أعلنت جهات إسرائيلية عن استئناف أو دفع مخطط استيطاني معروف في ممر E1/المسمى محليًا مشروع “A1”، وهو مشروع طال انتظاره ومجمد منذ سنوات.

يحمل المشروع في صلبه بناء آلاف الوحدات السكنية وطرق ربط بين مستوطنة معاليه أدوميم والقدس، خطوة يرى كثيرون أنها ليست مجرد توسع استيطاني بل إجراء استراتيجي لتفكيك مقومات أي حل سياسي قائم على دولتين متجاورتين.

مضمون المشروع وأبعاده الجغرافية والسياسية

التقارير الأخيرة تشير إلى أن الخطة تشمل المصادقة على بناء نحو 3,400 وحدة سكنية في ممر E1 الذي يفصل بين شرق القدس وباقي الضفة الغربية، إضافة إلى شق طرق وبنى تحتية تربط المستوطنات الإسرائيلية بحدود مدينة القدس الرسمية، ما من شأنه أن يخلق «امتدادًا» عمليًا لحدود ما تُسمى بـ«القدس الكبرى».

هذه المشاريع تضع حواجز جغرافية وسياسية تصعّب إعادة ربط الضفة الغربية بشريطها الوطني، وتحوّل شرق القدس إلى جزر معزولة داخل بنية استيطانية متصلة بإسرائيل.

من الناحية العملية، ربط معاليه أدوميم بالقدس عبر بنى تحتية واستيطان كثيف سيؤدي إلى قطع المساحات الفلسطينية في الضفة إلى شمال وجنوب؛ وهو ما يعني ضياع استمرارية أراضيية ضرورية لدولة فلسطينية قابلة للحياة.

لهذا السبب تصف أصوات كثيرة المشروع بأنه «نفق» عملي لموت حل الدولتين، وأنه خطوة نحو ضم فعلي لا رسمي للأراضي المحتلة إلى الهيكل المدني الإسرائيلي.

 

موقف الفصائل الفلسطينية والمقاومة

أصدرت فصائل فلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس وما تصفها بالمقاومة، رفضًا قاطعًا لمخططات شق الطرق وعمليات التوسيع بالقدس.

تحذيرات الحركة والمؤسسات المقاومة ربطت بين هذا المشروع وازدياد التوتر والخطر على المقدسات، معتبرةً أن أي مساس بالقدس أو محاولات لتغيير واقعها الديموغرافي والجغرافي سيقابل بمزيد من الخيارات المقاومة على الأرض.

تصريحات سابقة من حماس دعت للرد على محاولات الضم والتركيز على المقاومة السياسية والعسكرية والشعبية، واعتبرت المشروع محاولة منهجية لتهجير الفلسطينيين وعزل القدس عن موقف السلطة والمجتمع المدني الفلسطيني

السلطة الفلسطينية ومنظمات المجتمع المدني وصفت المشروع بتهديد مباشر لإمكانية إقامة دولة فلسطينية، وحذّرت من أن تنفيذ المشروع سيعني خسارة مواقِع استراتيجية وتضييق مساحة الفلسطينيين في القدس والضفة.

دعا سياسيون فلسطينيون المجتمع الدولي إلى التحرك لردع إسرائيل وإلغاء المخطط قبل أن يتحول إلى واقع لا رجعة فيه. كما حذّرت من أن الأمر ليس مجرد بناء وحدات سكنية، بل مخطط تغيير ديموغرافي قد يرتبط بعمليات تهجير أو ضغوط على السكان الأصليين.

 

الموقف العربي والدولي وردود الفعل الرافضة

ردود الفعل العربية والدولية كانت سريعة وعادةً رافضة. دول أوروبية وأطراف دولية اعتبرت أن أي خطوات أحادية لتوسيع المستوطنات في ممر E1 تمثل انتهاكًا للقانون الدولي وتغلق الباب أمام حل الدولتين. على سبيل المثال، وزارة الخارجية الفرنسية أعربت عن اعتراضها الحازم على استئناف مشروع E1، مشيرة إلى أن المشروع مجمّد منذ سنوات لاعتبارات تتعلق بآثاره على التسوية السياسية.

كذلك، تصريحات بريطانية رفيعة المستوى دانت الخطة ووصفتها بأنها «يجب إيقافها الآن»، معتبرة أن تنفيذها سيقطع الأراضي الفلسطينية ويقوّض فرص السلام.

دول عربية، وعلى رأسها الأردن وقطر ودول خليجية، أعادت التأكيد على رفضها للسياسات الاستيطانية ودعت المجتمع الدولي إلى التدخّل.

الولايات المتحدة، بحسب تقارير صحفية، كانت تاريخيًا قد وضعت قيودًا أو ضغوطًا على تنفيذ مخططات مماثلة، إلا أن التحولات السياسية داخل إسرائيل وتحالفات حكومية ذات توجهات يمينية متشددة أعادت فتح النقاش حول إمكانية المضيّ قدمًا.

هذه المتغيرات تُظهِر أن الطبيعة السياسية الداخلية في إسرائيل قادرة على تغيير وضع المشاريع المجمدة إذا توفّرت الغطاء السياسي الكافي.

 

الأبعاد القانونية والحقوقية

من وجهة نظر العديد من المنظمات الحقوقية والقانونية الدولية، يشكّل إقامة مستوطنات دائمة وبنى تحتية على أراضٍ احتلت عام 1967 مخالفة لقواعد القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.

بناءً على ذلك، يعتبر المشروع انتهاكًا لحقوق السكان المحليين ويمهّد لسياسة تغيير ديموغرافي قد تحمل طابع الطرد أو التهميش. منظمات حقوقية دولية حذّرت بأن المضيّ في المشروع سيزيد من المسؤولية الدولية تجاه معالجة آثار مثل هذه السياسات.

وأخيرا فإن مشروع A1 (E1) ليس مجرّد مشروع إسكان؛ إنه محاولة استراتيجية لتغيير الواقع الجغرافي والديموغرافي في محيط القدس، ويُنظر إليه على نطاق واسع كخطوة تُجهِض إمكان قيام دولة فلسطينية متصلة أو “حل الدولتين”.

المقاومة الفلسطينية، سواء من حماس أو من السلطة والمجتمع المدني، تصف المشروع بأنه تهجير وتطهير ديموغرافي محتمَل، فيما ترفض دول ومنظمات دولية المشروع وتعتبره انتهاكًا للقانون الدولي ويهدد فرص السلام. تبقى المعادلة مرهونة بقرارات سياسية داخلية في إسرائيل، وردود فعل دبلوماسية دولية قادرة أو غير قادرة على فرض قيود فعلية على التنفيذ.