في خطوة مفاجئة داخل المشهد الانتخابي المصري، أعلنت النائبة نشوى الديب، المرشحة عن دائرة إمبابة بمحافظة الجيزة، انسحابها من سباق انتخابات مجلس النواب لعام 2025. جاء قرار الانسحاب في بيان علني عبّرت فيه النائبة عن استيائها من "غياب النزاهة والشفافية" خلال سير العملية الانتخابية، مؤكدة أن استمرارها "يتعارض مع قناعاتها ومبادئها".
وتسلط هذه الواقعة الضوء على الجدل المتزايد بشأن نزاهة الانتخابات البرلمانية، بالتزامن مع بدء التصويت في المرحلة الأولى داخل 14 محافظة على مستوى الجمهورية.
انسحاب مفاجئ واتهامات بانعدام النزاهة
قالت النائبة نشوى الديب في بيانها: "دخلت هذه الانتخابات مؤمنة بروح الجمهورية الجديدة، ومتحلية بروح المنافسة الشريفة، إلا أنّ ما شهدته من مخالفات واضحة، وغياب لمعايير النزاهة والشفافية، وعدم تكافؤ الفرص بين المرشحين، يجعل من الاستمرار في هذه العملية أمرًا لا يتفق مع قناعاتي ولا مع المبادئ التي أؤمن بها".
وأضافت أن الانتخابات النزيهة هي أساس الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وأنه "حين تُفتقد النزاهة تصبح المشاركة شكلية لا جوهر لها". وأكدت أن قرارها بالانسحاب جاء "دفاعًا عن قيم الديمقراطية وحق المواطن في اختيار حر ونزيه"، مشيرة إلى أن هذا الموقف لا يمثل انسحابًا من العمل العام، بل تأكيدًا على التمسك بمبادئ الجمهورية الجديدة التي يجب أن تُبنى على العدالة والشفافية.
سياق انتخابي محتدم
يأتي انسحاب النائبة في وقت تتواصل فيه المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب 2025 داخل مصر، والتي بدأت صباح الإثنين 10 نوفمبر وتستمر حتى مساء الثلاثاء 11 نوفمبر.
وتُجرى الانتخابات في 14 محافظة، تشمل الجيزة، الإسكندرية، البحيرة، الفيوم، بني سويف، المنيا، أسيوط، سوهاج، قنا، الأقصر، أسوان، البحر الأحمر، مرسى مطروح، والوادي الجديد.
ويبلغ عدد اللجان الفرعية في هذه المرحلة 5606 لجنة، من إجمالي 10893 لجنة على مستوى الجمهورية، وفقًا لقرار الهيئة الوطنية للانتخابات رقم 60 لسنة 2025.
كما يتنافس في المرحلة الأولى نحو 1281 مرشحًا فرديًا، إلى جانب القوائم الانتخابية في قطاعي "غرب الدلتا" و"شمال ووسط وجنوب الصعيد"، في سباق انتخابي يُنتظر أن يشكل ملامح البرلمان الجديد للسنوات الخمس القادمة.
دلالات الانسحاب وردود الفعل
أثار قرار النائبة نشوى الديب انسحابها جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية، باعتبارها من الشخصيات البرلمانية المعروفة بمواقفها الوطنية والمستقلة. ورأى مراقبون أن انسحابها يُعيد طرح أسئلة حول مستوى الشفافية في العملية الانتخابية، ومدى توازن المنافسة بين المرشحين، خصوصًا في ظل غياب فعلي لأحزاب معارضة قوية على الساحة.
ويُنظر إلى موقفها على أنه رسالة رمزية تعبّر عن أزمة الثقة التي ما زالت تفصل بين بعض المرشحين والمشهد الانتخابي العام، رغم محاولات الدولة التأكيد على أن "الجمهورية الجديدة" تقوم على المشاركة والعدالة وتكافؤ الفرص.
وأخيرا يمثل انسحاب النائبة نشوى الديب من انتخابات مجلس النواب 2025 حدثًا لافتًا يعكس جانبًا من الجدل الدائر حول نزاهة العملية الانتخابية في مصر. وبينما تؤكد الهيئة الوطنية للانتخابات استعدادها الكامل لضمان انتخابات "حرة ونزيهة"، فإن أصواتًا سياسية ترى أن غياب التنافس الحقيقي والفرص المتكافئة ما زال يهدد مصداقية هذا الاستحقاق.
وفي ظل هذا التباين بين الرواية الرسمية وشهادات بعض المرشحين، يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح الدولة في تمرير هذه المسرحية وتزوير أعداد الناخبين في صناديق الاقتراع، لتكون المشاركة شكلية كما قالت النائبة التي قررت الانسحاب دفاعًا عن نزاهة مفقودة؟

