في ظل التدهور المريع في الوضع الأمني والإنساني في السودان، يشهد الجيش الوطني دفعة قوية في عملياته العسكرية في مناطق حيوية، أبرزها كردفان، في مقابل تصعيد خطير من قبل قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي.
وفي ذات الوقت، تتفاقم الأوبئة، الكوليرا والحميات، لتضرب بقوة في درافور بينما حمى الضنك تضرب سكان الخرطوم، ما يفاقم الأزمة المحتدمة منذ أكثر من عامين.
 

توسيع العمليات العسكرية للجيش في كردفان
في خطوة استراتيجية مهمة، يوسع الجيش السوداني عملياته في ولاية نورد كردفان، خصوصًا في مدينة الأبيض (الرباط الأبيض)، عاصمة المنطقة.
وقد لقيت هذه التحركات تقديرًا واسعًا كجهود لتأمين خطوط الإمداد والطرق الحيوية بعيدًا عن سيطرة الدعم السريع.
تراجُع نفوذ الدعم السريع في تلك المنطقة يوفّر مساحة مهمة للجيش لمزيد من التوغل الأمني، بما يسهم في استعادة الاستقرار تدريجيًا.
 

التصدي لهجوم الدعم السريع على الفاشر
منذ مايو 2024، تخضع مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في شمال دارفور، لحصار متواصل من قبل RSF. وقد شُنَّ هجوم مدفعي وصاروخي على المدينة ومخيمات النزوح المحيطة، مثل مخيم أبو شوك، ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى بين المدنيين.
وأفادت تقارير حديثة بأن الجيش نجح في صد هجوم واسع نفذته ميليشيات الدعم السريع بغطاء جوي ومدفعي، محققًا خسائر مادية بشرية معتبرة في صفوفها ومُظهرًا قدرة الجيش على الدفاع عن المدنيين وحمايتهم من الاعتداءات البربرية.

وأفاد شهود عيان بأن قوات "الدعم السريع" استأنفت قصفها على الأحياء السكنية بالمدافع والمسيرات الانتحارية منذ ساعات ، مما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص وأصيب نحو 10 آخرين، منهم ثلاثة توفوا متأثرين بجراحهم في المستشفى السعودي بمدينة الفاشر.
 

ارتفاع وفيات الكوليرا إلى 423 في دارفور
الأزمة الإنسانية باتت تتفاقم مع تسجيل أكثر من 423 حالة وفاة بسبب تفشي الكوليرا في درافور، وتحديدًا في الفاشر والمخيمات المحيطة، نتيجة انقطاع المياه الصالحة وشح الكادحين والمواد الطبية اللازمة.
تفشي المرض يعكس سياسات ممنهجة لإفقاد المجتمعات الضعيفة قدراتها على الصمود.
 

وباء الضنك
أما في ولاية الخرطوم فتواصل حمى الضنك انتشارها الوبائي، بخاصة في محليتي أم درمان وأم بدة، وشكا المواطنون الذين يقطنون هذه المناطق من تفشي هذه الحمى القاتلة منذ فترة ترجع إلى ما قبل تحرير ولاية الخرطوم في "حرب الكرامة"، إذ حصد هذا المرض عشرات المواطنين، وكشفت تقارير مخبرية عن ارتفاع كبير في نسبة الإصابة بحمى الضنك والملاريا بتلك المحليات.

وعزا عدد من الأطباء والكوادر الصحية بالمستشفيات الانتشار الواسع لحمى الضنك إلى لتأخير تنفيذ حملات الرش للقضاء على البعوض والحشرات الناقلة للمرض، التي تكاثرت بصورة مخيفة بسبب برك المياه الراكدة جراء الأمطار الغزيرة التي هطلت أخيراً بالولاية ومحلياتها المختلفة، إلى جانب عدم توفر العلاج اللازم الأمر الذي اضطر المواطنين إلى اللجوء للعلاجات العشبية والتقليدية البديلة مثل عصير اليقطين (القرع البلدي) والتبلدي.

وفي النهاية فالجيش السوداني يجمع بين القوة العسكرية والشرعية الدولية، محققًا انتصارات تدريجية في الجبهات مثل كردفان والدفاع عن الفاشر، ومستعيدًا بعضا من دور الدولة الشرعي.
في المقابل، تستمر قوات الدعم السريع في زراعة الدمار—عسكريًا وصحيًا—مما يحوّل الحرب ضد الجيش إلى حرب ضد الشعب ذاته.