أثار رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو موجة عارمة من الإدانات العربية عقب تصريحاته الأخيرة التي لوّح فيها بخيار تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، في خطوة اعتبرها مراقبون مؤشراً خطيراً على انتقال الاحتلال من سياسة التدمير والإبادة إلى محاولة فرض التهجير القسري كأمر واقع.
وبينما سارعت السعودية وقطر والكويت والأردن وفلسطين، إضافة إلى مجلس التعاون الخليجي، إلى إصدار بيانات حازمة ترفض هذه التوجهات، حاولت القاهرة الظهور بموقف متشدد، مؤكدة أن حدودها "لن تكون بوابة للتهجير" وأن القضية الفلسطينية "خط أحمر".
لكن هذا الموقف لم يخلُ من تشكيك واسع، إذ يرى محللون أن نظام قائد الانقلاب السيسي يواصل الارتهان لضغوط وابتزاز صهيوني-أميركي، يجعله في وضع ملتبس بين خطاب الممانعة وواقع التعاون الأمني والسياسي مع الكيان الصهيوني.
السعودية: رفض لفظي على وقع التطبيع
وصفت وزارة الخارجية السعودية تصريحات نتنياهو بأنها "استفزازية ومخالفة للقوانين الدولية"، مؤكدة رفضها لاستخدام الحصار والتجويع وسيلة لفرض التهجير.
البيان شدد على دعم الرياض لمصر في موقفها، غير أن مراقبين أشاروا إلى أن هذا الموقف لا ينفصل عن مساعي المملكة للموازنة بين التزامها بمبادرة السلام العربية من جهة، ورغبتها في مواصلة مسار التطبيع التدريجي مع الكيان الصهيوني من جهة أخرى.
قطر: إفشال متعمد لأي حل سياسي
الدوحة بدورها اعتبرت تصريحات نتنياهو محاولة متعمدة لنسف أي فرص لحل الدولتين، محذّرة من أن "سياسة العقاب الجماعي والإبادة لن تجبر الفلسطينيين على ترك أرضهم".
البيان القطري شدد على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف الانتهاكات، مؤكداً أن الحل الوحيد يكمن في إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967.
الكويت: خطاب ثابت ضد التطبيع
أما الكويت، فقد رأت أن تصريحات نتنياهو "انتهاك صارخ لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف"، داعية مجلس الأمن للتدخل العاجل.
ويأتي الموقف الكويتي امتداداً لخطابها السياسي التقليدي الداعم للقضية الفلسطينية والرافض للتطبيع، ما يعزز صورتها كإحدى قلة من الدول العربية التي لم تهادن في هذا الملف.
الأردن: تهديد مباشر للأمن القومي
الموقف الأردني كان أكثر حدة، إذ وصفت عمّان تصريحات نتنياهو بأنها "جريمة حرب مرفوضة"، مشيرة إلى أن تهجير الفلسطينيين يهدد أمنها القومي مباشرة ويقوّض استقرار الضفة الغربية.
الأردن أعلن بوضوح أنه سيتصدى لهذه المخططات "بكل الإمكانيات المتاحة"، مؤكداً دعمه لمصر.
فلسطين: اعتراف رسمي بالمخططات
وزارة الخارجية الفلسطينية رأت في تصريحات نتنياهو "اعترافاً رسمياً بخطط التهجير"، محذّرة من خطورة تحميل مصر المسؤولية.
لكنها في الوقت نفسه أثنت على موقف القاهرة الرافض، رغم إدراك الفلسطينيين لحجم الضغوط والتواطؤ الدولي والإقليمي الذي سمح للاحتلال بارتكاب مجازر منذ 7 أكتوبر 2023.
مجلس التعاون: توصيف بلا آليات
الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي وصف تصريحات نتنياهو بأنها "دعوة علنية للتطهير العرقي"، لكنه اكتفى بدعوة المجتمع الدولي للتحرك.
وبدا واضحاً أن الموقف الخليجي يظل في إطار البيانات الروتينية، خصوصاً في ظل انقسام داخلي بين دول تطبّع مع الكيان الصهيوني وأخرى تكتفي بالرفض الخطابي.
مصر: بين "الخط الأحمر" وورقة الابتزاز
القاهرة شددت على أن حدودها لن تُستَخدم لتهجير الفلسطينيين، في موقف أرادت من خلاله التأكيد على أنها الحاجز الأخير أمام تمرير هذه المخططات.
لكن مكتب نتنياهو سارع لاتهامها بأنها "تفضّل سجن سكان غزة داخل القطاع".
غزة: كارثة إنسانية بلا سابقة
في موازاة السجالات السياسية، يعيش قطاع غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة: أكثر من 64 ألف شهيد و162 ألف جريح، معظمهم نساء وأطفال، إضافة إلى تسعة آلاف مفقود، بحسب الإحصاءات الفلسطينية.
كما نزح نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل 2.4 مليون، فيما لا يزال معبر رفح مغلقاً من الجانب المصري.