لا يزال القيادي العمالي شادي محمد وخمسة من الشباب قيد الحبس الاحتياطي على ذمة القضية رقم 1644 لسنة 2024 حصر أمن دولة عليا، المعروفة إعلاميًا باسم "قضية بانر دعم فلسطين"، وذلك بعد مرور أكثر من سنة ونصف على اعتقالهم، رغم أن القضية بدأت بتعليق لافتة تضامن مع الشعب الفلسطيني في أحد شوارع الإسكندرية.
ففي أحدث تطور للقضية، قررت الدائرة الثانية إرهاب بمحكمة جنايات القاهرة، المنعقدة في مجمع بدر الأمني، تجديد حبس المتهمين لمدة 45 يومًا، وفق ما صرح به محامي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إسلام سلامة، الذي أكد أن قرار التجديد صدر رغم عدم وجود مبرر قانوني لاستمرار احتجازهم طوال هذه المدة.
من لافتة تضامن إلى اتهامات بالإرهاب
تعود بداية الواقعة إلى نهاية أبريل من العام الماضي، عندما أقدم شادي محمد وعدد من الشباب السكندريين على تعليق لافتة كتبوا عليها عبارات دعم وتضامن مع فلسطين، فوق أحد الكباري في مدينة الإسكندرية، عقب تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
لكن هذا الفعل البسيط، الذي لم يتجاوز دقائق معدودة، تحول إلى قضية أمن دولة، بعدما ألقت قوات الأمن القبض على الشباب الخمسة من منازلهم في 28 أبريل، ثم على شادي محمد في اليوم التالي، ليظهر الجميع أمام نيابة أمن الدولة العليا في 30 أبريل، حيث واجهتهم النيابة باتهامات ثقيلة شملت: تأسيس والانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، وتكدير السلم العام، والاشتراك في تجمهر يهدف إلى الإخلال بالنظام العام.
جلسة تجديد مزدحمة.. ولا صوت للمتهمين
وأوضح المحامي إسلام سلامة أن الجلسة الأخيرة شهدت مثول المتهمين عبر تقنية الفيديو كونفرانس، حيث ظهر شادي محمد من سجن برج العرب، بينما حضر بقية الشباب من سجن العاشر من رمضان 6. وأضاف:
"كان اليوم مزدحمًا جدًا وعدد القضايا كبير، ولم يتمكن أي من المتهمين من الحديث أمام القاضي".
وطالب سلامة خلال الجلسة بإخلاء سبيل المتهمين لانتفاء مبررات الحبس الاحتياطي، مؤكدًا أن الوقائع المنسوبة إليهم لا ترقى إلى مستوى التهم الموجهة، فـ"كل ما فعلوه هو تعليق بانر تضامني مع غزة".
أسر تنتظر الأمل.. وزوجة شادي تكشف إحباطها
من جانبها، عبرت سلوى رشيد، زوجة شادي محمد، عن حزنها العميق بعد صدور قرار التجديد، وكتبت عبر صفحتها على فيسبوك:
"مش دايمًا الأمنيات بيبقى لها انعكاس على أرض الواقع، زي أمنية إن ميتمش التجديد مثلًا... بعد ما خرج عدد كبير من المتهمين في قضايا دعم فلسطين، كنا متفائلين، لكن الإحباط رجع تاني."
وأشارت سلوى إلى أن الإفراج عن نحو 24 شابًا في قضايا مماثلة الشهر الماضي كان مبشرًا، لكن استمرار حبس شادي وزملائه يثير تساؤلات حول أسباب عدم تطبيق المعاملة نفسها عليهم، خاصة بعد إعلان الدولة دعمها الرسمي للقضية الفلسطينية.
سلسلة إفراجات متزامنة
وكانت النيابة العامة قد أعلنت في السادس من أكتوبر الجاري عن إخلاء سبيل 38 متهمًا على ذمة قضايا تُجري فيها نيابة أمن الدولة تحقيقات، من بينهم متهمون في قضايا تتعلق بـ"دعم فلسطين".
كما أخلت النيابة في 13 أكتوبر سبيل ثلاثة نشطاء من المشاركين في أسطول الصمود المصري لكسر الحصار عن غزة، بكفالة مالية، بعد القبض عليهم أثناء تنظيم وقفة تضامنية أمام مقر الأسطول بالدقي.
إضراب عن الطعام.. وحملة تضامن واسعة
في يناير الماضي، دخل شادي محمد في إضراب كلي عن الطعام استمر لأكثر من أربعة أسابيع احتجاجًا على نقله المفاجئ من سجن العاشر 6 إلى سجن برج العرب وتجريده من متعلقاته الشخصية.
أثار هذا الإضراب حملة تضامن واسعة من منظمات حقوقية وأحزاب سياسية طالبت بالكشف عن مكان احتجازه وضمان سلامته الصحية والنفسية، إلى أن أنهى شادي إضرابه بعد تحسن أوضاعه داخل السجن، وفق ما أكدته زوجته بعد زيارته بمستشفى السجن.
خلفية نقابية وسوابق في النضال العمالي
يُعد شادي محمد من القيادات العمالية البارزة في محافظة الإسكندرية، وكان يشغل موقعًا قياديًا في النقابة المستقلة لعمال شركة “لينين جروب” للمنسوجات والمفروشات، قبل فصله تعسفيًا في عام 2019 بسبب نشاطه النقابي.
كما أنه عضو مؤسس في المؤتمر الدائم لعمال الإسكندرية، وسبق اعتقاله في أكتوبر 2022 على خلفية مشاركته في احتجاجات عمالية، قبل أن يُفرج عنه بعد أسابيع.
حملات اعتقال على خلفية دعم فلسطين
منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023، شهدت مصر موجة من القبض على مواطنين تضامنوا مع فلسطين بطرق سلمية، شملت رفع لافتات أو المشاركة في فعاليات رمزية.
وبحسب إحصاءات المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، تم القبض على 186 شخصًا في 16 قضية مختلفة أمام نيابة أمن الدولة العليا، على خلفية أنشطة سلمية تتعلق بالتضامن مع الشعب الفلسطيني.