أدانت المفوضية المصرية للحقوق والحريات بشدة احتجاز وترحيل اللاجئ الأفغاني عبد الحق أمر الدين من مصر، ووصفت ما حدث بأنه “انتهاك جسيم للقانون المصري والاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية اللاجئين”، مؤكدة أن ما جرى يعكس تراجعًا خطيرًا في التزامات الدولة تجاه حماية من يلجأون إلى أراضيها بحثًا عن الأمان.
وقال محمد سعيد، مدير برنامج دعم اللاجئين في المفوضية، في تصريحات صحفية إن ترحيل عبد الحق “يمثل مشاركة من السلطات المصرية في جريمة محتملة”، موضحًا أن اللاجئ المسجل لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالقاهرة، يقيم في البلاد بصورة قانونية ويحمل بطاقتي لجوء وإقامة ساريتين، إلا أنه جرى احتجازه ثم ترحيله دون سند قانوني واضح.
بداية القصة: “مكالمة مجهولة قادت إلى المأساة”
تعود الواقعة إلى 30 سبتمبر الماضي حين تلقى عبد الحق اتصالًا من مجهول طلب منه التوجه إلى أحد الأكشاك لاستلام مبلغ مالي قُدر بـ2000 جنيه كمساعدة دراسية لأبنائه.
وبحسب رواية أسرته للمفوضية، عندما وصل إلى المكان وقعت مشادة بسبب سوء التواصل اللغوي بينه وبين صاحب الكشك، بعد أن اكتشف الأخير تحويل 20 ألف جنيه من حسابه لأحد الأشخاص المجهولين.
تدخلت الشرطة على إثر المشادة، ليتم القبض على عبد الحق رغم أنه كان ضحية عملية نصب واضحة. وبعد التحقيقات، أخلت النيابة العامة سبيله وصدر حكم بالتصالح بعد سداده المبلغ، إلا أن السلطات لم تطلق سراحه، بل أحالته إلى جهاز الأمن الوطني الذي بدوره حوله إلى مصلحة الجوازات تمهيدًا لترحيله.
إجراءات الترحيل ورفض الأسرة
وأوضح سعيد أن مصلحة الجوازات أبلغت زوجة اللاجئ بضرورة حجز تذكرة طيران إلى أفغانستان، لكنها رفضت الأمر مؤكدة أن ترحيله يشكل خطرًا داهمًا على حياته. ورغم ذلك، تلقت الأسرة لاحقًا اتصالًا من سفارة أفغانستان بالقاهرة تخطرها بتحملها تكاليف التذكرة، تمهيدًا لتنفيذ قرار الترحيل.
وأكدت المفوضية أن ترحيل عبد الحق لا يمثل فقط انتهاكًا لحقوقه الشخصية، بل خرقًا للدستور المصري وللقوانين الوطنية، وفي مقدمتها قانون اللجوء رقم 164 لسنة 2024، الذي ينص على حماية اللاجئين من الإعادة القسرية إلى دولهم الأصلية حال وجود تهديد على حياتهم أو حريتهم.
انتهاك للدستور والاتفاقيات الدولية
يشير الدستور في المادة 91، إلى أن “تسليم اللاجئين السياسيين محظور”، وأن الدولة تلتزم بمنح حق اللجوء لكل أجنبي تعرض للاضطهاد بسبب الدفاع عن حقوق الإنسان أو العدالة أو السلام. كما أن اتفاقية جنيف لعام 1951 وبروتوكول 1967 المُلحق بها، اللذان تعد مصر طرفًا فيهما، يكرسان مبدأ عدم الإعادة القسرية، وهو ما تم تجاهله في هذه الحالة، بحسب المفوضية.
وقال سعيد إن “تنفيذ قرار الترحيل يعني تسليم رجل إلى مصير مجهول، قد يكون السجن أو الموت”، مشددًا على أن اللاجئ لن يتمكن حتى من التواصل مع أقاربه أو محاميه في حال وصوله إلى بلاده، حيث يواجه تهديدات سياسية دفعت به في الأصل إلى طلب الحماية في مصر.
تحذيرات من “فقدان الثقة الدولية”
في بيان سابق، شددت المفوضية المصرية على أن ما حدث مع عبد الحق “لا يمس شخصًا واحدًا فحسب، بل يسيء إلى سمعة مصر والتزامها الإنساني والدولي تجاه قضايا اللجوء”. وأكد البيان أن احتجازه وترحيله دون مبرر قانوني واضح يشكل “انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان ولمكانة مصر الدولية في مجال حماية اللاجئين”.
وأضاف البيان أن ترحيله إلى أفغانستان “يمثل تهديدًا مباشرًا لحياته وسلامته بالنظر إلى الأوضاع الأمنية والسياسية الخطيرة هناك”، محذرة من أن تكرار مثل هذه الوقائع قد يؤدي إلى فقدان الثقة الدولية في منظومة الحماية داخل مصر، ويضعف التعاون القائم مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
دعوات للإفراج الفوري وضمان الحماية
وطالبت المفوضية المصرية بالإفراج الفوري عن عبد الحق وضمان حمايته وأسرته، التزامًا بالدستور والاتفاقيات الدولية التي وقعتها مصر، مشيرة إلى أنه يعول زوجته وأطفاله الأربعة الذين يعيشون اليوم في حالة خوف وترقب لمصير والدهم المجهول.
https://www.facebook.com/ecrf.net/posts/1263960069109161?ref=embed_post

