في وقت تزداد فيه الأزمات الاقتصادية في مصر، يتزايد التساؤل حول سبب إخفاء الحكومة لبيانات نسب الفقر منذ عام 2021، بعدما سجلت نسبة الفقر وقتها 34%، وفقًا لتقارير رسمية سابقة. ولم تكشف الحكومة عن الأرقام الحديثة المتعلقة بنسب الفقر، رغم تزايد الأوضاع الاقتصادية سوءًا بفعل ارتفاع الدولار أمام الجنيه المصري، مما يهدد بزيادة نسب الفقر بشكل غير مسبوق.
هذا الغموض يثير القلق ويطرح تساؤلات حول أسباب إخفاء هذه البيانات المهمة التي تكشف حجم المعاناة الشعبية.
أسباب إخفاء البيانات: هل تخشى الحكومة من الحقيقة؟
نسب الفقر هي واحدة من المؤشرات الاقتصادية التي تعكس مدى قدرة الحكومة على تحسين مستويات معيشة المواطنين ومدى تأثرهم بالأزمات الاقتصادية.
ولكن منذ العام 2021، اختفت هذه الأرقام الرسمية من التقارير الحكومية، وهو ما يراه العديد من المنظمات الحقوقية والإعلاميين دليلًا على أن الحكومة تخشى أن تكشف عن أرقام قد تكون أكثر تدهورًا مما هو متوقع.
قد يكون الخوف الحكومي من نشر هذه الأرقام نابعًا من التزايد الواضح في الفقر نتيجة ارتفاع الأسعار، والتضخم المستمر، وانخفاض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار.
وفي ظل هذه الأزمة الاقتصادية، يبدو أن الحكومة تفضل عدم إعلان هذه الأرقام كي لا تزداد حدة الانتقادات الشعبية ضدها، خاصة في ظل تزايد الاحتقان الشعبي بسبب الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها المواطنون.
وفي ضوء هذا، تقول الدكتورة نهاد أبو القمصان، رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة: "إن الشفافية في إعلان الأرقام الاقتصادية تعتبر جزءًا من حقوق المواطن في الحصول على المعلومات التي تؤثر بشكل مباشر على حياته. عدم نشر أرقام الفقر يعد انتهاكًا لحق المواطن في معرفة الأوضاع الاقتصادية الحقيقية."
إحصائية تقديرات نسب الفقر في مصر لعام 2025 بناءً على توزيع الأجور بحسب منظمات حقوقية:
الاسر التي تتقاضي (الأسرة مكونة من 5 أفراد) يقدرون بـ 30% من الشعب:
- الدخل الشهري للأسرة: 3000 جنيه
- الدخل الشهري للفرد: 3000 ÷ 5 = 600 جنيه للفرد شهريًا
- الدخل اليومي للفرد: 600 ÷ 30 = 20 جنيه يوميًا (أي حوالي 0.4 دولار أمريكي يوميًا)
- مقارنة مع خط الفقر الدولي: هذا الدخل أقل من خط الفقر الدولي الذي يُقدر بـ 1.90 دولار يوميًا.
الاسر التي تتقاضي (الأسرة مكونة من 5 أفراد) 7000 جنيه شهريًا يقدرون بـ 40% من الشعب:
- الدخل الشهري للأسرة: 7000 جنيه
- الدخل الشهري للفرد: 7000 ÷ 5 = 1400 جنيه للفرد شهريًا
- الدخل اليومي للفرد: 1400 ÷ 30 = 46.67 جنيه يوميًا (أي حوالي 0.93 دولار أمريكي يوميًا)
- مقارنة مع خط الفقر الدولي: هذا الدخل أقل من خط الفقر الدولي الذي يُقدر بـ 1.90 دولار يوميًا.
الاسر التي تتقاضي (الأسرة مكونة من 5 أفراد) 25,000 جنيه شهريًا ويقدرون بـ 15% من الشعب:
- الدخل الشهري للأسرة: 25,000 جنيه
- الدخل الشهري للفرد: 25,000 ÷ 5 = 5000 جنيه للفرد شهريًا
- الدخل اليومي للفرد: 5000 ÷ 30 = 166.67 جنيه يوميًا (أي حوالي 3.33 دولار أمريكي يوميًا)
- مقارنة مع خط الفقر الدولي: هؤلاء الأفراد يعيشون فوق خط الفقر الدولي بشكل مريح.
