في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، وفي وقت يهيمن فيه الصمت الدولي أو التواطؤ العلني من القوى الكبرى، تنشأ حركات شعبية عابرة للحدود كآخر خطوط الدفاع في مواجهة ما يعتبره نشطاء "مشروع إبادة ممنهج".
ومن بين هذه المبادرات، تبرز الدعوة إلى إضراب عالمي في 21 أغسطس، كمحاولة لتحويل الغضب الشعبي إلى أداة ضغط فعّالة على الحكومات والشركات الداعمة لإسرائيل.
التحرك، الذي يأتي بدعوة من الحملة العالمية لوقف الإبادة في غزة، يهدف إلى تعطيل الحياة الاقتصادية والخدماتية في عدد من الدول، كرسالة مباشرة بأن دعم الاحتلال له ثمن.
من الفعل الرمزي إلى أداة مقاومة
الدعوة إلى الإضراب تتجاوز البعد الرمزي، إذ تسعى إلى إشراك الشعوب، وليس فقط الحكومات، في مقاومة آلة القتل والحصار المفروضة على غزة.
الحملة دعت الأفراد والمؤسسات إلى الامتناع عن العمل، الدراسة، أو الأنشطة التجارية يوم الخميس 21 أغسطس، بهدف توجيه رسالة بأن السكوت لم يعد خيارًا، وأن الشعوب قادرة على التأثير.
أصوات من الميدان الرقمي: دعوات للتفاعل والمقاطعة
-
الصحفية غادة نجيب كتبت:
"غزة رأس الحربة تقف وحدها... شارك من أجل إنقاذ وطنك ونفسك وأولادك من المخطط".
🔗 رابط التغريدة
-
الفنان عمرو واكد دعا إلى المشاركة بقوة:
"علينا وقف كل شيء عن العمل في يوم الخميس ٢١ أغسطس... غزة تناديك باسم الواجب والحق، فنلبّي النداء".
🔗 رابط التغريدة
-
الصحفية سلين ساري كتبت:
"#اضراب_عام_من_اجل_غزة_٢١_اغسطس حملة بعيدة عن كل التخوفات الأمنية... فقط لا تذهب إلى عملك أو جامعتك، هذا أضعف الإيمان".
🔗 رابط التغريدة
-
الصحفي د. يسري عزيز اقترح شكلًا بديلًا وآمنًا للمشاركة:
"أأمن إضراب يمكن عمله هو حظر التجول من الساعة 5 مساءً وحتى صباح الجمعة... البقاء في المنزل هو إضراب لا يستطيع النظام معاقبتك عليه".
🔗 رابط التغريدة
دعم واسع في الدول العربية
الإضراب وجد صدًى واسعًا في عدد من الدول العربية، حيث شاركت منظمات ونقابات وشعوب بفاعلية ملحوظة:
- موريتانيا: أكثر من 60 منظمة ونقابة شاركت بالإضراب، أغلقت المدارس والأسواق، ونظّمت مسيرات نحو السفارة الأمريكية.
- الأردن والمغرب والجزائر: شهدت دعوات جماهيرية واسعة ومسيرات مرافقة للإضراب.
- الضفة الغربية: رغم القمع الإسرائيلي، التزم العديد من الفلسطينيين بالإضراب وخرجوا في مظاهرات محلية.
- نشطاء الإعلام الرقمي: لعبوا دورًا محوريًا في الحشد، مؤكدين أن التضامن لا توقفه الجغرافيا أو الرقابة.
كيف تُواجه الإبادة؟ أدوات المقاومة الشعبية
-
تصعيد المقاطعة الاقتصادية
دعم مقاطعة الشركات المتواطئة مع إسرائيل على المستويات الفردية والنقابية والجامعية، أسوة بتجارب نجحت سابقًا مثل مقاطعة نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. -
إضرابات دورية
تحويل الإضراب من حدث واحد إلى سلسلة تحركات شهرية أو متكررة مع تصاعد العدوان، ما يحافظ على زخم المقاومة. -
الضغط القانوني والدبلوماسي
رفع دعاوى أمام المحاكم الدولية والوطنية ضد مسؤولين إسرائيليين، باستخدام مبدأ الولاية القضائية العالمية لمحاكمة مجرمي الحرب. -
التوثيق الإعلامي الشعبي
مع غياب الإعلام الدولي في غزة، يتحول المواطنون والنشطاء الرقميون إلى رواة الحقيقة. نشر القصص والفيديوهات يفضح الرواية الرسمية للاحتلال. -
كسر الحصار الإنساني
تنظيم قوافل برية وبحرية لإجبار الإعلام العالمي على التغطية، ووضع الحكومات المتواطئة في موقف محرج.
التجويع كسلاح حرب
التجويع الذي يعاني منه سكان غزة ليس نتيجة جانبية للحرب، بل أداة ممنهجة لكسر الإرادة الشعبية. ومنع الغذاء والماء والدواء يُعد جريمة حرب وفق القانون الدولي.
لمواجهة هذا النهج:
- يجب إنشاء ممرات إنسانية دائمة تحت إشراف أممي وشعبي.
- فضح الحكومات المشاركة في الحصار.
- تحويل المساعدات إلى أدوات مقاومة عبر توزيعها بطرق تعزز الصمود.
الإضراب: أداة لخلق وعي عالمي
أهمية الإضراب لا تقتصر على نتائجه المباشرة، بل في قدرته على إعادة صياغة الوعي الجمعي، وتأكيد أن ما يجري في غزة ليس مجرد "نزاع" بل إبادة جماعية ممنهجة. من يصمت أو يتواطأ، يُعد شريكًا في الجريمة.
من حدث إلى حركة
قد يشكل إضراب 21 أغسطس نقطة تحوّل نحو حركة تضامن عالمية منظمة، إذا ما نجحت النقابات والمنظمات في الحفاظ على الزخم، وتحويل الغضب إلى خطة عمل مستمرة.
فالمواجهة لم تعد محصورة في ميادين القتال فقط، بل تمتد إلى:
- ميادين الاقتصاد (عبر الإضراب والمقاطعة)
- ميادين الإعلام (عبر كشف الحقيقة)
- ميادين القانون (عبر المحاكم الدولية)
- الشارع، الذي يرفض أن يصمت
المعركة إنسانية.. لا فلسطينية فقط
في وجه عدوان يستهدف الوجود الفلسطيني، تصبح مشاركة الشعوب العالمية في الإضراب أكثر من تضامن؛ إنها دفاع عن إنسانيتنا جميعًا. وكل من يتخلف عن هذه المعركة، يترك إنسانيته على قارعة الطريق.