد البلتاجي، واعتقال ابنها أنس لاحقًا.

أصبحت الأم وحيدة تحمل همّ العائلة، بين الزيارات المرهقة للسجون ومتابعة القضايا، وبين إحياء ذكرى ابنتها كل عام.
في إحدى كلماتها المؤثرة، وصفت حياتها بأنها "معلقة بين بوابات السجن وشواهد القبور".

 

أُمّ بين السجن والقبر

تضاعف وجع الأم مع اعتقال زوجها الدكتور محمد البلتاجي وأحد أبنائها لاحقًا. في كل ظهور أو منشور، تربط سناء بين فقد ابنتها وسلسلة الانتهاكات من قتل واعتقال ونفي قسري.

تصريحات حديثة لها—نقلتها مؤسسات إخبارية—تربط بين الأحكام القضائية القاسية وتجربة الفقد الطويلة، وهو ما يُبقي رسالتها في خانة “ذاكرة مقاومة” لا “ذكرى عابرة”.

 

أسماء… زهرة الثورة

ولدت أسماء البلتاجي عام 1996، ونشأت في بيت سياسي ومعارض، فهي ابنة الدكتور محمد البلتاجي، القيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمين والمعتقل منذ أحداث الانقلاب العسكري.
عرفت أسماء بمشاركتها النشطة في الفعاليات الثورية منذ ثورة يناير 2011، واشتهرت بابتسامتها الهادئة وروحها المشرقة. كانت تكتب الشعر وتشارك في المبادرات الشبابية، وحملت حلم "مصر الحرّة" في قلبها حتى آخر لحظة.

 

لحظة الاستشهاد

في صباح يوم 14 أغسطس 2013، حين بدأ فضّ اعتصام رابعة، كانت أسماء إلى جانب المصابين، تحاول نقل أحد الجرحى إلى المستشفى الميداني. أصابتها رصاصة قاتلة في صدرها، وسقطت بين أيدي زملائها الذين لم يستطيعوا إنقاذها.
كان استشهادها صدمة لآلاف الشباب الذين عرفوها، وأصبح اسمها رمزًا لضحايا الفضّ الدموي.

 

رمزية أسماء في الذاكرة المصرية

تحولت أسماء البلتاجي إلى أيقونة في أوساط المعارضة المصرية، وذُكرت قصتها في كتب وأفلام وثائقية وأغانٍ ثورية. وقد استُخدمت صورها في مسيرات داخل مصر وخارجها، خاصة بين الجاليات المصرية في أوروبا، للمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن مجزرة رابعة.

وأخيرا فإن كلمات سناء عبد الجواد في ذكرى استشهاد ابنتها لم تكن مجرد تعبير عن حزن شخصي، بل كانت تذكيرًا للعالم أن ملف مجزرة رابعة ما زال مفتوحًا، وأن هناك مئات الأمهات اللواتي ينتظرن العدالة.، بما رحلت أسماء جسدًا، لكن قصتها مستمرة، تحملها دموع أمها وصرخاتها التي تعبر الزمن.