منذ أيام تحوّل بيت عائلة بمدينة خان يونس إلى رماد جراء قصفٍ مدوٍ، راح ضحيته تسعة أطفال. الناجي الوحيد من هذه المأساة كان آدم النجار، ابن الطبيبة آلاء النجار، التي كانت في عملها في المستشفى حين وقع الهجوم، إلى جانب والدها الذي أصيب بشدة وتوفي بعد أيام .
أكُتل هؤلاء الأطفال الذين تراوحت أعمارهم بين ستة أشهر و12 عامًا، وبقي آدم وحده، الجريح المثخن بالندوب، يسقطه الألم ويغطسه في بحور الحزن مبكرًا.
سهم القصف يصيب الطفولة في مقتل
قصة آدم ليست حالة معزولة. العديد من الأطفال الفلسطينيين يعيشون لحظات مماثلة كل يوم. مثال على ذلك:
سوار عبد الهادي، البالغة من العمر عامين فقط في مخيم البريج، ظلت نائمة مع أسرتها حول طاولة الغداء حين سقط الصاروخ، وقتل الوالدان وأشقاؤها الثلاثة. سوار نجت بصعوبة، محاطة بالحقد والدمار.
بينما في رفح، وُلد رضيع — لم يتم ذكر اسمه في المصادر — بعد أن قُتلت والدته الحامل وعائلتها في غارة جوية. تم إنقاذه عبر عملية قيصرية طارئة، ليبقى الوحيد حياً من بيتٍ تفحم بعدما انهار بالكامل.
تفاصيل «الناجين الوحيدون» تكشف حجم الألم
هناك قصص أخرى تبرز حجم الدمار الذي يطال الأسر الفلسطينية:
ياسر توتة، طفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات، قضت أمه وأبوه وأخوه في غارة، ليجد نفسه وحيدًا تحت رعاية جدّته بعد أيام من العلاج في المستشفى .
كل هذه القصص تؤكد أن الأطفال في غزة لا يكبرون فقط في ظل الحصار، بل تنمو فيهم الآلام مبكرًا، وتُستولد فيهم ندوب نفسية وجسدية لا ترحم.
ما بين الجوع والصمت الدولي
في الوقت نفسه الذي يموت فيه الأطفال فتية بسبب القصف، يرتفع عدد الجياع في غزة.
حيث أدى الحصار وتدمير البنية التحتية إلى تفشي حالات سوء التغذية بين الأطفال، بحيث بات الغذاء هدفًا خطيرًا.
حادثة قُتل فيها طفلان قرب محطة توزيع مياه أثناء حمل سوائل لعائلتهم؛ مشهدٌ صادم لمسعى البقاء في عالم تحوّل فيه إنقاذ حياة طفل إلى مغامرة مميتة .
وسط هذه المآسي، يبقى النداء العالمي للصمت. الأطفال كآدم أو سوار أو رضيع رُزق بصدفة، أضحوا شهودًا على أن العالم لا يكترث إلا لعدد الضحايا، لا للأسى المتكرر في كل قلب يتوقف قبل أوانه.
هل من خلاص لأطفال فلسطين؟
قصة آدم لا تنتهي ولكنها تُفتتح على سؤالٍ أخطر: ما مصير الطفولة هناك؟ هل يستمر العالم في التغاضي، أم يُنقذ طفلًا على الأقل؟
هؤلاء الأطفال يحتاجون لبيت آمن، غذاء يكفي، طبابة، وذكرى تحفظها المؤسسات.
يحتاجون لأن نصوغ روايتهم من المأساة إلى القوة والإرادة.
يحتاجون أن نذكر الجميع: قتل طفل هو جريمة لا ينبغي أن تؤرخ كرقم، بل كقصة حية تنذِر بإنسانية مهدّدة.
آدم وسوار ورضيع لا اسم له، ليسوا رموزًا فحسب بل صرخات إنسانية أعادتنا إلى الأساس: الأطفال هم من ينبغي أن يعيشوا، وليس الضحايا الذين لا يُسمع صداهم على رؤوس الجبال.