في الوقت الذي يخرج فيه المسؤولون على شاشات التلفزيون ليمطروا المواطنين بخطاب التباهي والحديث عن "إنجازات اقتصادية" وهمية، يفاجأ الناس بأن موائدهم تخلو حتى من أبسط الحقوق: قطعة لحم.
فالتطبيل الحكومي لا يُشبع جائعًا، ولا يخفف معاناة أسرة أنهكتها الأسعار.
تصريح نقيب الفلاحين الأخير أن " سعر كيلو اللحوم الحية 135 جنيهًا.. والجزارون تلاعبوا بالأسعار ورفعوها أكثر من 200 جنيه فوق سعرها الحقيقي عن السعر العادل للحوم، والذي لا يجب أن يتجاوز 300 جنيه للكيلو"، يفضح أكذوبة "استقرار السوق" التي تروج لها السلطة، ويكشف أن الجزارين يبيعون اللحم بأكثر من 420 جنيهًا، أي بزيادة لا تقل عن 200 جنيه فوق التكلفة الحقيقية.
الأدهى أن هذه الزيادة تأتي في وقت انخفضت فيه أسعار الأعلاف وتراجعت تكلفة الإنتاج، بما يعني أن المواطن كان من المفترض أن يستفيد بهبوط الأسعار، لكن النتيجة جاءت عكسية.
السوق تُدار بلا رقيب، والجزارون يفرضون أسعارًا جنونية، فيما الحكومة تتفرج، وكأنها غير معنية سوى بالتطبيل لنفسها وتكرار الشعارات عن "الحماية الاجتماعية".
المفارقة أن تصريحات نقيب الفلاحين جاءت كصفعة على وجه هذا الخطاب، لتؤكد أن ما يحدث هو "جشع" منظم يستنزف جيوب المواطنين.
ردود فعل الناس على السوشيال ميديا عكست حجم الغضب. مواطنون سخروا بمرارة فقال حساب الجوكر " نقيب الفلاحين يزف بشرى سارة للمواطنين: انخفاض كبير في أسعار الفراخ خلال أيام ابو لمعة الفشّار".
https://x.com/tamergamalhosny/status/1924087966852427909
وقال آخرون : "بقت اللحمة رفاهية للأغنياء، أما الفقير فحتى الكيلو بقايا عظم أصبح بعيد المنال".
آخرون حمّلوا الحكومة المسؤولية المباشرة، معتبرين أن صمتها على هذه الفوضى يكشف تواطؤها مع كبار التجار، وأن وعود الاستيراد وتوفير البدائل لم تكن سوى مسكنات إعلامية.
المواطن الذي يقف أمام الجزار اليوم يدرك أن شعارات السلطة عن الإصلاح الاقتصادي لم تترجم إلا في شكل فواتير أكبر على الفقراء، بينما "الفائدة" ذهبت لأصحاب النفوذ.
القضية ليست مجرد كيلو لحم يُباع بأكثر من قيمته، بل صورة مكثفة لفشل حكومة جعلت حياة الناس جحيمًا.
التباهي بإنجازات وهمية لم يمنح المواطن إلا المزيد من الجوع والإرهاق، فيما تستمر السلطة في سياساتها العمياء التي تدمر ما تبقى من قدرة الأسر على العيش الكريم.
اليوم، لم يعد السؤال عن سعر كيلو اللحم، بل عن الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية الغائبة.
حكومة لا تستطيع ضبط السوق ولا حماية المواطن، لا تملك أي شرعية في التباهي، بل تملك سجلًا من الفشل والخذلان.