تشهد الساحة السياسية المصرية واحدة من أخطر مظاهر التضييق المنهجي على المشاركة الديمقراطية، عبر استخدام ورقة التجنيد كأداة لإقصاء المعارضين من المشهد الانتخابي.
فبينما تُقدَّم الإجراءات الرسمية بوصفها تطبيقاً للقانون، يرى سياسيون وحقوقيون أن الأمر ليس سوى غطاء قانوني لسياسة ممنهجة تهدف إلى إغلاق المجال السياسي وإحكام قبضة السلطة العسكرية بقيادة عبد الفتاح السيسي على الحياة العامة.
عسكرة المجال السياسي
تتعامل مؤسسات الدولة، وفق مراقبين، مع شرط تقديم شهادة أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها كوسيلة للانتقاء السياسي، حيث يُستبعد المعارضون ممن يملكون إعفاءً رسمياً بينما يُقبل آخرون من الموالين دون تدقيق مماثل. هذا النمط يعكس عسكرة المجال المدني وتحويل مؤسسات يفترض أن تكون محايدة إلى أدوات لإقصاء الأصوات المخالفة، في ظل ما يصفه ناشطون بأنه "هيمنة وزارة الدفاع على القرار السياسي الانتخابي".
ويرى محللون أن النظام الحاكم يستخدم رمزية "الجيش" كأداة لترهيب الخصوم السياسيين، وتحويل مفهوم الخدمة العسكرية من واجب وطني إلى سلاح إداري في يد السلطة، يتم توظيفه لمنع أي منافسة حقيقية تهدد استمرار السيسي في الحكم.
أصوات المعارضة: إغلاق الباب أمام التنوع السياسي
أكد النائب السابق هيثم الحريري أن حزبه قوبل بالاستبعاد رغم تقديمه أوراق إعفاء رسمية، متهماً السلطات بتفسير القانون على نحو انتقائي لإقصاء المعارضين.
أما مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، فاعتبر أن هذا النهج رسالة واضحة بأن “البرلمان ملك السلطة لا الشعب”، وأن النظام لا يرغب في أي صوت مستقل أو نقدي تحت قبته. ويضيف أن الشباب الذين يفكرون في العمل السياسي باتوا يرون الطريق مسدوداً، ما ينذر بتفاقم العزوف السياسي وفقدان الثقة في المسار السلمي للتغيير.
القانون كأداة للقمع
من الناحية القانونية، يبدو المشهد أكثر التباساً. فبينما تؤكد أحكام قضائية على ضرورة تقديم شهادة التجنيد، يشير خبراء إلى أن استخدام هذا الشرط بشكل انتقائي يناقض نصوص الدستور المصري التي تكفل المساواة وحرية الترشح. ويرى أساتذة قانون أن النظام يستخدم القضاء الإداري أحياناً كواجهة “شرعية” لقرارات سياسية تهدف إلى تنقية قوائم المرشحين من أي عنصر معارض، مستغلًّا الغموض القانوني لفرض رقابة سياسية مقنَّعة بثوب قانوني.
ويشير مراقبون إلى أن تعدد الأحكام القضائية المتناقضة في هذه القضايا يكشف غياب الشفافية واستقلال القضاء، حيث يتم قبول بعض الطعون ورفض أخرى لأسباب غير منطقية، ما يعزز قناعة الرأي العام بأن القانون في مصر أصبح أداة في يد السلطة التنفيذية.
منظور حقوقي: انتهاك صريح لحقوق المواطنة
من جانب آخر، تؤكد منظمات حقوقية أن استخدام ورقة التجنيد لحرمان المعارضين من الترشح يمثل انتهاكاً واضحاً للحقوق السياسية التي نصت عليها المواثيق الدولية، ويكشف عن نية السلطة في خنق المجال العام وإجهاض أي محاولات لإعادة
إحياء الحياة السياسية.
الناشط الحقوقي خالد عبد الحميد وصف الأمر بأنه “تطهير سياسي ناعم” يجري تحت غطاء قانوني، قائلاً إن “النظام لم يكتفِ باعتقال المعارضين أو إسكاتهم إعلامياً، بل يسعى الآن إلى حرمانهم دستورياً من حقهم في الترشح”.
كما أشار إلى أن هذه الممارسات تتناقض مع توصيات تقارير حقوق الإنسان الدولية التي دعت مصر مراراً إلى احترام التعددية وإلغاء الشروط التعسفية التي تُستخدم كذريعة للإقصاء.
في ظل نظام السيسي: الديمقراطية في ثكنة عسكرية
في النهاية، يرى المراقبون أن الجنرال عبد الفتاح السيسي حوّل الانتخابات إلى عملية شكلية تدار من مؤسسات خاضعة للجيش والأجهزة الأمنية، بحيث لا تُترك مساحة لأي صوت معارض أو مستقل. فـ“ورقة التجنيد” ليست سوى حلقة جديدة في سلسلة طويلة من أدوات السيطرة، بدأت بتكميم الإعلام وتفريغ الأحزاب من مضمونها، وانتهت بتحويل القانون نفسه إلى سلاح سياسي لإدارة الولاء والخضوع.
وفي ظل استمرار هذه السياسات، يتضاءل الأمل في انتخابات حقيقية تمثل الشعب، بينما تبقى مصر ـ كما يصفها بعض النشطاء ـ “دولة مدنية على الورق، لكنها محكومة بقبضة عسكرية لا تسمح إلا بصوت واحد: صوت الجنرال”.
