في حيّ الورّاق الواقع على جزيرة الورّاق غرب مدينة القاهرة، يعيش السكان حالة من التوتر والقلق تصاعدت بشكل واضح في الأسابيع والأشهر الأخيرة، بعد ما وصفوه بـ “تدخلات حكوميّة وضغوط أمنية” شملت نشر عناصر بلباس مدني داخل الأحياء، مما أثار مخاوف من تصاعد المراقبة والتضييق على الحريات المحلية.

ووصف العديد من الأهالي الأجواء بأنها “غير مسبوقة في شدّتها” — فقد باتت حركة الشارع تحت المجهر، وجلسات الشرب في المقاهي، وكذلك التجمعات العائلية، تشعر بأنها تحت “عين” تراقبها قوات لا يظهر منها شعار أو زي رسميّ.

يشير شهود عيان إلى أن الأمور بدأت تتغيّر حين تمّ في مرّات متتابعة رصد سيارات غير معلّمة تمر عبر الشوارع الضيقة للجزيرة في وقت متأخر من الليل، يترجل منها شباب بلباس مدني يحملون أحيانًا أجهزة لاسلكي أو هواتف اتصال مباشَر.

أحد السكان قال: «لم نعد نعرف مَن هم، ولا أي جهة ينتمون إليها، لكن الشعور أن هناك رقابة وتحكّماً صار يخيم على حياتنا اليومية». هذه المشاهد تزامنت مع لقاءات ميدانية بين مسؤولين حكوميين وأهالي الحي تحت عنوان “مراجعة الأوضاع الأمنية”، لكنّ كثيرين شعروا بأن “مراجعة الأوضاع الأمنية” هي مجرد عنوان لخريطة أُعلنت مسبقًا — تهدف لجعل الحيّ في حالة استنفار دائم.
https://www.youtube.com/watch?v=exXA9S_bs5Q

في الوقت نفسه، ظهرت مقاطع فيديو تداولها أهالي الورّاق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تُوثّق مداهمات ليلًا وحقائب تُفارغ في سيّارات مجهولة، وأحيانًا الاشتباك بين شبان الحيّ وبين رجال بلباس مدني حمَوا منطقة تجمعهم.

ورغم أن السلطات لم تُصدر بيانات مفصلة تشرح طبيعة هذه العمليات أو الجهة التي تُنفّذها، إلا أن الجمعيات الحقوقية ربطت الأمر بسياسات “تطويق” الحيّ ومنع نشوء مظاهرات أو تجمعات شعبية — وهو ما قال مراقبون إنه يدخل ضمن خطة أكبر لضبط الحيّ كموقع حساس. فعلى سبيل المثال، تقرير صحفي ذكر أن قوات الأمن في القاهرة تضاعفت بها نقاط التفتيش وانتشار عناصر بلباس مدني في الشوارع أثناء فترات الاحتجاجات.
https://www.facebook.com/reel/394778713392917

من جهة أخرى، يقول الأهالي إن هذا النوع من الحضور المكثّف للقوات بلباس غير رسمي يُولّد خوفاً أكبر من التوقيف العشوائي أو الاستجواب الفوري. امرأة من الحيّ دوّنت في مقطع مصوّر: «جاءوا إلى بيتنا في منتصف الليل… دخلوا بلبس مدني، قالوا إنهم يبحثون عن مشاغبين، لم يروا أحداً، لكنهم تحدثوا معنا وكأننا نحن المخطئون».

ونشير إلى أن هذا النوع من التفاعل — دخول المنازل أو الحارات دون إشعار رسمي واضح — يُعدّ من الممارسات التي تفتقر للشفافية، وتعرض العلاقة بين المواطن والسلطة إلى مزيد من الانحدار.
https://www.facebook.com/reel/394778713392917

الجانب الآخر من القلق يتمثل في أن هذا الحضور المتزايد أثّر على مناخ النشاط المدني والاجتماعي في الورّاق. كثير من الأهالي يقولون إنهم باتوا يتجنّبون التجمعات أو النقاشات العامة خشية ضغوطٍ أو ملاحقةٍ باسم الأمن القومي أو محاربة “شغب”. وعلى الرغم من أن الحكومة تقول إن الهدف “تأمين الحيّ والحفاظ على السلم الاجتماعي”، فإن الكثير من الأهالي يشكّون في أن الهدف أوسع: إذ يُنظر إلى الورّاق كساحة يمكن أن تنطلق منها احتجاجات، لذلك يُنظر إليها كموقع “حرج” يجب السيطرة عليه بدلاً من الاستماع لمطالب سكانه.

وتطرح هذه المعطيات تساؤلات كبرى حول دور الدولة وحدود التدخّل الأمني، وخصوصاً حين تصبح قوات بلباس مدني جزءاً من المعادلة. ففي السياقات الديمقراطية، يُفترض أن يرتبط التدخّل الأمني بضوابط واضحة تظهر كماً من الشفافية والوقف المستمر لمراجعة السلطات — لكن في هذه الحالة يرى بعض الخبراء أن ما يجري يشكّل خلطاً بين الأمن والخدمة المدنية، بين المراقبة وبين الحماية، ما يُضعف الثقة المجتمعية ويُعزّز الانقسامات.

في ضوء ذلك، يرى نشطاء حقوقيون أن المطالبة يجب أن لا تقتصر على إنهاء الحضور المكثّف للقوات بلباس مدني فقط، بل يجب أيضاً فتح قنوات للحوار المجتمعي الحقيقي، وضمان حق سكان الورّاق في التجمع والتعبير دون خوف. كما يجدر توثيق ما يُنشر من فيديوهات وبيانات ميدانية — وتوفير آليات شفافة للتحقق من هويّة الأشخاص الذين ينفّذون الحملات في الحيّ، والمساءلة حين تُخرَق حقوق الأفراد.