كشف القيادي البارز في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، موسى أبو مرزوق، عن تفاصيل مهمة تتعلق بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي، مؤكداً أن عملية التبادل ستنطلق يوم الإثنين المقبل ضمن المرحلة الأولى من الاتفاق الذي دخل حيّز التنفيذ ظهر الجمعة.

جاءت تصريحات أبو مرزوق خلال مقابلة تلفزيونية تناول فيها ملامح الاتفاق الميدانية والسياسية، وموقف الحركة من الدور الأمريكي والمستقبل السياسي لغزة، مؤكداً أن حماس "تتعامل مع المرحلة الجديدة بعقلانية ومسؤولية وطنية"، وأن هدفها الأول هو تثبيت وقف إطلاق النار وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني بعد حرب مدمّرة استمرت عامين.

 

عدم إضفاء طابع احتفالي أو عسكري

أوضح أبو مرزوق أن الحركة قررت عدم إقامة أي احتفالات أو مظاهر عسكرية أثناء تنفيذ عملية تبادل الأسرى، حرصاً على أن تبقى العملية في إطارها الإنساني والسياسي، بعيداً عن أي استعراض ميداني. وشدد على أن ملف الأسرى كان أحد الذرائع التي استخدمها رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، لتبرير استمرار الحرب على غزة، مؤكداً أن "حماس تدير هذا الملف من موقع قوة وليس ضعفاً"، وأن لديها أوراقاً تفاوضية مهمة لم تُكشف جميع تفاصيلها بعد.

 

انسحاب إسرائيلي غير مكتمل

وفي حديثه عن الوضع الميداني، انتقد أبو مرزوق طريقة انسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة، موضحاً أن القوات الإسرائيلية انسحبت حتى "الخط الأصفر" لكنها ما تزال تسيطر على 53% من مساحة القطاع. وأضاف أن "خطوط الانسحاب وُضعت بشكل عشوائي وغير دقيق"، مؤكداً أن الحركة لن تقبل ببقاء قوات الاحتلال في أي موقع داخل غزة.

وأشار إلى أن "المرحلة الحالية حساسة وتتطلب متابعة دقيقة لتطبيق الاتفاق"، مشيراً إلى أن المقاومة تراقب تحركات الاحتلال ميدانياً لضمان عدم خرق وقف إطلاق النار أو فرض وقائع جديدة على الأرض.

 

دور أمريكي مراقب

وفيما يتعلق بالدور الأمريكي، كشف القيادي في "حماس" أن الولايات المتحدة أرسلت فريقاً عسكرياً لمراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، لكنه أوضح أن هذا الفريق "لن يتموضع داخل غزة، بل سيكون في الأراضي المحتلة داخل إسرائيل"، في إشارة إلى أن وجوده سيكون رمزياً وتنسيقياً أكثر من كونه ميدانياً.

وشدّد أبو مرزوق على أن حركته ترفض أي وجود أجنبي على الأرض الفلسطينية، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني قادر على إدارة شؤونه بنفسه دون وصاية أو رقابة من الخارج.

 

رؤية سياسية لما بعد الحرب

وتحدث أبو مرزوق بإسهاب عن رؤية حماس للمستقبل السياسي في ضوء وقف الحرب، قائلاً إن "المرحلة المقبلة ستكون مرحلة بناء مشروع وطني موحد"، داعياً إلى عقد لقاء وطني شامل يضم جميع القوى والفصائل الفلسطينية "للتوافق على القضايا الكبرى وصياغة رؤية جامعة للمستقبل".

كما أشار إلى أن هناك مناقشات حول وجود قوات حفظ سلام في كلٍّ من غزة والضفة الغربية، لكنه شدد على أن هذا الملف يجب أن يكون خاضعاً للتوافق الوطني الفلسطيني وليس لقرارات خارجية.

وأوضح أن قرار الحركة قبول خطة وقف إطلاق النار التي رعتها واشنطن ووافقت عليها عدة أطراف دولية، جاء انطلاقاً من المصلحة العليا للشعب الفلسطيني، مضيفاً:

"حماس لن تقرر مصير الشعب الفلسطيني بمفردها، فالمسؤولية جماعية، والقرار يجب أن يكون نابعاً من إرادة وطنية موحدة".

 

بنود الاتفاق ودور الوسطاء

وفي ما يتعلق ببنود الاتفاق، أشار أبو مرزوق إلى أن المرحلة الأولى تشمل تبادل الأسرى الأحياء خلال 72 ساعة من تصديق الاحتلال على بنود الاتفاق، وفق ما أكدته وثيقة هيئة البث العبرية الرسمية.

كما تنص الاتفاقية على أن تسلّم حماس المعلومات المتعلقة بالأسرى القتلى إلى آلية مشتركة تُدار بإشراف قطر ومصر وتركيا واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ما يعكس اتساع دائرة الوسطاء لضمان تطبيق الاتفاق بشكل متوازن.

 

موقف الفصائل الفلسطينية

وفي سياق متصل، أصدرت حركات حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بياناً مشتركاً أكدت فيه رفضها القاطع لأي وصاية أجنبية على قطاع غزة، معتبرة أن "إدارة القطاع وتحديد شكل مؤسساته شأن فلسطيني داخلي بحت يقرره أبناء الشعب الفلسطيني أنفسهم".

ورغم رفضها السياسي للوصاية، أعلنت الفصائل انفتاحها على الدور العربي والدولي في مجالات إعادة الإعمار والتنمية والتعافي الاقتصادي، شريطة ألا يمسّ هذا الدور السيادة الوطنية أو القرار الفلسطيني المستقل.

وأكد البيان أن "إعادة بناء غزة ليست مهمة إنسانية فحسب، بل هي معركة سياسية للحفاظ على حق الفلسطينيين في أرضهم وقرارهم".

ختاما تأتي تصريحات موسى أبو مرزوق في وقتٍ تتجه فيه الأنظار إلى اليوم الإثنين، حيث يُتوقع أن تبدأ أولى مراحل تبادل الأسرى بين المقاومة والاحتلال، وسط أجواء من الترقب والحذر، فيما تتواصل النقاشات السياسية حول مستقبل إدارة غزة بعد الحرب.

وبينما يرى مراقبون أن الاتفاق يمثل نقطة تحول سياسية وميدانية في مسار الصراع، فإن تطبيقه على الأرض سيبقى الاختبار الحقيقي لقدرة الوسطاء على ضمان الالتزام والتوازن بين الطرفين.