كشفت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان عن قيام مصلحة السجون يوم الأربعاء الماضي بتنفيذ عملية تغريب جماعي شملت 24 معتقلاً سياسياً من سجن المنيا شديد الحراسة إلى سجن الوادي الجديد، الذي يُعرف بين المعتقلين وأسرهم باسم “سجن الموت”، بسبب ما يشهده من ظروف احتجاز قاسية وانعدام للرعاية الطبية والإنسانية.

 

وأشارت الشبكة إلى أن هذه الخطوة تمثل انتهاكاً صارخاً للمواثيق الدولية والقوانين المحلية التي تشدد على ضرورة احتجاز السجين في سجن قريب من محل إقامته، حفاظاً على الروابط الأسرية والاجتماعية. إلا أن نقل المعتقلين إلى الوادي الجديد – الذي يقع على مسافة مئات الكيلومترات من محافظاتهم الأصلية – ضاعف معاناة الأسر التي باتت تقطع الصحارى والطرق الطويلة لزيارة أبنائها، في رحلة قد تستغرق يوماً كاملاً أو أكثر، فقط من أجل لقاء لا يتجاوز عشر دقائق.

 

وتصف الشبكة المصرية ما جرى بأنه عقاب جماعي مقصود، يهدف إلى زيادة الضغط النفسي على المعتقلين وأسرهم. فإلى جانب المسافات الطويلة، يخضع الزائرون لتفتيش مهين وإجراءات أمنية مشددة، بينما يُحرم المعتقلون من إدخال مستلزماتهم الشخصية أو الأدوية الضرورية، ويُجبرون على التواصل مع ذويهم من خلف حواجز من الأسلاك الشائكة، في مشهد يصفه الأهالي بأنه قاسٍ ومهين للكرامة الإنسانية.

 

وأكدت الشبكة أن سجن الوادي الجديد يعاني من تدهور شديد في الخدمات الصحية والطبية، حيث لا تتوافر فيه إلا إمكانيات محدودة للعلاج، في ظل تكدس مئات السجناء داخل زنازين ضيقة تفتقر إلى التهوية الجيدة والمياه النظيفة. هذه الظروف، وفقاً للشبكة، تهدد حياة عشرات المعتقلين، خصوصاً كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، الذين لا يتلقون الرعاية اللازمة.

 

وحذّرت الشبكة من أن استمرار سياسة التغريب والتنكيل بحق المعتقلين قد يؤدي إلى تصاعد الغضب داخل السجون ويدفع المعتقلين إلى تنفيذ إضرابات جماعية أو محاولات عصيان، مؤكدة أن هذه الممارسات ليست جديدة، بل تمثل نمطاً متكرراً من الانتهاكات التي تتبعها مصلحة السجون منذ سنوات.

 

وأشارت الشبكة إلى أن الوقائع السابقة تؤكد خطورة هذه السياسة، إذ شهدت السجون في أوقات سابقة عمليات نقل قسري جماعية كان آخرها تغريب 53 معتقلاً، صاحبها اشتباكات داخل الزنازين ومحاولات انتحار بين السجناء نتيجة اليأس من تكرار الانتهاكات.

 

وفي ختام بيانها، دعت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان السلطات إلى وقف هذه الممارسات فوراً، والالتزام بالقوانين والاتفاقيات الدولية التي تكفل كرامة السجناء وحقوقهم، كما طالبت بتوفير الرعاية الصحية والإنسانية الكاملة للمعتقلين، خاصة المرضى وكبار السن، وضمان إمكانية الزيارة المنتظمة لأسرهم دون تعقيدات أو إهانات.

 

وحملت الشبكة وزارة الداخلية ومصلحة السجون المسؤولية الكاملة عن أي تدهور في الحالة الصحية أو النفسية لهؤلاء المعتقلين بعد نقلهم إلى الوادي الجديد، معتبرة أن ما يحدث هو تصعيد خطير في استخدام العقاب الجماعي كأداة سياسية ضد معارضي النظام.