على الرغم من أن الفوائد المذهلة للقهوة، وقدرتها على تقليل خطر الإصابة بعدد من المشاكل الصحية الخطيرة، من السرطان إلى أمراض القلب. إلى أمراض القلب، إلا أن هناك تحذيرات من خطر تناول بعض الأدوية معها، لأنها لا تقلل من فعاليتها فحسب، بل وتزيد من خطر الآثار الجانبية الخطيرة، كما قال أحد كبار الصيادلة.
ويشمل ذلك مسكنات الألم اليومية إلى أدوية البرد والإنفلونزا المتاحة دون وصفة طبية وأدوية ضغط الدم، إذ يمكن للكافيين أن يسبب تفاعلات تغير طريقة امتصاص الأدوية ومعالجتها وإخراجها من الجسم.
يقول إيان بود، الصيدلي في مركز "كيميست فور يو" ببريطانيا: "قد يبدو تناول القهوة الصباحية غير ضار إلى حد كبير، ولكن الكافيين يمكن أن يؤثر على كيفية معالجة جسمك للأدوية".
وأضاف، وفقًا لصحيفة "ديلي ميل": "تحدث التفاعلات الرئيسة في الكبد، والتي يمكن أن تؤدي إما إلى تسريع تحلل بعض الأدوية أو تكثيف آثارها الجانبية. إذا كنت تتناول أدوية موصوفة بانتظام، فمن المفيد أن تفكر في متى وكمية القهوة التي تشربها".
وأشار إلى أن "حتى التعديلات الصغيرة في التوقيت، مثل الانتظار لمدة ساعة بعد تناول الجرعة لتناول القهوة، يمكن أن تحدث فرقًا في مدى فعالية الدواء وكيف تشعر".
وشرح الصيدلي بالتفصيل كيفية تداخل القهوة مع الأدوية والإشكاليات التي يجب تجنبها، على النحو التالي:
- البرد والإنفلونزا
تحتوي العديد من أدوية البرد والإنفلونزا على الكافيين، لمكافحة النعاس، أو مزيلات الاحتقان مثل السودوإيفيدرين.
السودوإيفيدرين هو نوع من الأدوية المزيلة للاحتقان، والتي يمكن أن تساعد على التنفس بسهولة أكبر عندما تعاني من انسداد الأنف، ويتم تسويقه تجاريا باسم سودافيد.
وهو أيضًا أحد المكونات في عشرات من علاجات البرد والإنفلونزا المتاحة دون وصفة طبية.
وحذر بود قائلاً: "إن تناول هذه المشروبات مع القهوة قد يؤدي إلى تحفيز الجهاز العصبي بشكل مفرط، مما يؤدي إلى الشعور بالتوتر أو الخفقان أو ارتفاع ضغط الدم".
ويرجع ذلك إلى أن مزيلات الاحتقان، في حين أنها قد تخفف من احتقان الأنف وتسمح بالتنفس بسهولة أكبر، فهي أيضًا منبهات قوية لها تأثير مماثل على الجهاز العصبي المركزي مثل الكافيين، مما يؤدي إلى الأرق وتفاقم الأعراض.
كما تحذر هيئة الخدمات الصحية ببريطانيا من أن السودوإيفيدرين يمكن أن يرفع ضغط الدم ومعدل ضربات القلب، تمامًا مثل القهوة.
 - مسكنات الألم
يقول بود إن الباراسيتامول والإيبوبروفين - اللذين يستخدمهما ملايين المرضى لعلاج كل شيء من الصداع إلى الحمى - آمنان عند تناولهما بالطريقة الصحيحة، بعيدًا عن تناولهما مع فنجان من القهوة.
تكمن المشكلة في كيفية معالجة الجسم لمسكنات الألم، حيث يؤدي الإفراط في استخدامها إلى تهيج بطانة المعدة وزيادة خطر الإصابة بقرحة المعدة.
وأضاف بود أن "حموضة القهوة قد تؤدي إلى تفاقم هذا التهيج وزيادة خطر الإصابة بحرقة المعدة".
يرجع ذلك إلى أن الكافيين يحفز إنتاج حمض المعدة ويرخي الصمام الموجود في الجزء العلوي من المعدة، مما يزيد من خطر ارتجاع الحمض إلى المريء ويسبب إحساسًا بالحرقان.
كما أن الإفراط في استخدام مسكنات الألم قد يؤدي إلى تهيج المعدة، وهو ما يتفاقم بسبب تأثيرات الكافيين، مما قد يؤدي في بعض الحالات إلى الإصابة بعدوى تعرف باسم التهاب الصفاق، إذا تركت دون علاج، فقد تشكل تهديدًا للحياة.
