شهد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ46، مساء الجمعة 15 نوفمبر 2025، العرض العربي الأول لفيلم "كان ياما كان في غزة" الفلسطيني، بحضور نجوم وصناع السينما على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، في أجواء احتفالية استثنائية عكست التضامن مع القضية الفلسطينية.
حظي الفيلم بـتصفيق حاد استمر لدقائق بعد انتهاء العرض، وسط حضور بارز ضم رئيس المهرجان الفنان حسين فهمي وزوجته، الفنانة لبلبة، خالد سليم، ركين سعد، المخرجة كاملة أبو ذكري، رانيا منصور وابنتها توانا الجوهري، بالإضافة إلى السفير الفرنسي في مصر إيريك شوفالييه.
قصة الفيلم: واقع غزة من الداخل
تدور أحداث الفيلم في غزة عام 2007، بعد سيطرة حركة حماس على القطاع وبداية الحصار الإسرائيلي المفروض على المدينة. يروي الفيلم قصة يحيى، طالب جامعي شاب، تجمعه صداقة غير متوقعة مع أسامة، صاحب مطعم فلافل يتمتع بكاريزما كبيرة وقلب طيب.
تتطور الصداقة إلى شراكة عمل غير تقليدية، حيث يبدأ الثنائي في بيع المخدرات (الحبوب) أثناء توصيل ساندويتشات الفلافل، مستخدمين المطعم كواجهة لتجارتهما. لكن حياتهما تتعقد حين يجدان نفسيهما في مواجهة شرطي فاسد يفرض نفوذه وغروره على الجميع، ما يضعهما في مأزق خطير.
يقدم الفيلم مزيجًا بين الدراما والكوميديا السوداء والواقع القاسي، مستندًا إلى قصص حقيقية من حياة الفلسطينيين في غزة تحت الحصار، مع التركيز على التفاصيل اليومية الإنسانية بعيدًا عن الأرقام الإعلامية.
رسالة الفيلم: أصوات من "السجن المفتوح"
أكد المؤلف عامر ناصر أن الفيلم "يقدم واقع غزة كما هو دون تجميل، وفي نفس الوقت لا يُظهر أهلها كضحايا فقط"، مشيرًا إلى أن كل شخصية وتفصيلة في العمل مستوحاة من قلب فلسطين وليست من وحي الخيال.
وأوضح الفنان مجد عيد، الذي يؤدي دور أسامة، أن الفيلم "يقدم اليوميات القاسية لأهالي القطاع في السجن المفتوح"، مؤكدًا أن العرض في مهرجان القاهرة يمثل "شرفًا كبيرًا وخطوة مهمة في مسيرته الفنية".
رحلة إنتاج استمرت عقدًا من الزمن
كشف المخرجان طرزان وعرب ناصر أن تحضير الفيلم استغرق نحو 10 سنوات، وأن التصوير واجه تحديات هائلة بسبب الحصار الإسرائيلي على غزة والعدوان المتكرر. وأضافا: "كان مقررًا عرض الفيلم عام 2020، لكن الظروف القهرية والحصار أدت إلى تأجيله مرارًا".
قال المخرج عرب ناصر: "كانت تجربة صعبة بالنسبة لنا كصناع وتمثل تحديًا كبيرًا، لكن حصدنا نتيجة مجهودنا بالفوز بجائزة أفضل إخراج في مهرجان كان".
أما المنتج زياد سروجي، فأوضح أن "أكثر ما دفعه للمشاركة في الإنتاج هو القصة الحقيقية التي يناقشها العمل، والفيلم لا يحتوي على أي توجهات سياسية، إنما يناقش قصة إنسانية في غزة بشكل ممتع".
جائزة كان السينمائي وانطلاقة عالمية
حصد الفيلم جائزة أفضل إخراج في قسم "نظرة ما" بالدورة الـ78 من مهرجان كان السينمائي الدولي في مايو 2025، في إنجاز تاريخي للسينما الفلسطينية. وشهد عرضه العالمي الأول في كان تفاعلًا دوليًا واسعًا، قبل أن ينطلق في جولته العربية من القاهرة.
إنتاج دولي مشترك وطاقم متنوع
الفيلم إنتاج دولي مشترك بين فرنسا وألمانيا والبرتغال وفلسطين، بمشاركة قطر والأردن. تبلغ مدته 87 دقيقة، وهو من إخراج الأخوين طرزان وعرب ناصر، وتأليفهما بالتعاون مع عامر ناصر وماري ليجراند.
يشارك في بطولته مجد عيد (أسامة)، إضافة إلى طاقم فني فلسطيني وعربي متنوع، بينما يتولى الإنتاج كل من زياد سروجي، أماندا تيرنبول، وراني مصالحة.
الحضور الفلسطيني في مهرجان القاهرة
يأتي عرض "كان ياما كان في غزة" ضمن حضور فلسطيني قوي في الدورة الـ46 من مهرجان القاهرة السينمائي، حيث تم تكريم الفنانة الفلسطينية هيام عباس، كما شاركت أفلام فلسطينية أخرى تناولت الحياة تحت الاحتلال.
وأكد الناقد طارق الشناوي أن "المهرجان وضع غزة في قلبه هذا العام، وليس صدفة أن يتم افتتاح الدورة بفيلم مصري فلسطيني"، مشيرًا إلى أن "الفيلم قدم للعالم أبلغ رسالة ترفع شعار الحياة، بينما في إسرائيل شعارهم الدمار الشامل".

