في مشهد غير مسبوق منذ توقيع اتفاقيات التطبيع، شهدت شوارع البحرين خلال الساعات الماضية موجة من الغضب الشعبي العارم، عقب إعلان عودة السفير الإسرائيلي إلى المنامة واستئناف مهامه الدبلوماسية بشكل رسمي.
هذا القرار فجّر حالة من الاحتقان لدى قطاعات واسعة من الشعب البحريني، التي ترى في عودة السفير تكريسًا للتطبيع مع كيان الاحتلال في ظل استمرار الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية.
 

اشتباكات عنيفة مع قوات الأمن
مع انتشار خبر عودة السفير الإسرائيلي، خرجت تظاهرات حاشدة في العاصمة المنامة وعدة مدن أخرى، رافعة الأعلام الفلسطينية ومرددة شعارات منددة بالتطبيع وخيانة القضية الفلسطينية.
المحتجون اعتبروا أن عودة السفير تمثل تحديًا صارخًا للإرادة الشعبية البحرينية، التي عبّرت مرارًا عن رفضها لأي علاقة مع الاحتلال.

التظاهرات تحولت سريعًا إلى مواجهات بعد تدخل قوات الأمن لتفريق المحتجين بالقوة، ما أسفر عن وقوع إصابات وحالات اختناق بالغاز المسيل للدموع، وفق ما تداولته صفحات معارضة على مواقع التواصل الاجتماعي.
 

 

غضب شعبي يتصاعد ضد الحكومة
الشارع البحريني يرى أن الحكومة تتجاهل تمامًا مشاعر شعبها الرافضة للتطبيع، وتصر على المضي قدمًا في علاقاتها مع إسرائيل لأسباب سياسية واقتصادية لا تعود بالنفع على المواطن العادي.
العديد من النشطاء أكدوا أن توقيت عودة السفير الإسرائيلي يُعد استفزازًا صارخًا، خاصة مع استمرار الحرب في غزة وسقوط آلاف الشهداء المدنيين.

كتب الناشط السياسي البحريني عبدالوهاب حسين عبر حسابه: "عودة السفير الإسرائيلي طعنة في خاصرة الأمة، والبحرين لن تكون جسرًا لتمرير التطبيع على حساب دماء الفلسطينيين."
 

آراء الخبراء: التطبيع في مأزق
الخبير السياسي د. سعيد الشهابي رأى أن هذه الاحتجاجات تمثل مؤشرًا على فشل مشروع التطبيع في كسب القبول الشعبي، قائلاً: "الأنظمة تستطيع توقيع الاتفاقيات، لكن الشعوب هي التي تملك الموقف الحقيقي. البحرينيون اليوم يرسلون رسالة واضحة أن إسرائيل غير مرحب بها في هذه الأرض."
وأضاف أن عودة السفير الإسرائيلي في هذا التوقيت الحساس محاولة من تل أبيب لإثبات أن علاقاتها مع الدول المطبّعة لم تتأثر بالمجازر في غزة، لكن الواقع يفضح هشاشة هذا التطبيع.

من جانبه، أكد المحلل الإقليمي عبدالله المدني أن الإصرار على العلاقات مع إسرائيل قد يجرّ البحرين إلى أزمات داخلية متصاعدة، قائلاً: "ما يحدث الآن يعكس فجوة خطيرة بين الشارع والحكومة، وهذه الفجوة مرشحة للاتساع إذا استمرت السلطات في تحدي الإرادة الشعبية."
 

التطبيع بلا قاعدة شعبية
ما جرى في البحرين يؤكد حقيقة دامغة: التطبيع بلا قبول شعبي لا يمكن أن ينجح، وأن الشعوب العربية لا تزال ترى في إسرائيل كيانًا محتلًا مهما حاولت الأنظمة تسويقه كشريك اقتصادي أو أمني.

عودة السفير الإسرائيلي للمنامة لم تكن مجرد خطوة دبلوماسية، بل كانت شرارة أشعلت الغضب في الشارع البحريني، لتعيد إلى الواجهة سؤالًا جوهريًا: هل تستطيع الحكومات الاستمرار في التطبيع في ظل هذا الرفض الشعبي العارم، أم أن موجات الغضب ستفرض معادلة جديدة في العلاقة مع الكيان الصهيوني؟