في تطور مفاجئ يعيد إلى الأذهان سنوات التضييق على الدعاة المستقلين في مصر، اعتقلت قوات الأمن الشيخ مصطفى العدوي ، البالغ من العمر نحو 70 عامًا، والمقيم في محافظة الدقهلية ، أحد أبرز رموز التيار السلفي المستقل، وفق ما أكدته مصادر مقربة من عائلته على مواقع التواصل الاجتماعي. ولم تصدر وزارة الداخلية حتى الآن أي بيان رسمي يوضح أسباب الاعتقال أو مكان احتجاز الشيخ، ما أثار موجة واسعة من التساؤلات والاستنكار في الأوساط الدعوية والشعبية.
واقعة ليست الأولى
هذه ليست المرة الأولى التي يجد فيها الشيخ مصطفى العدوي نفسه في مواجهة مباشرة مع الأجهزة الأمنية. فقد سبق أن اعتُقل عام 2020 لساعات، بعد أن دعا في تسجيل مصور إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية ردًا على إساءات باريس للإسلام والنبي محمد ﷺ، واصفًا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ"المجرم".
وقد أثار ذلك الموقف حينها حملة تضامن واسعة معه عبر مواقع التواصل، شارك فيها آلاف المصريين والعرب، معتبرين أن الشيخ عبّر عن موقف ديني طبيعي تجاه إهانة رموز الإسلام، وأن استدعاءه كان محاولة لإسكات صوت الدعوة المستقلة.
تضامن واسع
أصدر عدد من الدعاة المستقلين والمفكرين الإسلاميين بيانات تضامن مع الشيخ، محذرين من أن “استمرار اعتقال العلماء يفاقم أزمة الثقة بين الدولة والمجتمع الديني، ويغذي الشعور بالاضطهاد الديني لدى قطاع واسع من المصريين”.
الداعية الدكتور محمد الصغير " داهمت اليوم قوة أمنية مكبرة منزل فضيلة الشيخ #مصطفى_العدوي واعتقلته وصادرت أجهزة التصوير من مكتبه، وذلكبعد تعليقه على افتتاح #المتحف_المصري_الكبير وإنكاره على إحياء النزعة الفرعونية، والبذخ في تسويقها والإسراف في الانتساب إليها، ويعتبر الشيخ العدوي أحد أهم أسباب سن قانون حظر الفتوى في #مصر -بعد انتشار مقاطعه وأجوبته- وجعل الإفتاء قاصرا على لجان محدودة، تختار بالطريقة الأمنية المعهودة ! نسأل الله له العافية والسداد، وأن يرده عاجلا لبيته وطلابه. #أغلقوا_صيدنايا_مصر".
 
داهمت اليوم قوة أمنية مكبرة منزل فضيلة الشيخ #مصطفى_العدوي واعتقلته وصادرت أجهزة التصوير من مكتبه، وذلكبعد تعليقه على افتتاح #المتحف_المصري_الكبير وإنكاره على إحياء النزعة الفرعونية، والبذخ في تسويقها والإسراف في الانتساب إليها، ويعتبر الشيخ العدوي أحد أهم أسباب سن قانون حظر… pic.twitter.com/vaF90YyYTU
— د. محمد الصغير (@drassagheer) November 3, 2025
الشيخ سلامة عبدالقوي " اللهم احفظ الشيخ مصطفى العدوي من ظلم هؤلاء المجرمين وبطشهم، كم نصحناك يا شيخ مصطفى وحذّرناك من غدرهم، لكنك أحسنت الظن وسكتّ لعلّك تجد عندهم مكانًا، فغدروا بك كما هي عادتهم مع كل صادق. الآن تبدأ الطريق الحقّ، طريق العلماء الربانيين الصادقين، ثبتك الله وحفظك من كيدهم."
اللهم احفظ الشيخ مصطفى العدوي من ظلم هؤلاء المجرمين وبطشهم،
— Salama Abdelkawy - سلامة عبد القوي (@AbdelkawySalama) November 3, 2025
كم نصحناك يا شيخ مصطفى وحذّرناك من غدرهم، لكنك أحسنت الظن وسكتّ لعلّك تجد عندهم مكانًا،
فغدروا بك كما هي عادتهم مع كل صادق.
الآن تبدأ الطريق الحقّ، طريق العلماء الربانيين الصادقين،
ثبتك الله وحفظك من كيدهم. pic.twitter.com/DGdGCMoAVg
الاقتصادي الدكتور مراد علي تساءل " لماذا يضيق صدر الحاكم في مصر بأي رأيٍ أو اجتهادٍ لا يُساير روايته ؟"
وتابع: هل يُعقل أن يُعتقل الشيخ مصطفى العدوي — أحد أبرز علماء السلفية، وأحد من عُرفوا بالاعتدال النسبي والبعد عن الخلافات السياسية — لمجرد أنه انتقد فرعون الذي مات قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام؟!
