أثار تصريح الإعلامي مصطفى بكري بأن "أي مظاهرة أو فوضى قد تدفع الكيان الصهيوني لدخول سيناء" موجة من الاستهجان، إذ اعتبره كثيرون تعبيرًا فجًا عن خطاب التخويف الذي يتبناه إعلام النظام. هذا الخطاب – وفق محللين – لا يستهدف حماية سيناء كما يزعم، بل حماية كرسي السيسي زعيم الانقلاب، عبر ربط أي حراك شعبي بخطر خارجي وهمي.
 

غضب وسخرية النشطاء
لم تمر تصريحات مصطفى بكري دون رد فعل شعبي واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قوبلت بانتقادات لاذعة وسخرية حادة من النشطاء الذين رأوا في خطابه استهانة بقدرة الجيش المصري وتوظيفًا رخيصًا لفزاعة الكيان الصهيوني لحماية النظام.

كتبت بسنت عز الدين: "حتى بكري شايف إن الجيش كرتون ما يقدرش يدافع عن سينا لو قامت في مصر مظاهرة... مجرد مظاهرة؟".
https://x.com/basskkoota/status/1964625670937735538

فيما وصفت شيماء كلامه بالكذب والتزييف، مؤكدة أن ثورة يناير أثبتت قوة الشعب، وأن الكيان الصهيوني يخشى انتفاضة المصريين أكثر مما يفكر في دخول سيناء.
https://x.com/N_shaia_7/status/1964628232353022016

أما أحمد فذهب أبعد من ذلك بسخريته قائلًا: "والله لو احتل الكيان الصهيوني القاهرة، مصطفى بكري ثاني يوم بيصير المتحدث باسم جيش الاحتلال، ويطلع لك سرديات إنهم أبناء يوسف بن يعقوب اللي كان على عرش مصر".
https://x.com/aburawend/status/1964622640171426267

وأضافت روزي بتساؤل غاضب: "انتو ناويين على إيه يا ولاد الحرام؟ فيه حاجة بتطبخ كده".
https://x.com/Amazingrozy137/status/1964615354522476935

من جانبها، رأت سلمى أن خطاب بكري يكشف حقيقة خطيرة: "هو حتى لو في ثورة على نظام الحكم، إيه دخل الجيش بده؟ مش إحنا المفروض دولة مؤسسات؟ ولا إنت عايز تقول إن الجيش بيخدم شخص مش دولة؟"، معتبرة أن هذا إهانة للمؤسسة العسكرية التي تضم شرفاء كُثر.
https://x.com/Salmashreif437/status/1964603748405432695

أما علا فقد ربطت بين كلام بكري والتحركات الصهيونية الأخيرة، مشيرة إلى أن ما قاله يفضح ضغوط رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو واستغلاله هشاشة وضع السيسي زعيم الانقلاب: "كده بكري بيشرح لنا ما يحدث في الكواليس... والسيسي مش واثق من نفسه ولا من جيشه".
https://x.com/Ogypte/status/1964581401942208521

في قراءة تحليلية، يرى الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، أن ردود الأفعال الشعبية الساخرة والغاضبة تكشف عن فقدان النظام وإعلامه لشرعية الخطاب، مشيرًا إلى أن مثل هذه التصريحات تعكس خوف السلطة من أي حراك جماهيري.
ويضيف أن بكري لا يوجه حديثه للشعب بقدر ما يحاول تبرير فشل السيسي زعيم الانقلاب في إدارة الدولة عبر صناعة أعداء وهميين، وهو ما يفضح اتساع فجوة الثقة بين النظام والمجتمع.
 

فزاعة الخطر الخارجي
يرى المحلل السياسي عمار علي حسن أن بكري يعيد تدوير خطاب قديم يقوم على "شيطنة المعارضة وربطها بالمؤامرات"، مؤكدًا أن الهدف الحقيقي ليس منع الكيان الصهيوني، بل منع الشعب من النزول إلى الشارع.
ويضيف أن ربط المظاهرات باحتلال سيناء "حيلة مكشوفة" لتخويف الناس وإبقاء السيسي في السلطة، في وقت تتفاقم فيه الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
 

سيناء ورقة في يد النظام
المحلل ممدوح الولي يؤكد أن تصريحات بكري تكشف التناقض الصارخ للنظام؛ فسيناء التي يتذرعون بحمايتها تعاني منذ سنوات من التهجير والاستثمارات الإماراتية والصهيونية المشبوهة.
ويشير إلى أن "من فرّط في تيران وصنافير وفتح أبواب التطبيع ليس مؤهلاً لاتهام المتظاهرين بتهديد الأمن القومي"، لافتًا إلى أن التخويف من فقدان سيناء مجرد ستار يخفي إخفاقات السيسي ونظامه.
 

حماية الكرسي لا حماية الأرض
يرى الأكاديمي حسن نافعة أن النظام يستخدم سيناء كذريعة لإسكات أي حراك شعبي، مشيرًا إلى أن ما يخشاه السيسي زعيم الانقلاب ليس الكيان الصهيوني بل الشعب المصري.
ويضيف نافعة أن "الاحتجاجات لا تهدد الأمن القومي، بل السياسات الكارثية هي التي تفعل ذلك"، لافتًا إلى أن المليارات التي أُهدرت في العاصمة الإدارية، بينما غرق المواطن في الديون والفقر، هي أكبر تهديد لمصر، لا المظاهرات السلمية.
 

خطاب الأزمة وانكشاف السلطة
يقول المحلل السياسي محمود رفعت إن لجوء إعلاميي النظام إلى فزاعة الكيان الصهيوني يعكس مأزق السلطة، فهي عاجزة عن تقديم أي حلول حقيقية للأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
ويضيف أن تصريحات بكري "إقرار ضمني بأن النظام لا يملك سوى القمع والتخويف للبقاء"، مؤكدًا أن هذه اللغة لن تحمي السيسي من الغضب الشعبي، لأن المصريين باتوا يدركون أن الخطر الحقيقي يأتي من الداخل، من حكم فاسد يبدد الثروات.

في النهاية، تكشف تصريحات مصطفى بكري عن جوهر خطاب إعلام السيسي زعيم الانقلاب: حماية الكرسي لا حماية سيناء. فالمحللون مجمعون على أن تخويف الناس من المظاهرات بذرائع خارجية ما هو إلا محاولة لإدامة حكم فقد شرعيته الشعبية، بينما تبقى سيناء نفسها شاهدة على سياسات فاشلة أفقدت المواطن ثقته في وعود النظام.