على الرغم مما يتردد من احتمالية الإطاحبة بمصطفى مدبولي رئيس حكومة الانقلاب، وتعيين رئيس وزراء جديد خلفًا له عقب الانتهاء من إجراء انتخابات مجلس النواب في نوفمبر المقبل، كما روج لذلك أحد الإعلاميين الموالين للأجهزة الأمنية، فيما اعتبره يعكس الاستجابة لرغبات الشعب المصري في تشكيل حكومة جديدة، إلا أن بورصة الترشيحات لم تطرح بعد أيًا من الأسماء المرجح تكليفها.
وكلّف السيسي، مدبولي بتشكيل الحكومة في 7 يونيو 2018. وكان يشغل منصب وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية خلال الفترة من فبراير 2014 حتى 6 يونيو 2018. وأعاد تكليفه بتشكيل حكومة جديدة "من ذوي الكفاءات والخبرات والقدرات المتميزة" في 3 يونيو 2024.
لكن أداء مدبولي لم يرق لطموحات حتى الموالين للنظام، في ظل موجات الغلاء التي شهدتها مصر في عهده، وارتفاع سعر الدولار من 17 جنيهًا إلى أكثر من 50 جنيهًا، الذي انعكست آثاره في حدوث حالة من التضخم لم تشهدها مصر من قبل طالت كافة السلع والخدمات الأساسية، والكهرباء والمياه والوقود، والعقارات.
الإطاحة بـ مدبولي
وعلى الرغم من أن مدبولي يبقى في نظر كثيرين "سكرتيرًا" لقائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، ولا يتعدى دوره تنفيذ سياساته التي أغرقت مصر في ديون خارجية تجاوزت أكثر من 160 مليار دولار، علاوة على الدين الداخلي 13.3 تريليون جنيه (نحو 263 مليار دولار) بنهاية عام 2024، دونما اتخاذ أية إجراءات تشعر المواطن بتحسن على صعيد المستوى المعيشي والخدمي.
لكنه في النهاية سيتحول إلى "كبش الفداء" الذي سيتم التضحية به وتقديمه قربانًا إلى الساخطين عليه وعلى حكومته، من أجل التظاهر بالتجاوب مع حالة الغضب التي تحتاج الشعب المصري في ربوع المحروسة، كما جرت العادة مع غيره من رؤساء زراء سابقين، وقبل أن يتفاقم الأمر إلى احتجاجات لا تبقي ولا تذر.
رئيس وزراء عسكري
إلا أن السؤال الذي ربما يطرح نفسه في أذهان كثير من الناس والمتابعين عن قرب للشأن المصري، هل يمكن أن نرى رئيس وزراء ذي خلفية عسكرية يجلس على مقعد رئيس الحكومة؟، أم أن السيسي سيظل يعتمد على شخصيات مدنية كما اعتاد منذ الانقلاب، باختياره كل من إبراهيم محلب، ثم شريف إسماعيل؟.
على الأرجح، سيختار السيسي شخصية مدنية، ولن يستعين بأحد رفقاء السلاح، بعد أن ضحى بشركائه في انقلاب الثالث من يوليو، وأزاحهم من طريقه، حتى لا يشكلوا مصدر إزعاج أو تهديد له يومًا ما، حتى إنه استعان في منصب وزير الدفاع عقب الإطاح بالفريق أول محمد زكي باللواء عبدالمجيد صقر، وهو لواء متقاعد من خارج الخدمة، وكان يشغل منصب محافظ السويس.
كامل الوزير
وكانت تكهنات دفعت في السابق باسم كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء، وزير النقل والصناعة إلى بورصة المرشحين لتشكيل الحكومة، نظرًا لما كان يحظى به من شعبية، علاوة على كونه محل ثقة كبيرة لدى السيسي، منذ أن كان يشغل رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، التي تولت تنفيذ سلسلة من المشاريع الضخمة في عهده.
وفي يونيو الماضي، جرى تداول أنباء قوية عن ترشيح الوزير، لتولي منصب رئيس مجلس الوزراء، خلفًا لمدبولي، الذي كان يُتداول اسمه بقوة كمرشح محتمل لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية خلفًا لأحمد أبو الغيط، وذلك لما يحظى به من خبرة كبيرة في تنفيذ مشروعات البنية التحتية واللوجستيات، ما يعزز فرصه لتوليه.
لكن على عكس ما يعتقد الكثيرون، فإن الوزير ينظر إليه على أنه يشكل تهديدًا مباشرًا للسيسي في دوائر السلطة الحالية، في ظل الاعتماد المتزايد عليه، وتقديمه إلى المصريين بوصفه رجل المهام الصعبة، وهو الأمر الذي سيضعف فرصه في شغل المنصب، وفي ظل الانتقادات المتزايدة التي طالته مع تكرار حوادث الطرق في عهده.
تضييق على العسكريين
ولا يخفى أن السيسي يتحسب لإمكانية الانقلاب عليه من داخل المؤسسة العسكرية، مما جعله يحتاط لهذا الأمر من خلال إصدرار إقالات واستبعادات وقرارات تضمن عدم مزاحمته في منصب الرئاسة.
وفي يوليو 2020، ضدّق السيسي على تعديلات قانونية جديدة تمنع ضباط الجيش السابقين من الترشح لأي انتخابات دون موافقة الجيش، في خطوة قال محللون إنها تهدف إلى وأد أي معارضة محتملة من ضباط الجيش السابقين البارزين.
وجاء في التعديلات أنه "لا يجوز للضباط بالخدمة أو من انتهت خدمتهم بالقوات المسلحة الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية أو المجالس النيابية أو المحلية، إلا بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة".
وسبق أن ألقي القبض على سامي عنان رئيس أركان الجيش السابق في عام 2018، بدعوى ترشحه للانتخابات الرئاسية دون إذن من الجيش. وكان ينظر له آنذاك على أنه المنافس الرئيس للسيسي، لكن الأخير لم يسمح له وأودعه السجن، وهو ما يفسر لماذا يخشى السيسي من بزوغ نجم أي قيادة عسكرية، قد يرى أنها تشكل تهديدًا له؟

