على الرغم من أن البرلمان بغرفتيه –مجلس النواب والشيوخ – لا يقوم بدوره المنوط به، ولا يملك أن يمارس دوره الرقابي على الحكومة وأجهزتها التنفيذية، فضلاً عن أن يتجاوز دوره الشكلي المراد به تجميل وجه الانقلاب، والتظاهر على غير الحقيقية بأن هناك ديمقراطية في مصر، لكنه يبقى أخطر الأدوات التي يمتلكها نظام الفرد الواحد لتعزيز سلطاته، وقمع أي معارضة قد تهدد بقاءه.

بموجب الدستور الذي مرره الانقلاب في عام 2019، ينص قانون مجلس الشيوخ على أن رئيس الجمهورية يعين ثلث أعضاء المجلس بعد إعلان نتيجة الانتخاب وقبل بداية دور الانعقاد، مع مراعاة ضوابط، منها: عدم تعيين عدد من الأشخاص ذوي الانتماء الحزبي الواحد يؤدي إلى تغيير الأكثرية النيابية في المجلس.

وألا يعين أحد أعضاء الحزب الذي كان ينتمي إليه الرئيس قبل توليه مهام منصبه، وألا يعين شخصًا خسر انتخابات مجلس الشيوخ في الفصل التشريعي ذاته، علاوة على أنه يتم تخصيص 10من المقاعد على الأقل للمرأة.

 

"مكافأة" لخدمة الانقلاب

على ضوء هذا الاختصاص، جاءت التعيينات التي أقرها قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي اليوم باختيار 100 عضو لمجلس الشيوخ لتثير المزيد من الانتقادات له، والسخرية من طريقة الاختيار التي يرى مراقبون أنها اعتمدت في الأساس أسلوب "المكافأة" لأولئك الذين أدوا دورهم بامتياز في خدمة الانقلاب.

فالكثير ممن وقع الاختيار عليهم لا يُعرف عنهم القيام بدور سياسي، أو الاهتمام بالسياسة من قريب أو بعيد، ولا يملكون المؤهلات اللازمة لعضوية مجلس الشيوخ، بينما بدا واضحًا أن جواز مرور هؤلاء يعتمد في الأساس على درجة قربهم للأجهزة الأمنية ورضاهم عنها دون أي معايير موضوعية.

 

أبرز المعينين لمجلس الشيوخ

وضمت قائمة الأسماء المعينة في مجلس الشيوخ: شوقي علامي مفتي مصر السابق؛ عبدالسند يمامة رئيس حزب الوفد، ياسر عمر رئيس حزب الشعب الجمهوري، السيد عبد العال، رئيس حزب التجمع، باسل عادل، رئيس حزب الوعي، محمد أبو العلا رئيس الحزب العربي الناصري، عصام خليل رئيس حزب المصريين الأحرار، ناجي الشهابي رئيس حزب الجيل الديمقراطي، وحسين أحمد حسين أبو العطا، رئيس حزب المصريين.

كما تم عبد الهادي القصبي نائب رئيس حزب مستقبل وطن رئيس الهيئة البرلمانية للحزب، وأحمد العوضي، نائب رئيس حزب حماة الوطن، وميرال الهريدي من حزب حماة الوطن.

إضافة إلى عدد من الفنانين بينهم الممثل ياسر جلال (الذي أدى دور السيسي في مسلسل الاختيار 3)، والمخرج خالد جلال، والروائي أحمد مراد، والإعلاميين ياسر عبدالعزيز، ومحمود مسلم، ومحمد شبانة، وعماد خليل وسيف زاهر.

وشملت التعيينات أيضًا عددًا من الوزراء السابقين، من بينهم وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي، ووزيرة الاستثمار الأسبق سحر نصر، ووزير البترول الأسبق أسامة كمال.

وتم تعيين يوسف السيد يوسف عامر، الأستاذ بجامعة الأزهر الذي ترأس لجنة الشؤون الدينية في مجلس الشيوخ، محمد أحمد عمر هاشم، نجل عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الذي توفي في الأسبوع الماضي، والشيخ أحمد ترك.

وضمت قائمة المعينين: الدكتورة نورهان الشيخ أستاذة العلوم السياسية، والمستشار حسني حسن عبد اللطيف أبوزيد الرئيس السابق لمحكمة النقض، والسفير حاتم عزيز سيف النصر، ومحمد لطفي إبراهيم لطفي أستاذ المخ والأعصاب، ومحمد حسام الدين السيد الملاحي الأستاذ في طب الأسنان.

 

ياسر جلال بطل "الاختيار"

لعل أكثر ما استغراب وسخرية كثيرين من بين أسماء المعيين منصات التواصل الاجتماعي، هو اختيار الممثل ياسر جلال، فيما اعتبر مكافأة له على قيامه بدور السيسي في مسلسل (الاختيار 3)، وهو ما يعكس إلى حد كبير العقلية الأمنية التي تفرض اختياراتها على المصريين دونما اشتراط وجود المؤهلات اللازمة.

وكتب مراد علي، المستشار الإعلامي لحزب "الحرية والعدالة" عبر حسابه على منصة "إكس"، قائلاً: كنت اظنها "نكتة" عندما تم تسريب الخبر عن نية تعيين ياسر جلال عضواً في مجلس الشيوخ".

وأضاف: "المفترض أن مجلس الشيوخ يضم الخبراء الذين لديهم خلفيات فنية وتجارب. فما هو سجل الفنان ياسر جلال غير أدائه دور الفريق السيسي في مسلسل الاختيار؟ فحتى في مجال التمثيل، لا يُعد الرجل من الصف الأول للفنانين.

وتابع: "مصر تعيش حقبة تجاوزت حدود العقل، حيث أصبح متخذ القرار لا يعبأ بأبسط المنطق والعقل، بل يدير الشأن العام بعقلية الملكية الخاصة..".

 

 

وعلق الناشط المعارض، هيثم أبو خليل عبر حسابه في منصة "إكس" ساخرًا: "لماذا لم يتم تعيين دينا وفيفي عبده ورامز جلال وحمو بيكا وشاكوس في مجلس الشيوخ؟!".

 

 

وسخر الدكتور يحيى غنيم، استشاري الجراحة في حسابه عبر منصة "إكس" من اختيار جلال، قائلاً: "والله ياجماعة دى قلة قيمة! بعد ماكان رئيس جمهورية وزعيم يخلوه عضو مجلس شيوخ؟".

وتابع: أنا أقترح حفاظا على قيمة الرئيس ياسر جلال أنه: يظل رئيسا شرفيا طول العمر، ويمنع من التمثيل حتى لاتضيع هيبته، ولايسند إليه أى منصب، أرأيتم كيف منعت إيران من قام بدور يوسف الصديق من التمثيل حتى لاتضيع الهيبة؟".