على الرغم من وجود العديد من التغييرات في نمط الحياة التي يمكن للناس القيام بها للمساعدة في خفض ضغط الدم، مثل تجنب التوتر والإقلاع عن التدخين، إلا أن الأدوية قد تكون لا تزال ضرورية لحماية القلب والدماغ والكلى
 - أدوية ضغط الدم
من بين هذه الأدوية مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين، والتي تساعد الأوعية الدموية على الاسترخاء والتوسع، مما يؤدي إلى خفض ضغط الدم.
لكن الكافيين يمكن أن يسبب امتصاص كمية أقل من الدواء، مما يعوق قدرته على إرخاء الأوعية الدموية، ويضع ضغطا إضافيا على الأوعية الدموية والقلب والأعضاء الأخرى ويزيد من خطر الإصابة بالأزمات القلبية والسكتات الدماغية وحتى الخرف.
يعتبر ليفوثيروكسين، العلاج الأكثر شهرة لقصور الغدة الدرقية، حساسًا للغاية للوقت، كما أن القهوة قد تتداخل مع فعالية الدواء.
 - أدوية الغدة الدرقية
وأظهرت الدراسات أيضًا أن شرب القهوة بعد وقت قصير من تناول الليفوثيروكسين يمكن أن يقلل من امتصاصه بنسبة تصل إلى 50 بالمائة - مما يعني أن أعراضًا مثل التعب وزيادة الوزن ومشاكل الجهاز الهضمي يمكن أن تعود، حتى لو كنت تتناول الدواء بشكل صحيح.
يرجع ذلك إلى أن الكافيين يعمل على تسريع حركة الأمعاء، مما يقلل من الوقت الذي يستغرقه الدواء حتى يتم امتصاصه.
لذلك، يقترح الصيدلي الانتظار لمدة نصف ساعة على الأقل بعد تناول الجرعة قبل تناول القهوة.
 - مضادات الاكتئاب
إن شرب القهوة، وخاصة بكميات كبيرة، يمكن أن يزيد من تأثير العديد من مضادات الاكتئاب، مما يشكل مركبًا مع الأدوية مما يجعل امتصاص الجسم لها أكثر صعوبة.
وأضاف بود أن "بعض مضادات الاكتئاب ، وخاصة مثبطات السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، تتم معالجتها بواسطة نفس إنزيم الكبد مثل الكافيين. هذا يعني أن القهوة يمكن أن تبطئ عملية التخلص من الكافيين أو الدواء في الجسم، وبالتالي زيادة الآثار الجانبية مثل الأرق أو سرعة ضربات القلب".
في حالات نادرة، حيث يستهلك الأشخاص كمية كبيرة من القهوة خلال فترة قصيرة من الزمن، يمكن أن يساهم ذلك حتى في حدوث متلازمة السيروتونين- وهو تفاعل دوائي خطير ناجم عن ارتفاع مستويات السيروتونين في الجسم.
ويمكن أن تتراوح الأعراض من خفيفة إلى شديدة، بما في ذلك الارتباك والانفعال وسرعة ضربات القلب والتعرق المفرط والارتعاش، ويجب علاجها على الفور.
 - أدوية هشاشة العظام
يتعين على الأشخاص الذين يتناولون أدوية تقوية العظام إعادة النظر في تناولهم للكافيين.
وحذر بود من أن "الأدوية مثل أليندرونات أو ريزيدرونات يجب أن تؤخذ على معدة فارغة، والقهوة يمكن أن تمنع امتصاصها بشكل صحيح. لذلك من الأفضل الانتظار لمدة 30 دقيقة على الأقل قبل تناول قهوتك الصباحية للحصول على الفائدة الكاملة من الدواء".
لكن الأشخاص الذين يعانون من هشاشة العظام، التي تتطور ببطء على مدى عدة سنوات، قد يرغبون في التحول إلى القهوة منزوعة الكافيين لأن الكافيين يمكن أن يعيق امتصاص الفيتامينات والمعادن الأساسية، مثل فيتامين د والكالسيوم، من الأطعمة التي تدعم صحة العظام.
في الوقت الحالي، لا يوجد دليل كافٍ لاستنتاج أن تناول الكافيين - بأي كمية - يساهم في الإصابة بهشاشة العظام.
لكن بود قال: "يجب أن نضع في الاعتبار أنه مع مرور الوقت، فإن تناول كمية زائدة من الكافيين يمكن أن يؤدي أيضًا إلى تقليل امتصاص الكالسيوم".
ونصح الصيدلي بالتحول إلى القهوة منزوعة الكافيين إذا كنت قلقًا بشأن تناول الكافيين، ومراقبة كيفية عمل الدواء، لمعرفة ما إذا كان للكافيين أي تأثير. 