وأكد: الشيخ لم يهاجم الحكومة، ولم يدعُ إلى مقاطعة المتحف المصري الكبير، ولم ينتقد الاحتفالات المبالغ فيها، ولم يتعرض للرموز التي شاركت فيه، رغم ما أثارته من تساؤلات أخلاقية.
ولفت: كل ما قاله الرجل أنه أقرّ بما أقرّه القرآن الكريم: أن فرعون طغى وكفر وظلم، وهي حقيقة إيمانية لا يختلف عليها مؤمن بالله واليوم الآخر.
ومع ذلك، خرجت الأصوات الإعلامية المقرّبة من النظام، نشأت الديهي وأمثاله، لتهاجم الشيخ وتشوّه صورته، قبل أن تتدخّل الأجهزة الأمنية وتعتقله دون مراعاةٍ لسنّه الذي تجاوز الواحدة والسبعين عامًا.
واختتم تغريدته قائلا : فهل اعتقال عالم دين لانتقاده حاكم مات من ٣ آلاف سنة يعكس صورة حضارية عن مصر التي أنفقوا المليارات لتحسين صورتها من خلال المتحف؟
 
لماذا يضيق صدر الحاكم في مصر بأي رأيٍ أو اجتهادٍ لا يُساير روايته ؟
— Mourad Aly د. مراد علي (@mouradaly) November 3, 2025
هل يُعقل أن يُعتقل الشيخ مصطفى العدوي — أحد أبرز علماء السلفية، وأحد من عُرفوا بالاعتدال النسبي والبعد عن الخلافات السياسية — لمجرد أنه انتقد فرعون الذي مات قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام؟!
الشيخ لم يهاجم الحكومة،… pic.twitter.com/1NqDOwMObu
الداعية الدكتور محمد يسري " اللهم فارج الهم كاشف الغم مجيب دعوة المضطرين فرج عن العالم الجليل والحبر الكبير مصطفى العدوي، ورده مرفوع الهامة موفور الكرامة إلى منابر الدعوة والتعليم والأمر بالمعروف إنك على كل شئ قدير، وبالإجابة جدير".
اللهم فارج الهم كاشف الغم مجيب دعوة المضطرين فرج عن العالم الجليل والحبر الكبير مصطفى العدوي، ورده مرفوع الهامة موفور الكرامة إلى منابر الدعوة والتعليم والأمر بالمعروف إنك على كل شئ قدير، وبالإجابة جدير. pic.twitter.com/WAqpt7IcUs
— د.محمد يسري إبراهيم (@DrMohamadYousri) November 3, 2025
وكتبت صدى مصر " في آخر ظهور للشيخ مصطفى العدوي قبل اعتقاله: "يا أهل مصر يجب أن نتبرأ من فرعون وجنده وزيارة المتحف يجب أن تكون للاتعاظ بمصيره ويجب أن نتبرأ من شخص قال "أنا ربكم الأعلى"
في آخر ظهور للشيخ مصطفى العدوي قبل اعتقاله:
— صدى مصر (@sadamisr25) November 3, 2025
"يا أهل مصر يجب أن نتبرأ من فرعون وجنده وزيارة المتحف يجب أن تكون للاتعاظ بمصيره ويجب أن نتبرأ من شخص قال "أنا ربكم الأعلى"#هانت#حملة_300#احنا_الشعب#GenZ002 pic.twitter.com/Yd2M85wBG8
سيرة دعوية حافلة
يُعد الشيخ مصطفى العدوي من أبرز علماء الحديث والدعوة السلفية المستقلة في مصر. درس في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وتخصص في الحديث الشريف، ثم عاد إلى مصر ليتفرغ للتدريس والدعوة.
ويتميّز العدوي بابتعاده عن الانخراط في التيارات السياسية، مركزًا على الجانب العلمي والدعوي، وهو ما أكسبه قبولًا واسعًا بين شرائح كبيرة من المصريين الذين يرون فيه نموذجًا للعالم المتزن، البعيد عن الصدام أو التسييس.
ورغم ذلك، فإن السلطات المصرية لم تتعامل مع هذا الحياد كضمانة، بل بدا أن مجرد احتفاظه باستقلاله الفكري وعدم تبعيته لأي جهة رسمية يجعله هدفًا محتملًا للرقابة والملاحقة.
وفي ظل الغموض المحيط بمصير الشيخ مصطفى العدوي، يتساءل كثيرون إن كان الاعتقال مجرد استدعاء للتحقيق أم بداية حلقة جديدة من التضييق على الدعوة المستقلة في مصر.
وبينما يلوذ المسؤولون بالصمت، تتزايد الأصوات المطالبة بالإفراج عنه، معتبرة أن إقصاء العلماء والدعاة لا يخدم استقرار المجتمع، بل يعمّق الفجوة بين السلطة والشعب، ويقوّض ما تبقى من حرية التعبير الديني في البلاد.