شهادات
خالد علي : " الهيئة الوطنية للإنتخابات تستبعد المهندس هيثم أبو العز الحريرى من الترشح للإنتخابات البرلمانية دون إخطاره بأسباب الاستبعاد. ومن الجدير بالذكر أن المهندس هيثم الحريرى عضو سابق بالبرلمان وتنطبق عليه كافة شروط الترشح".
الهيئة الوطنية للإنتخابات تستبعد المهندس هيثم أبو العز الحريرى من الترشح للإنتخابات البرلمانية دون إخطاره بأسباب الاستبعاد.
— Khaled Ali (@Khaledali251) October 16, 2025
ومن الجدير بالذكر أن المهندس هيثم الحريرى عضو سابق بالبرلمان وتنطبق عليه كافة شروط الترشح. pic.twitter.com/5vYrbgiLNl
الصحفي خالد داوود: "من غير المنطقي استبعاد هيثم الحريري من الانتخابات بدعوى الإعفاء من الخدمة العسكرية, خاصة أن الحريري خاض الانتخابات البرلمانية في عامي 2015 و2020، وتمت الموافقة على أوراق ترشحه بشكل قانوني في المرتين".
#مصر الكاتب الصحفي خالد داوود: من غير المنطقي استبعاد هيثم الحريري من الانتخابات بدعوى الإعفاء من الخدمة العسكرية, خاصة أن الحريري خاض الانتخابات البرلمانية في عامي 2015 و2020، وتمت الموافقة على أوراق ترشحه بشكل قانوني في المرتين. pic.twitter.com/GDvEhPLdHV
— Dr.fareselmasry (@dr_fareselmasry) October 21, 2025
وعلقت إسراء " حجم التضامن مع هيثم الحريري .. هو رسالة " اشتياق للنواب اللي بيختارهم الناس بجد في معركة انتخابية حقيقة مش تعيين بقوائم او تضبيط بالفردي مع الكبار" سيبوا الناس تحلم وتتمني حاجة تحصل بجد مش بالتمثيل والتزييف متمنعوش الصادقين #ادعم_هيثم_الحريري".
حجم التضامن مع هيثم الحريري .. هو رسالة " اشتياق للنواب اللي بيختارهم الناس بجد في معركة انتخابية حقيقة مش تعيين بقوائم او تضبيط بالفردي مع الكبار"
— مش هبطل أحلم لمصر (@Esraa2008) October 23, 2025
سيبوا الناس تحلم وتتمني حاجة تحصل بجد مش بالتمثيل والتزييف
متمنعوش الصادقين#ادعم_هيثم_الحريري
Haitham Elhariri
المحامي نجاد البرعي " مواطن قدم نفسه للتجنيد. القوات المسلحه وفق تقديرها استبعدته من التجنيدوسلمته شهاده بذلك. اشتغل بالشهاده دي وعنده كل حقوقه السياسيه وتم انتخاب كنائب في البرلمان. يقوم تيجي الهيئه الوطنيه للانتخابات تقرر استبعاده من كشوف المرشحين للانتخابات القادمه بحجه انه لم يؤدي الخدمه العسكريه".
مواطن قدم نفسه للتجنيد. القوات المسلحه وفق تقديرها استبعدته من التجنيدوسلمته شهاده بذلك. اشتغل بالشهاده دي وعنده كل حقوقه السياسيه وتم انتخاب كنائب في البرلمان. يقوم تيجي الهيئه الوطنيه للانتخابات تقرر استبعاده من كشوف المرشحين للانتخابات القادمه بحجه انه لم يؤدي الخدمه العسكريه
— Negad El Borai (@negadelborai) October 20, 2025
السياسي إسلام بهي الدين " أعبر عن قلقي البالغ ورفضي القاطع للقرارات الصادرة باستبعاد عدد من المرشحين من خوض انتخابات مجلس النواب، وعلى رأسهم الأستاذ هيثم أبو العز الحريري، النائب السابق عن دائرة (محرم بك) بمحافظة الإسكندرية، وكذلك الزميل والصديق محمد أبو الديار عن دائرة (كفر الشيخ- قلين)، وعدد آخر من الأصوات الوطنية المعارضة التي تمثل جزءًا أصيلاً من ضمير هذا الوطن وصوته الحر. إن هذه القرارات تمثل ضربة موجعة لفكرة المنافسة السياسية الحقيقية، وتقوّض ما تبقى من أمل في وجود حياة سياسية جادة تعبر عن إرادة المواطنين وتفتح الباب أمام التعددية والمساءلة. فاستبعاد الأصوات المعارضة لا يخدم استقرار الدولة، بل يضعف مؤسساتها ويعزز الإحساس بانسداد الأفق السياسي لدى فئات واسعة من الشعب المصري."
بيان هام
— Islam Bahi El-Din - إسلام بهي الدين (@IslamBahiEldin) October 20, 2025
أعبر عن قلقي البالغ ورفضي القاطع للقرارات الصادرة باستبعاد عدد من المرشحين من خوض انتخابات مجلس النواب، وعلى رأسهم الأستاذ هيثم أبو العز الحريري، النائب السابق عن دائرة (محرم بك) بمحافظة الإسكندرية، وكذلك الزميل والصديق محمد أبو الديار عن دائرة (كفر الشيخ- قلين)، وعدد… pic.twitter.com/PkailLsYjA