على مدار سنوات طويلة تحول معبر رفح إلى بوابة لسجن كبير يقبع فيه أكثر من مليون ونصف مليون فلسطيني، في ظل القيود المفروضة على التنقل من خلاله، وعدم السماح بالخروج أو الدخول منه إلا بموافقة الكيان الصهيوني.
ظل المعبر الذي يعد المنفذ الوحيد للغزيين على العالم الخارجي، عنوانًا للحصار الذي فرضته سلطات الاحتلال على القطاع منذ سيطرت "حماس" على غزة في عام 2007، في ظل الإجراءات المشددة على عملية الانتقال من وإلى غزة عبر المعبر.
إذ ليس من السهل على الفلسطينيين مغادرة غزة عبر رفح، لأنه يتعين عليهم التسجيل لدى السلطة الفلسطينية قبل أسبوعين إلى أربعة أسابيع، وقد تُرفض طلباتهم بناءً على اعتراض الكيان الصهيوني، الذي يراجع قوائم المسافرين عبر المعبر يوميًا.
غلق تام للمعبر
وعقب اندلاع حرب السابع من أكتوبر 2023، قصف جيش الاحتلال المعبر، وفرض سيطرته التامة عليه، بعد طرد المسؤولين في الجانب الفلسطيني، وأصبح الدخول والخروج منه شبه مستحيل، إلا في حالات استثنائية، مثل السماح للمرضى بالمغادرة إلى مصر، أو إدخال مساعدات إنسانية.
وقد استبشر الفلسطينيون خيرًا عقب التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بشرم الشيخ في الأسبوع الماضي عقب المفاوضات غير المباشرة بين "حماس" والكيان الصهيوني، والذي يضمن حرية الحركة والتنقل عبر المعبر.
وقالت سفارة فلسطين في القاهرة الوم، إنه "بعد التواصل مع الجهات ذات الاختصاص في مصر، فإن معبر رفح البري سيفتح ابتداءً من يوم الإثنين القادم الموافق 20 أكتوبر الجاري، لتمكين المواطنين الفلسطينيين المقيمين في مصر والراغبين بالعودة إلى قطاع غزة من السفر، وفق آلية التنسيق المعمول بها".
وطلبت السفارة من المواطنين الراغبين بالسفر لتسجيل بياناتهم على أن تقوم لاحقا بالتواصل مع المواطنين وإبلاغهم بمواعيد وأماكن التجمّع تمهيدًا للتحرك تجاه معبر رفح البري.
إغلاق المعبر حتى إشعار آخر
لكن سرعان ما أعلن مكتب رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، أن إعادة فتح معبر رفح ستتمّ فقط بعد أن تسلم حركة "حماس" جثث جميع المحتجزين القتلى التي لا تزال في قطاع غزة.
وقال المكتب في بيان "أوعز رئيس الوزراء نتنياهو بإبقاء معبر رفح مغلقًا حتى إشعار آخر".
وأضاف: "سيتم النظر في إعادة فتحه وفقا لكيفية وفاء حماس بالتزاماتها في إعادة الرهائن وجثث القتلى، وتنفيذ الشروط المتفق عليها لوقف إطلاق النار".
في المقابل، اتهمت "حماس"، نتنياهو بخرق اتفاق وقف إطلاق النار، وذلك على خلفية قراره منع فتح معبر رفح الحدودي حتى إشعار آخر، معتبرة أن القرار يمثل تنكرًا واضحًا للالتزامات التي تعهّد بها أمام الوسطاء والجهات الضامنة.
وقالت الحركة في بيان مساء اليوم، إن استمرار إغلاق المعبر يُفاقم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، حيث يُمنع خروج الجرحى والمرضى، كما تُعطّل عمليات البحث عن المفقودين تحت الأنقاض، بسبب منع إدخال المعدات والتجهيزات اللازمة، وحرمان الفرق المختصة من الوصول لتحديد هوية الجثث.
47 خرقًا لاتفاق وقف إطلاق النار
واتهمت "حماس"، الاحتلال الإسرائيلي أنه ارتكب حتى الآن أكثر من 47 خرقًا موثقًا لبنود الاتفاق، أسفرت عن استشهاد 38 فلسطينيًا وإصابة 143 آخرين، معتبرة أن هذه الانتهاكات تعكس نوايا عدوانية واضحة واستمرارًا لسياسة الحصار بحق أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة.
ودعت الحركة الوسطاء والجهات الضامنة إلى التحرك العاجل والضغط على إسرائيل لفتح معبر رفح فورًا، وضمان التزامها الكامل ببنود الاتفاق ووقف ما وصفته بالجرائم المستمرة بحق الشعب الفلسطيني.