أثار قرار إدارة كلية الإعلام بجامعة القاهرة فصل الطالب حسام محمود جدلاً واسعاً في الأوساط الطلابية والسياسية في مصر، بعد أن تم فصله بشكل نهائي ودون أي إشعار مسبق في التاسع والعشرين من سبتمبر الماضي. وجاء قرار الفصل بزعم عدم استكماله للساعات الدراسية المطلوبة، رغم أن السجلات الرسمية والموقع الإلكتروني للكلية أثبتت أن الطالب قد استكمل جميع الساعات اللازمة للالتحاق بالامتحانات. هذا الإجراء التعسفي دفع إلى فقدان الطالب فرصة أداء امتحانات منتصف الفصل الدراسي التي بدأت في التاسع من نوفمبر، ما يعرض مستقبله الأكاديمي للخطر ويحرمه من اختيار التخصص في العام القادم.

 

ورغم اعتراف إدارة الكلية لاحقاً بوجود خطأ إداري، ووعدها بتصحيح الوضع، إلا أن المماطلة استمرت، وهو ما يجعل القضية نموذجًا صارخًا للانتهاكات التي يتعرض لها الطلاب بسبب نشاطهم السياسي أو التضامني، ويطرح تساؤلات جدية حول مدى استقلالية الجامعات في مصر وقدرتها على حماية حقوق الطلاب.

 

إدانة حزب التحالف الشعبي والمطالب بالتحقيق

 

أبدى مكتب الشباب والطلاب في حزب التحالف الشعبي الاشتراكي إدانته الشديدة للقرار التعسفي، مطالباً بإعادة قيد الطالب حسام محمود فوراً، وتمكينه من أداء جميع امتحانات منتصف الفصل الدراسي دون أي حجب أو تأجيل. كما دعا الحزب إلى تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق مع المسؤولين عن تعطيل قيده والإضرار بمستقبله، ومحاسبتهم إذا ثبت تقصيرهم أو استهدافهم للطالب بسبب نشاطه السياسي.

 

وأكد الحزب أن حرمان الطلاب من حقوقهم الأكاديمية بسبب مواقفهم السياسية أو نشاطهم التضامني يُعد انتهاكاً صريحاً للحريات الطلابية ويخالف القانون المصري، كما أنه يُرسخ مناخ الخوف والردع داخل الجامعات. ودعا الحزب كل المؤسسات الحقوقية والنقابات الطلابية إلى الوقوف إلى جانب الطالب ومطالبته بحقوقه، ومحاسبة أي إدارة تتصرف بشكل انتقائي ضد الطلاب الناشطين سياسيًا أو تضامنيًا.

 

النشاط الطلابي في قلب القضية

 

توضح تصريحات الطالب حسام محمود، التي نشرها موقع "مدى مصر"، أن إدارة الجامعة لم توجه له أي اتهام رسمي بخصوص أنشطته. وتشمل أنشطة الطالب المشاركة في حملة مقاطعة إسرائيل في مصر (BDS)، ومحاولته المشاركة في انتخابات اتحاد الطلاب العام الماضي، والتي شهدت تضييقاً واضحاً على المتنافسين المستقلين. كما قام الطالب بتقديم طلبات رسمية لإدارة الجامعة تتعلق بالتضامن مع القضية الفلسطينية ولم تُوافق أي منها، بما في ذلك توقيعه على خطاب موجه إلى رئيس الجامعة في يونيو الماضي يطالب بالدعم والتضامن مع الناشطة ليلى سويف أثناء إضرابها عن الطعام.

 

هذا السياق يوضح أن قرار الفصل لا يرتبط بأي تقصير أكاديمي، وإنما يأتي كإجراء انتقامي بسبب النشاط الطلابي والسياسي للطالب، وهو ما يعكس مناخًا قمعيًا يتغلغل في الجامعات المصرية، ويحد من حرية التعبير ويضعف من قدرة الطلاب على المشاركة الفاعلة في القضايا الوطنية والدولية.

