تشهد السجون ومقار الاحتجاز في عهد عبدالفتاح السيسي، تصاعداً مقلقاً في أعداد الوفيات بين المعتقلين، في ظل اتهامات متكررة للسلطات الأمنية بانتهاج سياسات تقوم على الإهمال الطبي المتعمد والتعذيب وسوء ظروف الاحتجاز، وسط صمت رسمي وتعتيم إعلامي متواصل.
فقد أعلنت منظمات حقوقية خلال الأيام الماضية عن وفاة ثلاثة معتقلين في أماكن احتجاز مختلفة، في وقائع تعكس استمرار التدهور الخطير في أوضاع السجون.
وفاة في قنا بعد شجار مع ضابط
في محافظة قنا، توفي المواطن حازم فتحي يوم السبت الماضي داخل محبسه، وذلك عقب اعتقاله قبل أشهر على خلفية شجار مع ضابط شرطة داخل أحد المتاجر.
السلطات كانت قد أعلنت في مارس الماضي اعتقاله برفقة مساعده بزعم الاعتداء على الضابط، إلا أن وفاته داخل السجن فجرت تساؤلات جديدة حول ظروف احتجازه والمعاملة التي تلقاها.
إمام مسجد مسنّ يرحل بعد 12 عاماً من الاعتقال
بالتزامن، أعلنت السلطات عن وفاة الشيخ علي حسن عامر أبو طالب، إمام مسجد عثمان في مدينة كرداسة، عن عمر ناهز 75 عاماً داخل سجن وادي النطرون في 15 أغسطس 2025.
وبحسب منظمات حقوقية، فإن وفاته جاءت بعد تدهور حالته الصحية نتيجة سنوات من الإهمال الطبي وحرمانه من الرعاية اللازمة، وهو ما اعتُبر دليلاً إضافياً على ما تصفه هذه المنظمات بسياسة "الموت البطيء" داخل السجون.
ضحية جديدة في كفر الشيخ
كما شهدت محافظة كفر الشيخ وفاة المعتقل فريد محمد عبد اللطيف شلبي، المعروف بين الأهالي بـ"الشيخ فريد حمده شلبي"، داخل مقر قوات الأمن المركزي.
ووفق شهادات حقوقية، فقد اعتُقل شلبي منذ أسابيع قبل أن يختفي قسرياً، ثم أُعلن عن وفاته في ظروف غامضة، ما أثار اتهامات للسلطات بارتكاب "جريمة جديدة" تعكس النهج القمعي المتواصل.
أرقام صادمة منذ 2013
الأحداث الأخيرة تضاف إلى سجل طويل من الانتهاكات، إذ وثّقت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان أن عدد الوفيات داخل السجون منذ منتصف عام 2013 وحتى مطلع 2025 بلغ 1,222 حالة وفاة، معظمها نتيجة التعذيب أو الإهمال الطبي أو ظروف الاحتجاز غير الإنسانية.
أما في عام 2023 وحده، فقد سُجلت 31 حالة وفاة بين المعتقلين، بينما أحصت منظمة "حقهم" الحقوقية نحو 1,176 وفاة بين عامي 2013 و2023.
انتقادات دولية متكررة
هذه الأرقام ليست بمعزل عن تقارير دولية، فقد سبق لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" أن رصدت عشرات الوفيات داخل السجون من أبرزها وفاة الرئيس الأسبق محمد مرسي عام 2019 داخل محبسه، بعد حرمانه من العلاج لسنوات.
غياب المحاسبة
وتواجه وزارة الداخلية وعلى رأسها جهاز الأمن الوطني، اتهامات مباشرة باستخدام مقار احتجاز سرية لممارسة التعذيب بعيداً عن أي رقابة قضائية، في ظل رفض السلطات فتح تحقيقات جدية بشأن هذه الانتهاكات، ما يعمّق حالة الغضب ويؤكد غياب الشفافية والمحاسبة.