في أحدث أزمة تسلط الضوء على قانون الإيجار الذي أثار جدلاً واسعًا عند تمريره، لكونه يعرض ملايين المستأجرين للطرد في الشارع، اجتاحت موجة من الغضب منصات التواصل الاجتماعي في مصر خلال الساعات الماضية، إثر تداول مقطع فيديو يظهر صفع مسن في مدينة السويس على يد صاحب العقار الذي يسكن فيه، لرغبته في طرده وإخراجه من الشقة المؤجرة له.
وفجرت التعديلات التي أقرها قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي في أغسطس الماضي، مخاوف واعتراضات من جانب 6 ملايين مواطن يشغلون وحدات سكنية مؤجرة منذ عشرات السنين بمبالغ زهيدة، حسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
إلا أن السيسي لم يأخذ تلك الاعتراضات بعين الاعتبار، بعد أن ظن الجميع أنه سيستجيب لصرخات المعترضين ويؤخر الموافقة النهائية عليه، أو يعيد إلى مجلس النواب، وبخاصة بعد تأخر نشر القانون في الجريدة الرسمية، ليفاجئهم بالتصديق عليه، غير مبالٍ بمصير الملايين من المستأجرين، وما قد ينجم عن ذلك من نزاعات عند تطبيقه بين الملاك والمستأجرين.
واقعة مسن السويس
وفي تفاصيل واقعة الاعتداء على مسن السويس، ووثقها مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع بين رواد منصات التواصل الاجتماعي، يظهر أحد الأشخاص وهو يصفع رجلاً مسنًا ملتحيًا على وجهه، لإرغامه على ترك مسكنه المؤجر له، مما أثار استهجانًا واسعًا، وسط مطالبات بسرعة القبض عليه، وإحالته إلى المحاكمة على إهانته للرجل.
وكشفت المعلومات عن أن هناك خلافات سابقة بين مالك العقار والرجل المسن، في ظل رغبة الأول بطرده من شقته المؤجرة له بنظام الإيجار القديم، بالمخالفة لنص القانون الذي حدد حالات إخلاء فوري للوحدات قبل موعد الإخلاء النهائي المنصوص عليه، وهو سبع سنوات للسكني وخمس سنوات لغير السكني.
إذ تنص المادة 7 من قانون الإيجار القديم على أن "مع عدم الإخلال بأسباب الإخلاء المبينة بالمادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه، يلتزم المستأجر أو من امتد إليه عقد الإيجار، بحسب الأحوال، بإخلاء المكان المؤجر ورده إلى المالك أو المؤجر بحسب الأحوال، في نهاية المدة المبينة في المادة 2 من هذا القانون، أو حال تحقق أي من الحالتين الآتيتين:
(1) إذا ثبت ترك المستاجر أو من امتد إليه عقد الإيجار المكان المؤجر مغلق لمدة تزيد على سنة دون مبرر.
(2) إذا ثبت أن المستأجر أو من امتد إليه عقد الإيجار يمتلك وحدة سكنية أو غير سكنية، بحسب الأحوال قابلة للاستخدام في ذات الغرض المعد من أجله المكان المؤجر.
وحال الامتناع عن الإخلاء يكون للمالك أو المؤجر، بحسب الأحوال، أن يطلب من قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الكائن في دائرتها العقار إصدار أمر بطرد الممتنع عن الإخلاء دون الإخلال بالحق في التعويض إن كان له مقتضى.
ومع عدم الإخلال بحكم الفقرة الثانية من هذه المادة يحق للمستأجر أو من امتد إليه عقد الإيجار، بحسب الأحوال، رفع دعوى موضوعية أمام المحكمة المختصة وفقا للإجراءات المعتادة، ولا يترتب على رفع الدعوى الموضوعية وقف أمر قاضي الأمور الوقتية المشار إليه".
رد فعل ملاك مصر
وسارع أصحاب وملاك عقارات الإيجار القديم إلى إصدار بيان عبر صفحتهم عبر موقع "فيسبوك" تبرأوا فيه مما فعله مالك عقار السويس، قائلين: "جميع ملاك مصر تتبرأ من مالك السويس صاحب واقعة صفع المسن بأنه لا يمثلهم و لا نتشرف أن يكون واحد منا.. واللي غلط يتحاسب ومحدش فوق القانون.. وحقك علينا يا عم غريب.. ربنا يشفيك ويعفو عنك ويشفى كل مريض.. عاااش رجالة الداخلية.. القبض على المتهم بالتعدي على مسن السويس بعد ساعتين فقط من نشر الفيديو بعد القبض على متهم واقعة السويس.. المصريين لـ الداخلية شكرا يارجالة".
وقالت ابنة الرجل المعتدى عليه، إن والدها يُقيم في إحدى شقق العقار بنظام الإيجار القديم، وأصحاب البيت عاوزين يطلعونا من الشقة عافية، والنهارده اعتدوا على والدي بالضرب كنا داخلين نجيب علاج لوالدي راجل مسن فوق الـ ٦٥ سنة ومريض قلب وسكر وبيغسل كلى، وامبارح علي غريب اتهجم علي في الشقة وأنا قاعدة لوحدي، حسبى الله ونعم الوكيل.. والاتنين دول اسمهم ( عاصم غربب مصطفى وعلي غريب مصطفى) أصحاب محلات ديزني للأطفال بالسويس".
وقال محامي المجني عليه، إن موكله يعاني من أمراض السكر والضغط والصرع، ويقيم في شقة إيجار قديم بالعقار الذي يملكه والد المعتدي، مضيفًا أن الأخير يحاول منذ فترة طرده من الشقة، وسبق أن اتهموا ابنه القاصر في محضر كيدي بالسرقة، قبل أن يتم إخلاء سبيله.
وأشار إلى أن موكله غادر الشقة مؤقتًا لتفادي الاحتكاك، لكنه عاد برفقة ابنته رحمة لإحضار أدويته وأغراضه، ليتفاجأ بالمعتدي وآخرين يمنعونه من الدخول ويعتدون عليه بالصفع أمام المارة، في مشهد وثقته ابنته.
وألقت الأجهزة الأمنية القبض على المتهم، وقال مصدر أمني إن الواقعة حدثت في حي الجناين بالسويس، موضحًا أنه بعد فحص الفيديو تم تحديد هوية المعتدي، وهو مالك العقار الذي نشب بينه وبين المسن خلاف بسبب الإيجار، وتم ضبطه للتحقيق معه واتخاذ الإجراءات القانونية بحقه.
وتواصل الجهات الأمنية تحقيقاتها في الواقعة تمهيدًا لإحالة المتهم إلى النيابة العامة لاستكمال الإجراءات القانونية.

