شنّ الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو هجوماً حاداً على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، متّهماً إياه بالتواطؤ في "الإبادة الجماعية" التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وواصفاً صمْت المجتمع الدولي بـ"العار الأخلاقي والإنساني".

وجاءت تصريحات بيترو ردّاً على ما قاله ترامب مؤخراً حول أن "إسرائيل استخدمت الأسلحة الأمريكية بشكل جيد"، وهي عبارة أثارت موجة غضب عالمية، خصوصاً في ظلّ التقارير الموثقة التي تشير إلى أن العدوان الإسرائيلي على غزة خلّف عشرات الآلاف من القتلى والجرحى بين المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال.

وقال الرئيس الكولومبي في مؤتمر صحفي عقده في نيويورك على هامش مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة:

"تسليم الأسلحة لإسرائيل بينما كان نتنياهو يرتكب إبادة جماعية ليس أمراً يستحق التصفيق، إنه تواطؤ واضح. ما هو الاستخدام الجيد للأسلحة عندما تتسبب في قتل 70 ألف إنسان وجرح 200 ألف آخرين؟"

وأضاف بيترو بنبرة غاضبة: "الإبادة في الماضي ارتبطت بهتلر والحرب العالمية الثانية، أما اليوم فنحن نشهد إبادة جديدة تُنفَّذ أمام أعين الأمم المتحدة، وترامب لا يتحدث عن الحياة، بل عن الموت. إنه يشارك في قتل عشرات الآلاف من الأبرياء."

 

اتهامات مباشرة لترامب والإدارة الأمريكية

وفي تصعيد جديد، اتهم بيترو الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالضلوع المباشر في "حرب الإبادة في غزة"، قائلاً إن "إدارته السابقة أرست الأسس السياسية والعسكرية التي سمحت بتغوّل الاحتلال الإسرائيلي، وتجاهلت عمداً كل التقارير الحقوقية الدولية".

وأشار إلى أن "الولايات المتحدة، التي تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان، تمارس ازدواجية فاضحة في المعايير عندما يتعلق الأمر بإسرائيل"، مضيفاً:

"كيف يمكن للعالم أن يتحدث عن العدالة بينما أكبر الدول تساند آلة القتل؟ الأمم المتحدة أصبحت شاهداً صامتاً على الجرائم، وكأن الإنسانية فقدت ضميرها".

 

دعوة لتشكيل جيش دولي لتحرير فلسطين

وفي وقت سابق دعا الرئيس الكولومبي إلى تشكيل جيش دولي لتحرير فلسطين، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني "يُترك وحيداً في مواجهة واحدة من أعتى الآلات العسكرية في العالم"، وأن "السكوت عن ذلك يعني المشاركة في الجريمة".

وقال بيترو في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: "لقد آن الأوان لأن يتحرك العالم الحر، لا بالكلمات، بل بالفعل. يجب أن يكون هناك جيش دولي للسلام، لتحرير فلسطين، وإنهاء الاحتلال الذي لطّخ وجه الإنسانية لعقود طويلة."

 

اتهامات إضافية ضد واشنطن

ولم تقتصر انتقادات بيترو على الملف الفلسطيني، بل وسّع دائرة الاتهام لتشمل العمليات العسكرية الأمريكية في البحر الكاريبي، حيث اتهم ترامب بإصدار أوامر مباشرة لقصف قوارب زُعم أنها لمهرّبي مخدرات، قائلاً إن القصف أسفر عن مقتل "شبان فقراء كانوا يحاولون الهروب من البؤس".

وأضاف: "ما يحدث في البحر الكاريبي يذكّرنا بما يحدث في غزة. القذائف تسقط على العزّل، على شباب لم يرتكبوا سوى أنهم أرادوا حياة كريمة. هذه الجرائم لا يمكن السكوت عنها، ويجب محاسبة من أصدر الأوامر، مهما كان منصبه."

 

ردود فعل دولية

تصريحات بيترو أحدثت صدى واسعاً في الأوساط الدبلوماسية، إذ رحبت بها منظمات حقوقية دولية اعتبرت أن الرئيس الكولومبي "عبّر عن ضمير الإنسانية الحر"، فيما انتقدتها أطراف أخرى رأت فيها "تدخلاً سافراً في شؤون الدول" و"تصعيداً غير مبرر ضد واشنطن".

ومع ذلك، لا يبدو أن بيترو يعتزم التراجع عن مواقفه، إذ أكد في ختام كلمته أن "العدالة لا تُصنع بالسكوت، بل بالمواجهة"، مضيفاً: "سنقف إلى جانب الشعب الفلسطيني حتى يتحقق السلام الحقيقي، سلام الحرية والكرامة، لا سلام القبور."

 

مواقف مبدئية ودعم صريح لفلسطين

يُعرف الرئيس غوستافو بيترو بمواقفه الجريئة المناهضة للهيمنة الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، إذ كان من أوائل القادة اللاتينيين الذين أدانوا العدوان على غزة بشكل علني، وشارك بنفسه في مظاهرات بشوارع نيويورك تنديداً بجرائم الاحتلال.

كما أعلن في وقت سابق قطع العلاقات الدبلوماسية مع "الكيان الصهيوني"، وأمر بوقف أي تعاون أو تصدير أسلحة إليه، في خطوة غير مسبوقة على مستوى دول أمريكا اللاتينية. واعتبر أن "من يتعامل مع إسرائيل في هذه اللحظة، إنما يشارك في الجريمة ضد الإنسانية".