في الرابع عشر من أغسطس 2013، شهدت مصر واحدة من أكثر اللحظات مأساوية في تاريخها الحديث، عندما قامت قوات الأمن بفض اعتصام رابعة العدوية بالقوة المفرطة، مما أدى إلى مذبحة راح ضحيتها المئات من المتظاهرين السلميين.

خلال هذه العملية، لم تقتصر الانتهاكات على القتل والإصابات، بل امتدت إلى مستوى غير مسبوق من الإهانة الإنسانية؛ حيث قامت الجرافات بجرف جثث الضحايا بطريقة مهينة، كما اندلعت حرائق داخل خيام الاعتصام ومسجد رابعة، أحرقت فيها عشرات الجثث، مما أضاف بعدًا مأساويًا آخر على المشهد.

حسب تقرير لجنة تقصي الحقائق وبيانات مصلحة الطب الشرعي، فقد تم إحراق عدة جثث بسبب اندلاع النيران التي انتقلت من الخيام القريبة من المنصة إلى مسجد رابعة والمستشفى الميداني المجاور.

الفيديوهات التي وثقت هذا المشهد تظهر جرافات تجر الجثث دون مراعاة، وحالات إحراق مفتعلة تسبب بها الحريق الذي نشب أثناء الاشتباكات وتبادل إطلاق النار وال Molotov، كما أظهرت عدة تسجيلات حية لحظة حرق الجثث التي عجز المتظاهرون عن إنقاذها بسبب إصرار القوات الأمنية على إزالة البقايا بسرعة.

هيومن رايتس ووتش والعديد من المنظمات الحقوقية وثقت أن قوات الأمن استخدمت الذخيرة الحية بشكل مفرط، وقناصة استهدفوا المتظاهرين، مما أدى إلى سقوط مئات القتلى.

كما أفادت الشهادات أن حرق الجثث لم يكن حادثًا عرضيًا، بل جزء من ضبط الوضع بالقوة والتخلص من الأدلة على الانتهاكات التي جرت. هذا الحريق دمر أيضًا المستشفى الميداني الذي كان يقدم المساعدة الطبية للجرحى، مما زاد من حجم الكارثة الإنسانية.

https://www.youtube.com/watch?v=QA2_x0Ey1bI

 

فيديوهات حرائق الجثث في رابعة

الجرافات تجرف عشرات الجثث وسط ألسنة اللهب، كما أظهرت فيديوهات موثقة

 https://www.youtube.com/watch?v=EJ2y1meVy6U

الحريق انتقل من خيام الاعتصام إلى المستشفى الميداني ومسجد رابعة، ما أدى إلى إحراق عشرات الجثث مما عجز الناجون عن إنقاذها.

 

جرافات الأمن وجرف الجثث المحترقة 

في لقطات صعب مشاهدتها، جرافات ضخمة قامت بجرف جثث الضحايا من الأرض، وأحيانًا دفعت بها نحو النار لتتفحم. هذا التصرف يُظهر قصدًا بإخفاء الأدلة وتدمير أي أثر يُدل على المجزرة. الناجون والعاملون في الميدان وثقوا هذه اللحظات عبر كاميراتهم الشخصية. 

شاهد الفيديو المؤلم: 

https://www.youtube.com/watch?v=md6jIh9MzHw

 

شهادات الناجين 

– “م. و”، رجل أعمال، ذكر لصحيفة واشنطن بوست أنه شاهد القناصة يقتلونه بدم بارد وأيضًا صرخات زملائه. تم اعتقاله ثم هرب للخارج خوفًا على حياته. 

– أحمد سميح، ناشط حقوقي، وصف الدخان الأسود والدماء التي غطت الأرض إثر فض الاعتصام، وقال إنه رأى أكثر من 152 جثة في المشرحة في اليوم التالي. 

– شهادات أخرى في تقرير واشنطن بوست توثق كيف غيرت المجزرة حياة الناجين وأرغامهم على النزوح أو فقدان ممتلكاتهم.

ناجون آخرون من المجزرة تحدثوا عن حالة الرعب التي عاشوها، حيث وصفوا قناصة يستهدفون حتى المصابين والنساء والأطفال، إضافة إلى مشاهد الدخان والنيران التي لم تمكنهم من مساعدة الجرحى.

أحد الناجين قال: "رأيت صديقي يقتل أمام عيني ثم ألقته الجرافة على النار."

هذه الشهادات توثق بشاعة المجزرة الإنسانية. 

شاهد إحدى شهادات الناجين: 

https://www.youtube.com/watch?v=IF0NuNHGLp0

 

تكديس الجثث ورفض النقل للمستشفيات 

بعد الفض، تم تجمع عدد هائل من الجثث في أماكن عدة، منها مسجد الإيمان في مدينة نصر، حيث بدا واضحًا تفحم بعضها بسبب الحريق ونقص الإمكانيات في نقلهم بسرعة. أهالي الضحايا اشتكوا من تعنت بعض المستشفيات ورفضها استقبالهم أو استخراج تقارير طبية صحيحة. 

شاهد فيديو لجثث في مسجد الإيمان: 

https://www.youtube.com/watch?v=SMlj9wRfPT4

 

مسجد الإيمان… منبر صلاةٍ تحوّل إلى ثلاجة موتى

بعد الفضّ بساعات، تحوّل مسجد الإيمان بمدينة نصر إلى مكانٍ لتكديس الجثامين، بعضها متفحّم أو مشوّه لدرجة تعذّر التعرف.

تغطيات «المصري اليوم» وغيرها وثّقت ممراتٍ ممتلئة بالجثث وذويهم يتجولون بين الأكفان بحثًا عن اسمٍ أو ملامح.

هذا المشهد ـ كما يظهر في أكثر من تقرير مصوّر ـ يقدّم قرينة على حجم المأساة وسرعة تراكم الضحايا، ويطرح سؤال: إذا كان كل شيء «قانونيًا ومنضبطًا»، فكيف وصلت الأعداد إلى هذا الحد وفي هذه الحالة؟

https://www.youtube.com/watch?v=TwCYSq-3JCo

في النهاية فإن مجزرة رابعة ليست فقط ضياع دماء الأبرياء، بل رسالة عن قمع الحريات ومحاولة لإبادة الذاكرة التاريخية للمحتجين. أثرها باقٍ في حياة الناجين والمجتمع المصري إلى اليوم.