الاسر التي تتقاضي (الأسرة مكونة من 5 أفراد) أكثر من 25,000 جنيه شهريًا (لأسرة مكونة من 5 أفراد) ويقدرون بنسبة 10% من الشعب:
- الدخل الشهري للأسرة: 30,000 جنيه (متوسط)
- الدخل الشهري للفرد: 30,000 ÷ 5 = 6000 جنيه للفرد شهريًا
- الدخل اليومي للفرد: 6000 ÷ 30 = 200 جنيه يوميًا (أي حوالي 4.00 دولار أمريكي يوميًا)
- مقارنة مع خط الفقر الدولي: هؤلاء الأفراد يتمتعون بدخل عالٍ بشكل كبير مقارنة بـ خط الفقر الدولي.
الطبقة الغنية والتي تمثل أسرها نحو 5% من الشعب.
المنظمات الحقوقية تدق ناقوس الخطر
أثارت العديد من المنظمات الحقوقية في مصر هذا الموضوع وأعربت عن قلقها البالغ إزاء عدم شفافية الحكومة في نشر الأرقام الرسمية المتعلقة بنسب الفقر.
تقول منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن تجاهل الحكومة لإعلان أرقام الفقر يعكس استمرار السياسة الحكومية في إخفاء الحقائق عن المواطنين، وهو ما يزيد من قلة الثقة بين الحكومة والشعب.
وقد دعت المنظمة إلى ضرورة إصدار تقرير دوري يعكس حقيقة الوضع الاجتماعي والاقتصادي، وهو ما قد يسهم في محاسبة الحكومة وإيجاد حلول عملية لهذه الأزمة.
من جانب آخر، يرى "المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" أن إخفاء هذه الأرقام يعكس تجاهلًا لحقوق المواطن في معرفة واقع معيشته، ويقوض فرص اتخاذ قرارات مدروسة لتحسين الأحوال الاقتصادية.
ويؤكد المركز أن عدم نشر هذه البيانات يعكس أيضًا عجز الحكومة عن إيجاد حلول حقيقية لتخفيف معاناة الشعب المصري.
وفي هذا السياق، أضاف المحامي الحقوقي جمال عيد، المدير التنفيذي لشبكة "الحقوق الاقتصادية والاجتماعية": "الحكومة التي تخشى من نشر أرقام الفقر تواجه أزمة في المصداقية والشفافية. المواطن المصري بحاجة إلى معرفة الأرقام الحقيقية ليكون قادرًا على تقييم سياسات الحكومة والعمل على تطويرها."
تأثير ارتفاع الدولار على الفقر
لم يقتصر تأثير الأزمة الاقتصادية على التضخم فحسب، بل انعكست أيضًا على الأسعار وارتفاع معدلات الفقر.
مع تزايد قيمة الدولار أمام الجنيه المصري، شهدت أسعار السلع الأساسية زيادات كبيرة، مما جعل العائلات المصرية، خاصة تلك التي تعتمد على الدخل الثابت، تكافح لتوفير احتياجاتها اليومية.
وفقًا لتقارير اقتصادية، فإن زيادة أسعار الوقود والسلع الغذائية الأساسية قد فاقمت من الوضع المعيشي للطبقات الفقيرة والمتوسطة، وأدت إلى تفاقم الأزمة الاجتماعية.
ويعتقد العديد من الخبراء أن هذه التحولات الاقتصادية ساهمت في زيادة معدلات الفقر بشكل ملحوظ، حيث أن نسبة كبيرة من الشعب المصري يعاني الآن من زيادة الأعباء المالية التي تتجاوز القدرة الشرائية لهم.
ومن جهته، أضاف الدكتور محمود سليم، أستاذ القانون العام بجامعة القاهرة: "من المهم أن نلاحظ أن عدم الشفافية في إعلانات الحكومة حول نسب الفقر يعكس تفشي الفساد داخل المؤسسات.
يجب أن تُنشر هذه البيانات علنًا حتى يتمكن المواطنون من مراقبة الحكومة ومحاسبتها على أدائها في معالجة الفقر."