 

المماطلة الإدارية وتداعيات القرار

 

رغم تقديم الطالب تظلم رسمي في الثلاثين من سبتمبر، طالباً إعادة قيده قبل بدء امتحانات منتصف الفصل، استمرت إدارة الجامعة في المماطلة، ما أدى إلى حرمانه من أداء الامتحانات، وهو ما يشكل انتهاكاً واضحاً لحقوقه الأكاديمية.

 

تداعيات هذا القرار لا تقتصر على الطالب المعني، بل تمتد لتشمل كامل البيئة الجامعية، إذ يرسل رسالة قوية لكل الطلاب بأن أي نشاط سياسي أو تضامني يمكن أن يعرضهم للإقصاء والفصل التعسفي. ويعزز هذا النوع من الإجراءات مناخ الخوف والردع داخل الجامعات، ويقوض الثقة بين الطلاب والإدارة، ويُضعف قدرة الشباب على الإبداع والمشاركة في النقاشات السياسية والاجتماعية المهمة.

 

تأثيرات القرار على الحريات الطلابية

 

قضية حسام محمود تبرز استمرار سياسة القمع داخل الجامعات المصرية، التي غالبًا ما تتذرع باللوائح الأكاديمية لتبرير قرارات انتقامية ضد الطلاب الناشطين سياسياً أو تضامنياً. هذا المناخ يخلق شعوراً بالإحباط والضعف بين الطلاب، ويحد من قدرتهم على التعبير عن آرائهم والمطالبة بحقوقهم، سواء كانت أكاديمية أو سياسية.

 

يشير نشطاء وحقوقيون إلى أن استمرار مثل هذه الممارسات قد يؤدي إلى نتائج عكسية، حيث يشعر الطلاب بأن القوانين واللوائح مجرد أداة لحرمانهم من حقوقهم، ما يثير الغضب ويزيد من احتمالية الاحتجاجات والمواجهات داخل الجامعات. ومن ثم، فإن حماية الحريات الطلابية ليست خيارًا، بل ضرورة للحفاظ على الأمن الأكاديمي والاجتماعي داخل المجتمع الجامعي.

 

المطالبات بوقف الاستهداف الطلابي

 

يطالب حزب التحالف الشعبي والنشطاء الحقوقيون بضمان عدم استهداف الطلاب بسبب آرائهم أو نشاطهم، وإعادة الطالب حسام محمود فوراً إلى مقاعد الدراسة، مع تمكينه من أداء امتحانات منتصف الفصل الدراسي كاملة. كما دعوا إلى فتح تحقيق شفاف ونزيه مع المسؤولين عن تعطيل قيده، ومحاسبتهم إذا ثبت استهدافهم للطالب بسبب نشاطه السياسي.

 

هذه المطالبات تتجاوز قضية الطالب الفردية، فهي تعكس حاجة عاجلة لوضع آليات حماية للنشاط الطلابي داخل الجامعات المصرية، بما يضمن حرية التعبير والتضامن، ويحمي الشباب من أي إجراءات انتقامية تعرقل مسيرتهم الأكاديمية أو تهدد مستقبلهم المهني.

 

وأخيرا فإن قضية الفصل التعسفي للطالب حسام محمود بكلية الإعلام جامعة القاهرة تكشف بوضوح التحديات الكبيرة التي يواجهها الطلاب في مصر بسبب نشاطهم السياسي أو التضامني. القرار التعسفي ليس مجرد خطأ إداري، بل يعكس سياسة منهجية تستهدف كبت الحريات الطلابية وتثبيت مناخ الخوف والردع داخل الجامعات.

 

الحل يتطلب اتخاذ خطوات عاجلة لحماية الطلاب وضمان حقوقهم الأكاديمية، من خلال إعادة قيد الطالب وتمكينه من أداء امتحاناته، وفتح تحقيق شفاف ونزيه مع المسؤولين، ووضع آليات واضحة لمنع استهداف الطلاب بسبب آرائهم أو نشاطهم السياسي. حماية الحريات الطلابية هي المفتاح لإعادة الثقة في الجامعات المصرية، وتشجيع الشباب على المشاركة الفاعلة في المجتمع، وتحقيق بيئة تعليمية حرة وآمنة.