انتهت الجولة الاولى من المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب 2025 في مصر وسط أجواء من السخط الشعبي والسياسي، بعد أن تحولت العملية الانتخابية إلى مشهد مسرحي بائس يخلو من أي مضمون ديمقراطي حقيقي. سيطر عليه القمع السياسي، وشراء الذمم، واستبعاد المعارضين، وتزييف الإرادة الشعبية. الانتقادات التي وجهتها القوى السياسية والنشطاء والمفكرون لم تكن مجرد ملاحظات، بل شهادة موثقة على نهاية الديمقراطية في عهد الانقلاب، وتحول البرلمان القادم إلى غرفة تصفيق للسلطة العسكرية الحاكمة، لا أكثر.

 

إقصاء المعارضين وتحويل الانتخابات إلى أداة تزييف

 

ندد عدد من الأحزاب المصرية والشخصيات العامة ونواب البرلمان السابقين باستبعاد الهيئة الوطنية للانتخابات مجموعة من مرشحي أحزاب المعارضة، في خطوة وصفوها بأنها "محاولة منهجية لتحويل الانتخابات إلى إجراء شكلي لا يعبر عن إرادة المواطنين"، مؤكدين أن ما يجري هو استخدام فج لواجهة انتخابية لتزيين صورة الاستبداد.

 

هذه الممارسات تعكس إصرار نظام السيسي على تصفية أي صوت حر أو مستقل، وتهيئة برلمان تابع بلا رقابة أو مساءلة، في تجاهل تام لأبسط مبادئ الديمقراطية وتكافؤ الفرص.

 

عسكرة السياسة وذبح مدنية الدولة

 

بيان مشترك صادر عن قوى سياسية وشخصيات عامة حذر من عسكرة المجال السياسي، عبر استبعاد مرشحين بحجج واهية مثل الإعفاء من الخدمة العسكرية، في تجاهل واضح للدستور ومبدأ مدنية الدولة.
وحذر الموقعون من أن هذا النهج القمعي سيؤدي إلى تفاقم الاحتقان السياسي، وتوسيع الفجوة بين المواطنين والدولة، مشددين على أن الوطنية لا تُختزل في "الزي العسكري"، وأن اختطاف المجال العام بهذه الطريقة هو تهديد مباشر لوحدة الدولة ومستقبلها.

 

برلمان بلا معارضة = دولة بلا مستقبل

 

أكد سياسيون أن برلمانًا بلا معارضة يعني عمليًا غياب الرقابة والمحاسبة، وفتح الباب أمام السلطة التنفيذية لتفعل ما تشاء دون أي مساءلة. وهو ما يكرّس حكم الفرد ويقضي على آليات تصحيح الأخطاء من داخل النظام السياسي.

 

وأشاروا إلى أن الدولة التي تجرّم الاختلاف وتقمع المعارضة هي دولة تسير نحو الانهيار السياسي والمجتمعي، حيث يُسحق المواطن بين القمع وانعدام الأمل.

 

الضابط المصري السابق بالمخابرات الحربية وعضو مجلس النواب سابقا اللواء تامر الشهاوي: لا أتابع انتخابات أعلم مسبقا نتيجتها، وهي بلا جدوى لأن النتائج ليست في علم الغيب، والسواد الأعظم ممن سيحلفون اليمين في المجالس النيابية لو ترشحوا لأي انتخابات حقيقية حتى لو كانت انتخابات اتحاد عمارتهم لسقطوا. عبث سندفع ثمنه لاحقا.

 

https://x.com/drhossamsamy65/status/1989478116553527696

 

فيما قال الإعلامي المقرب من النظام عمرو أديب: لا ديمقراطية بدون أقلية ومعارضة.. غير كده هيبقى اتحاد اشتراكي، وأضاف لا اشكك في الانتخابات.. لكن نفسي يبقى فيه منافسة (ياجماعة الاحزاب بره بيبقى الفرق بينهم ١٪).

 

https://x.com/Elhekayashow/status/1989438668272988580

 

وقال النائب باسم كامل، عضو مجلس الشيوخ عن الحزب المصري الديمقراطي، إن ما حدث من استبعاد مرشحين معارضين يمس مبدأ تكافؤ الفرص وسلامة العملية الانتخابية.

 

ووصف المبررات الأمنية والإدارية التي استخدمتها السلطة لإقصاء المرشحين بأنها "غير قانونية"، وتؤكد أن "ما يجري لا علاقة له بالديمقراطية أو الإرادة الشعبية، بل هو فرض وصاية كاملة على الاختيار السياسي للمصريين".

 

غلق صناديق الديمقراطية وفتح أبواب الانفجار

 

وحذر سياسيون أن إغلاق المجال العام وإسكات المعارضة لن يُنهي السياسة، بل سيدفعها إلى الشارع في صورة احتجاجات ويأس وغضب شعبي.

 

وقالوا إن الجيل الجديد يرى أن "صناديق الاقتراع لم تعد طريقًا للتعبير أو التغيير"، ما ينذر بتمرد اجتماعي صامت قد يتحول إلى انفجار حقيقي في أي لحظة.

 

تزوير مفضوح وشراء أصوات على الهواء

 

فيديوهات وصور موثقة تملأ مواقع التواصل الاجتماعي، تُظهر مخالفات صريحة مثل فرز الأصوات قبل انتهاء التصويت، توزيع رشاوى مالية، وكراتين مواد غذائية للناخبين بهدف توجيه أصواتهم.

 

https://x.com/somayyaganainy/status/1989545609691300343

 

https://x.com/sadamisr25/status/1989667240443351330

 

https://x.com/AJA_Egypt/status/1989932124175306889

 

ورغم الطعون المقدمة، لم تُحرّك الهيئة الوطنية للانتخابات ساكنًا، إلا باستبعاد صندوق واحد فقط، في استهزاء كامل بعقول المواطنين، وتأكيد أن ما يجري ليس إلا "تمثيلية سياسية" سيئة الإخراج.

 

انتصار "الموالاة"... وهزيمة الديمقراطية

 

النتائج الأولية جاءت كما كان متوقعًا:

 

فوز كاسح لحزب "مستقبل وطن"، ذراع النظام، وسقوط للمعارضة الحقيقية والمستقلين.

 

"القائمة الوطنية من أجل مصر" حصدت المقاعد، بينما غابت كل الأصوات التي تمثل الشعب، وارتفعت فقط أصوات المنافقين والمطبلين.

 

ختاما فما جرى في انتخابات مجلس النواب 2025 لم يكن انتخابات حقيقية، بل مسرحية مرتبة كشفت فشل السلطة في إدارة دولة ديمقراطية، وفضحت الوجه القبيح لحكم السيسي الذي لا يطيق أي معارضة أو نقد.

 

البرلمان القادم لن يمثل الشعب، بل يمثل الأمن والسلطة، ولن يكون صوته صوت المواطن، بل صدى الحاكم.

 

وفي ظل هذا المشهد المظلم، لم يتبقَ للمصريين سوى انتظار لحظة الحساب... حين ينفجر الصمت، وتعود السياسة إلى الشعب، رغم أنف الاستبداد.