في تصريحاتٍ نارية وُصفت بأنها الأقوى منذ سنوات من أحد رموز التيار الليبرالي في مصر، أعلن السياسي حسام بدراوي رفضه القاطع لترشح الجنرال عبد الفتاح السيسي لولاية رابعة، مؤكدًا أن استمرار النظام الحالي “لن يكون في صالح الاقتصاد المصري ولا في صالح الدولة”، وأن البلاد “تدور في حلقة مفرغة من الفشل والعجز وغياب الرؤية”.

 

منظومة مغلقة تعيق الإصلاح

بدراوي أشار إلى أن هناك سياسات معلنة تتحدث عن تخارج الدولة من النشاط الاقتصادي لصالح القطاع الخاص، لكنها، بحسب قوله، “تبقى حبرًا على ورق”، لأن قوة المستفيدين من بقاء الوضع الراهن أكبر من أي إرادة حقيقية للتغيير.
وأوضح أن استمرار هذه المنظومة لا يعني فقط شللاً اقتصاديًا، بل أيضًا احتكارًا للقرار داخل دوائر مغلقة تتعامل مع الدولة كملكية خاصة، لا كإدارة وطنية.

 

الدولة ليست شركة.. ولا يمكنها أن تبقى التاجر الوحيد

أكد بدراوي أن دور الدولة في تقديم الخدمات الأساسية، خصوصًا في التعليم والرعاية الصحية، لا يمكن إنكاره في هذه المرحلة، لكنه حذر من أن تحوّل الدولة إلى لاعبٍ اقتصادي أوحد في كل القطاعات “أثبت فشله وأرهق الموازنة العامة وأضعف روح المنافسة”.
وقال إن هذا النموذج، الذي يحتكر فيه الجهاز الحكومي والجيش مفاصل الاقتصاد، “يخنق المبادرة الخاصة، ويحوّل رجال الأعمال إلى متعاقدين تابعين بدل أن يكونوا شركاء في التنمية”.

 

صفقة رأس الحكمة.. “مسكنٌ لتأجيل الانهيار”

وتطرق بدراوي إلى صفقة رأس الحكمة التي روج لها النظام باعتبارها إنجازًا اقتصاديًا ضخمًا، واصفًا إياها بأنها “إجراء مسكن هدفه الوحيد هو تجنّب التخلف عن سداد الديون الخارجية، لا تحقيق تنمية حقيقية”.
وشدد على أن التنمية لا يمكن اختزالها في بيع الأراضي أو المشروعات العقارية الفاخرة، بل يجب أن تكون تنمية شاملة تشمل الزراعة والصناعة والخدمات الإنتاجية، معتبرًا أن “التركيز على العقارات وحدها هو اختزال مدمّر لمفهوم النمو”.
تغييب متعمّد للزراعة والصناعة والإعلام شريك في التجميل
انتقد بدراوي تغييب الإعلام الرسمي لأي حديث عن مشروعات زراعية أو صناعية ناجحة، مشيرًا إلى أن هذه السياسة الإعلامية المقصودة “جعلت الناس تفقد الثقة في أي حديث رسمي عن النجاح”، لأن الواقع المعيشي لا يعكس الخطاب الإعلامي المليء بالمديح والأرقام الوهمية.
وقال إن هذا الانفصام بين الإعلام والواقع يمثل “تهديدًا للأمن القومي”، لأن الإحباط العام وغياب المصداقية يغذيان السخط الشعبي ويفتحان الباب أمام الاضطراب.

 

الإصلاح يبدأ بالاعتراف بالأزمة

وحذر بدراوي من أن انتشار النظرة السلبية بين المواطنين ليس مشكلة معنوية فحسب، بل خطر حقيقي على الاستقرار الوطني، مؤكدًا أن “الإصلاح لا يبدأ من تزيين الأزمة ولا من التطبيل للسلطة، بل من الاعتراف الجريء بالخلل ومصارحة الناس بالحقيقة”.
مصر تحتاج إلى تغيير شامل لا تدوير نفس الوجوه
وفي ختام تصريحاته، قال حسام بدراوي إن مصر اليوم “بحاجة إلى تغيير شامل في الفكر والسياسة والقيادة”، لأن “البلد لا يحتمل مزيدًا من الدوران في نفس الحلقة المفرغة”.
كلماته جاءت كرسالة صريحة إلى النظام، إذ أكد بوضوح رفضه لترشح السيسي مجددًا، معتبرًا أن الاستمرار في النهج نفسه يعني مزيدًا من الانهيار الاقتصادي وفقدان الثقة في الدولة.
بهذا الموقف، أعاد بدراوي فتح ملف المسكوت عنه داخل النخبة السياسية المصرية، ليضع النظام أمام سؤالٍ لم يعد ممكنًا تجاهله: إلى متى سيبقى الفشل يُباع على أنه إنجاز؟