كشف المحامي الحقوقي محمد رمضان، أحد أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان في الإسكندرية، عن تفاصيل صادمة حول ما يجري خلف أسوار سجن برج العرب، الذي يُعدّ من أكبر وأشد السجون حراسة في مصر.
رمضان، الذي كان محتجزاً احتياطياً عام 2019 على خلفية نشاطه الحقوقي، وثّق في شهادته طرق التعذيب الجسدي والنفسي التي تمارسها السلطات الأمنية بحق السجناء، وخاصة الجنائيين، مشيراً إلى أن تلك الممارسات تتم بشكل ممنهج ومنظم دون أي رقابة أو مساءلة قانونية.
ثلاث مراحل من العذاب: التأديب والفلكة و"عزبة أبو لباس"
بحسب شهادة رمضان، فإن إدارة السجن تتبع ثلاث وسائل أساسية للعقاب داخل السجن، تتدرج في القسوة حتى تصل إلى مرحلة إذلال كاملة للضحايا.
- أولاً: التأديب
وهو العقاب “الرسمي” داخل السجن، حيث يُزج بالمعتقل في زنزانة ضيقة لا تتجاوز مساحتها مترًا في ثلاثة أمتار، تضم سبعة سجناء دفعة واحدة، دون تهوية أو إضاءة كافية، ولا يوجد بداخلها سوى بطانية واحدة ودلو لقضاء الحاجة.
الطعام، وفق الشهادة، لا يتجاوز رغيفاً صغيراً وقطعة جبن أو حلاوة طحينية يومياً، ما يجعل التأديب أشبه بعقوبة تجويع متعمدة تمتد لأيام أو أسابيع.
- ثانياً: الفلكة
وهي وسيلة تعذيب غير رسمية مخصصة للسجناء الجنائيين، وتتم عبر ربط أرجل المعتقل في عصا خشبية غليظة بحبل متين، ثم شد الحبل بقوة حتى تتورم أقدام الضحية، ليُجلَد بعدها بكابل كهربائي سميك حتى يفقد الإحساس بقدميه.
تُستخدم هذه الطريقة – بحسب الشهادة – لتأديب المسجونين “المشاكسين”، وغالباً ما تُنفّذ أمام السجناء الآخرين لبثّ الرعب في نفوسهم.
- ثالثاً: “عزبة أبو لباس”.. ذروة الإهانة والتعذيب
المرحلة الأشد فظاعة في منظومة العقاب داخل برج العرب، والمعروفة بين السجناء باسم “عزبة أبو لباس”، تقع – وفق رواية رمضان – في أطراف السجن حيث توجد بركة مليئة بمياه الصرف الصحي.
هناك، يُجبر السجين على السباحة ذهاباً وإياباً في المستنقع العفن حتى يغطي الماء الملوث جسده بالكامل، ثم يُرغم على غمس رأسه مراراً في تلك المياه الآسنة.
ويُطلق على هذا النوع من التعذيب الاسم “عزبة أبو لباس” لأن المعتقل يجبر على النزول بملابسه الداخلية فقط، في مشهد يُقصد منه الإهانة والإذلال أكثر من الإيذاء البدني.
شهادة من داخل الزنزانة
في نص كتبه رمضان بخط يده من زنزانة رقم 12 بعنبر 2 في سجن برج العرب، قال: “لا يوجد معتقل جنائي في برج العرب لا يعرف عزبة أبو لباس. كل من يمر بها يخرج مكسوراً، ملوثاً، ويموت في داخله شيء من الكرامة”.
هذه الكلمات، التي دوّنها المحامي الحقوقي أثناء فترة احتجازه، تحولت إلى وثيقة مؤلمة تعكس واقعاً مروّعاً يعيشه آلاف السجناء في السجون، سواء كانوا سياسيين أو جنائيين.
غياب الرقابة وتصاعد التعذيب
من جانبها، أكدت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان أن ما ورد في شهادة رمضان ليس حالة فردية، بل جزء من سياسة ممنهجة تمارسها السلطات الأمنية داخل السجون ومقار الاحتجاز.
وأوضحت الشبكة أن التعذيب أصبح “أداة دائمة” في إدارة السجون، في ظل غياب كامل للرقابة والتفتيش والمحاسبة من النيابة العامة أو الجهات المختصة.
وأضافت الشبكة في بيانها أن سياسة الإفلات من العقاب هي الوقود الذي يغذي استمرار الانتهاكات، مشيرةً إلى أن العديد من الضحايا تعرضوا لتعذيب أدى إلى إعاقات دائمة أو الوفاة، دون أن يُفتح تحقيق جاد في أي من تلك الحالات.
مطالب حقوقية عاجلة
دعت الشبكة المصرية السلطات إلى فتح تحقيق شامل ومستقل في الانتهاكات التي وردت في شهادة محمد رمضان، وإلى تمكين لجان التفتيش القضائي والحقوقي من دخول السجون بشكل مفاجئ ودون إخطار مسبق.
كما طالبت بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي، ومحاسبة المتورطين في ممارسة التعذيب أو التستر عليه، تطبيقاً لما نص عليه الدستور والاتفاقيات الدولية التي وقّعت عليها مصر.
https://www.facebook.com/ENHR2021/posts/848925027488558?ref=embed_post

