وثق مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي لحظة اقتحام الشرطة البريطانية منزل الطبيبة الفلسطينية البريطانية رحمة العدوان واعتقالها، بتهم تتعلق بما وصفته السلطات بـ"معاداة السامية" و"التحريض ضد إسرائيل".
وجاء الاعتقال، الذي وقع فجر الثلاثاء الماضي، قبل يومين فقط من موعد جلسة حاسمة للنظر في سحب رخصتها الطبية من قبل المجلس الطبي البريطاني، ما فتح الباب واسعًا أمام التساؤلات حول مدى تأثير اللوبي الصهيوني على مؤسسات الدولة البريطانية، وانحرافها عن مبادئ الحرية والعدالة وحقوق التعبير التي طالما تباهت بها لندن.
بداية القصة.. منشور على "إكس" يتحول إلى قضية رأي عام
بدأت فصول القضية عندما نشرت الطبيبة رحمة العدوان، البالغة من العمر 31 عامًا، تعليقًا على منصة "إكس" (تويتر سابقًا) حول طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر، والتي وصفتها بأنها "يوم أُذلت فيه إسرائيل".
وجاء في منشورها:
"7 أكتوبر هو اليوم الذي أُُذلت فيه إسرائيل... تفوقهم تم تحطيمه على يد الأطفال الذين طُردوا من بيوتهم، الأطفال الذين شاهدوا اليهود الأجانب يُعدمون أحباءهم، واغتصبوا أرضهم وأقاموا على ترابهم المسروق".
المنشور، الذي اعتبرته الشرطة "إساءة استخدام لوسائل الاتصال العامة" و"إثارة للكراهية العنصرية"، كان كفيلاً بإطلاق حملة شرسة ضد الطبيبة، انتهت باعتقالها واقتيادها مكبلة بالأصفاد أمام عدسات الكاميرات في مشهد أثار استنكار آلاف النشطاء حول العالم.
الشرطة تتهمها بـ"التحريض على العنف ضد إسرائيل"
في بيان رسمي، أعلنت شرطة لندن أن العدوان اعتُقلت للاشتباه في إدلائها بتصريحات تحرض على الكراهية خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين أقيمت في يوليو الماضي أمام وزارة الخارجية البريطانية.
وجاء في محضر الاتهام الذي تلي عليها أثناء الاعتقال: "في 21 يوليو، وخلال مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في شارع تشارلز، أدليتِ بحديث يرقى إلى الدعوة لتدمير إسرائيل، وإبداء الدعم لأولئك المنخرطين في المقاومة المسلحة ضدها".
ووفقًا للتسجيل المصور، ظلت الطبيبة العدوان هادئة أثناء مداهمة منزلها، وردت على الاتهامات بابتسامة هادئة، مكتفية بالقول: "هذا انتهاك صارخ لحرية التعبير".
تحقيقات متلاحقة ومحاكمات سياسية
لم تكن هذه المرة الأولى التي تواجه فيها العدوان حملة ممنهجة، فقد خضعت الشهر الماضي لتحقيق أمام لجنة تأديبية في المجلس الطبي العام البريطاني (GMC)، على خلفية تصريحات مشابهة أدلت بها في فعاليات مؤيدة لفلسطين.
ورغم تبرئتها آنذاك من أي مخالفة مهنية، أعاد المجلس فتح التحقيق مجددًا بعد ضغوط من جماعات ضغط مؤيدة لإسرائيل، وأحالها إلى لجنة أخرى من المقرر أن تنعقد جلساتها يوم الخميس المقبل.
ويؤكد فريقها القانوني أن ما تواجهه موكلتهم ليس سوى محاكمة سياسية مغلفة بغلاف قانوني، مشيرين إلى أن العدوان "تمارس حقها الطبيعي في التعبير عن رفضها للجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين في غزة".
فيديو يوثق لحظة مداهمة الشرطة البريطانية لمنزل الطبيبة الفلسطينية البريطانية رحمة العدوان واعتقالها بتهم “معاداة السامية” و”التحريض ضد إسرائيل”، وذلك قبل يومين فقط من جلسة النظر في سحب رخصتها الطبية.
— Tamer | تامر (@tamerqdh) October 21, 2025
مشهد يعكس بوضوح مدى خضوع السلطات البريطانية لضغوط اللوبي الصهيوني وتغوّله داخل… pic.twitter.com/KJa2i0nh2v
غضب شعبي ودعوات للتضامن
أشعلت الحادثة موجة تضامن واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تصدّر وسم #الحرية_لرحمة_العدوان قوائم الترند في بريطانيا وعدة دول عربية، فيما أطلق ناشطون حملات إلكترونية لجمع التوقيعات تطالب بالإفراج الفوري عنها ووقف الملاحقات القانونية بحقها.
كما نظمت مجموعات مؤيدة لفلسطين وقفات احتجاجية أمام مراكز الشرطة في لندن، رافعين صور الطبيبة وشعارات تندد بما وصفوه بـ"تكميم الأفواه تحت ذريعة معاداة السامية"، مؤكدين أن "ما يجري هو محاولة ممنهجة لإسكات الأصوات المناهضة للإبادة الجماعية في غزة".