في مشهد يجسد القهر الاجتماعي والاقتصادي الذي يعانيه البسطاء في مصر، سلطت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان الضوء على معاناة الشاب حسن أبو بكر حسن محمود — بائع غزل البنات البالغ من العمر 27 عامًا — الذي وجد نفسه متهمًا بالانضمام إلى جماعة إرهابية وتوزيع منشورات، فقط لأنه مرّ صدفة أمام مركز شرطة أثناء سعيه وراء لقمة عيشه.

 

وقالت إن القصة ليست عن السياسة بقدر ما هي عن الظلم الذي يطحن الفقراء بلا ذنب، وعن دولة بات فيها الخوف أقرب إلى المواطن من الأمان.

 

حسن أبو بكر من مواطنى قرية هربيط بمركز أبو كبير بمحافظة الشرقية، يعمل بائعًا لغزل البنات متنقلًا بين شوارع المركز بعصاه الخشبية التي يلفّ حولها الغزل الوردي ليكسب قوت يومه بالحلال.

 

يعول حسن والدته المسنة المصابة بشلل أطفال، ووالده البالغ من العمر سبعين عامًا، وهما يعتمدان عليه اعتمادًا كاملًا في الرعاية والمعيشة.

 

في الرابع من أغسطس الماضي، وأثناء مروره بالقرب من مركز شرطة أبو كبير، أوقفه أحد أفراد الشرطة دون مبرر واضح، وتم اقتياده إلى مقر الأمن الوطني بالمركز. ومنذ تلك اللحظة، اختفى قسرًا لمدة خمسين يومًا، دون أن تعلم أسرته مصيره أو مكان احتجازه.

 

خلال فترة اختفائه القسري، وفقًا لشهادات موثوقة قالت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان إنها حصلت عليها، تعرض حسن لانتهاكات جسدية ونفسية، وجرى تهديده لإجباره على الاعتراف باتهامات لم يرتكبها.

 

وعقب ظهوره، تم عرضه على نيابة أبو كبير التي وجهت إليه اتهامات بالانضمام إلى جماعة محظورة وتوزيع منشورات، وأمرت بحبسه 15 يومًا على ذمة التحقيق. ومنذ ذلك الحين، يتم تجديد حبسه بشكل روتيني دون سند من القانون، في حجز مركز شرطة أبو كبير الذي يفتقر لأدنى معايير الاحتجاز الآمن والإنساني.

 

وقالت الشبكة إن وقائع القضية تؤكد أن ما تعرض له حسن أبو بكر يمثل انتهاكًا صارخًا للدستور المصري، الذي يكفل في مادته (54) الحق في الحرية الشخصية ويحظر القبض على أي مواطن أو احتجازه إلا بأمر قضائي مسبب.

 

كما تخالف الإجراءات المتخذة بحقه المواد (9 و14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادقت عليه مصر، والمتعلقة بالحق في الأمان الشخصي والمحاكمة العادلة.

 

ورأت أن احتجاز مواطن بسيط يعمل في مهنة شريفة، دون دليل مادي أو شبهة جنائية حقيقية، لا يمكن اعتباره إلا عقابًا اجتماعيًا على الفقر، وتجسيدًا لسياسة ممنهجة في الاعتقال العشوائي والتنكيل بالفئات الضعيفة.

 

وبحسب المعلومات المتوفرة للشبكة فان غياب حسن لا يعني فقط حرمانه من حريته، بل يمثل كارثة إنسانية لعائلته الفقيرة. والدته المصابة بشلل أطفال بلا رعاية، ووالده المسن بلا معيل.

 

أصبح اعتقاله عبئًا نفسيًا واقتصاديًا عليهم، في ظل ظروف معيشية متدهورة، ما يجعل إطلاق سراحه ضرورة إنسانية عاجلة قبل أن يتحول ظلم الدولة إلى مأساة أسرة بأكم

 

وطالبت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان بالإفراج الفوري وغير المشروط عن المواطن حسن أبو بكر حسن و وقف الممارسات الأمنية التعسفية بحق العمال وصغار الكسبة في الريف المصري.

 

وأكدت أن قضية حسن أبو بكر ليست استثناءً، بل مرآة لواقع مؤلم يتعرض فيه المواطن البسيط للاتهام لا لشيء سوى أنه فقير.

 

وأشارت إلى أن استمرار احتجاز بائع غزل البنات بهذه الصورة المهينة هو وصمة عار على العدالة المصرية، ورسالة قاسية بأن الكادحين بلا حماية ولا صوت، وأن حتى من يبيع “غزل البنات” لم يعد في مأمن من غزل الاتهامات.