قررت نيابة أمن الدولة العليا، أمس الأحد، تجديد حبس الباحث والصحافي إسماعيل الإسكندراني والكاتب والروائي هاني صبحي لمدة 15 يوماً إضافية على ذمة التحقيق، في قضيتين منفصلتين تتعلقان باتهامات بالانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة، وهي التهم التي لطالما وُجّهت إلى أصحاب الرأي في البلاد خلال السنوات الأخيرة، في خطوة أثارت قلقاً متزايداً في الأوساط الحقوقية والثقافية.

 

القرار جاء بعد جلسات تحقيق مطوّلة خضع خلالها الإسكندراني للاستجواب في القضية رقم 6469 لسنة 2025 حصر أمن دولة عليا، بينما وُجهت لصبحي اتهامات مشابهة في قضية أخرى لم تُعلن تفاصيلها رسمياً حتى الآن، وسط تكتم رسمي حول طبيعة الأدلة أو الوقائع التي تستند إليها النيابة.

 

الإسكندراني.. الباحث الذي دفع ثمن المعرفة

 

إسماعيل الإسكندراني، البالغ من العمر نحو 41 عاماً، ليس اسماً جديداً في ساحات القضايا المرتبطة بحرية الصحافة. فقد أمضى ما يقرب من سبع سنوات في السجن بين عامي 2015 و2022 بتهم مشابهة، على خلفية عمله البحثي المتعلق بشمال سيناء، وهي المنطقة التي نادراً ما يُسمح فيها للباحثين المستقلين أو الصحافيين بالتحقيق والتغطية.

 

ووفقاً لمصادر حقوقية حضرت التحقيقات، وُجهت إلى الإسكندراني اتهامات باستخدام حساباته الإلكترونية في "نشر معلومات غير دقيقة تمس الأمن القومي"، وتداول منشورات تتعلق بالأوضاع في سيناء. غير أن المحامين الحاضرين أكدوا أن تلك الاتهامات تفتقر إلى المستندات التي تثبت صحتها، معتبرين أن ما يجري هو محاولة لتكميم صوت أحد أبرز الباحثين في قضايا الجماعات الإسلامية والبيئة الاجتماعية في سيناء.

 

يُذكر أن الإسكندراني، الحاصل على جوائز دولية في البحث الصحافي، كان قد حظي بتقدير واسع داخل الأوساط الأكاديمية والحقوقية بسبب دراساته الميدانية الدقيقة، التي سلطت الضوء على التحولات الاجتماعية والاقتصادية في شمال سيناء، كما نُشرت أعماله في عدد من الصحف والمراكز البحثية الدولية.

 

هاني صبحي.. كاتب مسيحي في مواجهة تهم الانضمام للإخوان

 

أما الروائي والكاتب الشاب هاني صبحي، فقد جاء توقيفه في ظروف غامضة من داخل منزله في حي المرج بالقاهرة، وفقاً لرواية أسرته التي أكدت أن قوة أمنية بملابس مدنية اقتادته ليلاً من دون إذن قضائي، وأغلقت هاتفه الشخصي، قبل أن تُحذف صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك".

 

والمفارقة المثيرة في قضية صبحي، كما يصفها مراقبون، أن التهم الموجهة إليه تتضمن "الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين"، رغم أنه مسيحي الديانة، وهو ما أثار استغراباً واسعاً في الوسط الثقافي.

 

وتشير إفادات المحامين إلى أن السبب الحقيقي وراء القبض عليه هو كتاباته النقدية التي تناولت الأوضاع السياسية والاجتماعية، إلى جانب منشورات تضامن فيها مع ضحايا الحرب في غزة وانتقدت السياسات الأمنية داخل مصر.

 

صبحي، الذي لمع اسمه في السنوات الأخيرة كأحد أبرز الأصوات الأدبية الجديدة، أصدر مجموعته القصصية "روح الروح" عام 2024، وروايته "على قهوة في شبرا" التي تناولت التعايش بين المسلمين والمسيحيين في الأحياء الشعبية. وقد حظيت أعماله باهتمام نقدي واسع لجرأتها في تناول قضايا الهُوية والحريات.

 

قلق حقوقي وتصاعد الجدل الثقافي

 

قرار تجديد الحبس لكلا المثقفين أعاد فتح ملف حرية التعبير، لا سيما مع تزايد عدد الصحافيين والكتّاب المحتجزين على ذمة قضايا أمنية. وأصدرت عدة منظمات حقوقية بيانات تندد بما وصفته بـ"العودة لدوامة القمع"، مشيرة إلى أن استمرار حبس الإسكندراني وصبحي يعكس توجهاً ممنهجاً لإسكات الأصوات النقدية المستقلة.

 

في المقابل، تلتزم الجهات الرسمية الصمت إزاء الانتقادات المتصاعدة، بينما تؤكد النيابة أن القرارات المتخذة تستند إلى "إجراءات قانونية وتحريات أمنية دقيقة"، دون الإفصاح عن تفاصيلها.