أثار مقطع فيديو جديد بثّته هيئة البث الإسرائيلية، يظهر القائد الفلسطيني الشهيد يحيى السنوار قبل استشهاده، موجة واسعة من التفاعل على منصات التواصل الاجتماعي، بعد أن وثّق لحظات نادرة للقائد وهو يتنقّل بين أنقاض المنازل المدمّرة في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، مرتدياً عباءة سوداء في مشهدٍ حمَل رمزية كبيرة لدى الفلسطينيين ومؤيدي المقاومة حول العالم.

 

الكاتبة والصحفية المصرية شرين عرفة تكتب: "وما يزال العدو مُصراً على أن يُخلّد ذكرى سيد الطوفان في التاريخ...  فيديو جديد تنشره هيئة البث الإسرائيلية للقائد المجاهد يحيى السنوار قبل استشهاده، وهو يتنقل هو ورفاقه بين أكثر من مكان داخل رفح، ملتحفاً بعباءة طويلة تغطي نصف جسده العلوي. وتستعين الهيئة بمحللين عسكريين ليشرحوا لنا سبب ارتدائه لها طوال فترة الحرب، لنكتشف أن العباءة لم تكن مجرد خيار عشوائي أو مظهر تقليدي، بل كانت تكنيكا ميدانياً لا يقل أهمية عن السلاح بيد المقاومين. فـسلام الله عليك يا سيد المجاهدين".

 

 

وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن المقطع المصور الذي بثّته يوثّق الأيام الأخيرة التي سبقت اغتيال السنوار، مشيرة إلى أنه التقط خلال تنقلاته بين عدة مواقع في مدينة رفح التي كانت تشهد حينها واحدة من أعنف مراحل الحرب.

 

ويُظهر الفيديو، الذي لا تتجاوز مدته بضع ثوانٍ، الشهيد السنوار مرتدياً عباءة سوداء على رأسه، وهو يتحرك بين الركام، وسط دمار هائل خلّفته الغارات الإسرائيلية.

 

 

تفاعل واسع على المنصات الاجتماعية


انتشر الفيديو بسرعة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر آلاف النشطاء عن تأثرهم بالمشهد الذي وصفوه بـ"الرمزي والمُلهم".


واعتبر كثيرون أن المقطع بمثابة شاهد جديد على صمود السنوار حتى اللحظات الأخيرة من حياته، وأنه بقي متمسكاً بموقعه في الصفوف الأمامية رغم الحصار والملاحقة الإسرائيلية المكثفة.

 

وكتب ناشط فلسطيني عبر منصة "إكس": "السنوار لم يكن مجرد قائد سياسي، بل كان مقاتلاً يعيش بين جنوده ويشاركهم المعاناة نفسها، حتى استُشهد وهو في قلب الميدان."

 

 

 تحليلات إسرائيلية ومحاولات لاستثمار المشهد إعلامياً


ورأى محللون ومراقبون أن نشر الفيديو في هذا التوقيت يحمل أبعاداً تتجاوز مجرد التوثيق، إذ تسعى إسرائيل، بحسبهم، إلى استثمار المشهد في إطار حربها النفسية ضد الفلسطينيين، في محاولة لإيصال رسائل متعددة للداخل والخارج حول نهاية السنوار وقيادة المقاومة.

 

غير أن هذه المحاولة، كما يرى كثير من المتابعين، ارتدت عكسياً، إذ تحوّل الفيديو إلى رمز للمقاومة والصمود، وأعاد إحياء صورة السنوار كقائد واجه الموت برباطة جأش وإيمان بالقضية حتى اللحظة الأخيرة.

 

رمزية العباءة وتكتيكات الميدان

 

العباءة السوداء التي ظهرت في الفيديو لم تكن، كما أشار محللون عسكريون، مجرد مظهر تقليدي، بل عنصر تكتيكي ميداني استخدمه السنوار ورفاقه للتمويه والتخفي أثناء تحركاتهم في مناطق المواجهة.

 

وأشار بعض التحليلات إلى أن تغطية الرأس والجزء العلوي من الجسد ساعدت المقاومين على تجنّب أنظمة الذكاء الاصطناعي الإسرائيلية، التي تعتمد على التعرف على الوجوه والبصمات الحرارية لتحديد الأهداف.

 

 

هذا التفصيل أثار إعجاب كثير من العسكريين والناشطين الذين وصفوا ما فعله السنوار ورفاقه بأنه "ذكاء ميداني فذ" أظهر مدى وعي المقاومة بخطط العدو وتقنياته الحديثة في المراقبة والتعقّب.

 

وجوده في الميدان ودلائل الشجاعة

 

لفت عدد من المدونين إلى مشاهد داخل الفيديو أظهرت وجود زجاجات مياه إسرائيلية كانت تُستخدم عادة في مواقع الجيش الإسرائيلي، ما يعني، وفق تحليلهم، أن السنوار كان يتحرك في مناطق سيطر عليها الاحتلال سابقاً، وهو ما يدل على جرأة كبيرة وحضور ميداني مباشر في أخطر الجبهات داخل رفح.

 

كما أشار بعض النشطاء إلى أن المشاهد قد تكون صُوّرت بواسطة أحد المقاومين الذين استشهدوا لاحقاً، قبل أن تقع الكاميرا في يد القوات الإسرائيلية.

 

السنوار.. القائد الذي بقي في الصفوف الأولى

 

أكدت التعليقات التي واكبت نشر المقطع أن القائد يحيى السنوار كان في الصفوف الأولى منذ اليوم الأول للحرب، يقود المعارك بنفسه، ويشارك مقاتليه الميدان والحصار والخطر ذاته.

 

ورأى كثيرون أن هذا الحضور الميداني المتواصل يعكس طبيعة قيادته الميدانية وحرصه على أن يكون القدوة الأولى لجنوده، حتى في أحلك الظروف.