في مشهد يدمي القلوب ويلخص مأساة وطن باتت فيه حياة الإنسان أرخص من تذكرة مباراة، شيع المئات من أهالي بورسعيد جثمان السباح الطفل يوسف محمد، الذي راح ضحية منظومة رياضية متهالكة وفاسدة، لا ترى في الأطفال سوى أرقام في سجلات البطولات الوهمية.
دموع الأسرة وصرخات الزملاء في مسجد الكريم لم تكن مجرد وداع لراحل، بل كانت إدانة صريحة لنظام كامل تلطخت يداه بدماء البراءة. في "الجمهورية الجديدة" المزعومة، يغرق الأطفال في بطولات الجمهورية الرسمية، ليس بسبب قلة المهارة، بل بسبب انعدام الضمير وغياب أبسط قواعد الأمان
المئات من أهالي بورسعيد يؤدون صلاة الجنازة على السباح يوسف محمد - الذي لقي حتفه غرقاً أثناء مشاركته في بطولة الجمهورية للسباحة- ، بمسجد الكريم فور وصول جثمانه من القاهرة قبل تشييعه إلى مقابر العائلة، وسط بكاء وحزن شديدين من أسرته وزملائه. pic.twitter.com/lWYmmrK5c3
— الشرق للأخبار - مصر (@AsharqNewsEGY) December 4, 2025
صرخة أب مكلوم: "بالله عليكم ما تسيبوا حقه"
لم يستطع والد يوسف أن يقف على قدميه من هول الصدمة، لكن صوته المبحوح بالوجع كان أقوى من كل بيانات الوزارة الكاذبة. نداؤه للمصريين: "بالله عليكم ما تسيبوا حقه"، هو استغاثة من يدرك يقيناً أن الدولة ستسعى لدفن القضية كما دفنت ابنه.
مش قادر يوقف على رجله..
— Elmaser - المصير (@Elmaseer_news) December 4, 2025
نداء والد السباح يوسف محمد خلال تلقي العزاء: بالله عليكم ما تسيبوا حقه#ياحظ_شرق_الرياض_بمضغوط_عمر #الزواج_اسهل_من_تطبيق_استقرار #عمرودياب_توب_انغامي #توبي #اليوم_الخميس pic.twitter.com/1zISyt6STD
ويطرح الأب - الذي يرى فلذة كبده يخرج جثة هامدة من مسبح رسمي - سؤالاً يتهرب منه الجميع: "هل أولادنا ملهمش تمن في الدولة دي؟". إنه سؤال يكشف الحقيقة المرة: في ظل حكم العسكر، المواطن "بلا ثمن"، وحقوقه "بلا حارس"، وحياته مستباحة للإهمال والفساد.
"هل أولادنا ملهمش تمن في الدولة دي؟"..
— شبكة رصد (@RassdNewsN) December 3, 2025
والد لاعب الكاراتيه الراحل يوسف مصطفى يعلق على وفاة السباح الصغير يوسف محمد pic.twitter.com/Ganumysepf
أشرف صبحي.. وزير "الكوارث" والهروب
الحادثة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في عهد وزير الشباب والرياضة، أشرف صبحي، الذي تحولت ولايته إلى سجل حافل بالكوارث: من وفاة لاعبين، إلى هروب أبطال، إلى فساد مالي وإداري ينخر في عظام الاتحادات.
كوارث رياضيه غير طبيعيه
— ahmed dahi wannan (@dahi_wannan) December 3, 2025
في عهد وزير الشباب والرياضة دكتور اشرف صبحي
وفاة و هروب رياضيين و فساد داخل اتحادات رياضيه
ولا يوجد رد فعل من الدوله تجاه وزارة الرياضه
Filgoal: وزير الرياضة يقرر إحالة واقعة وفاة السباح يوسف محمد للنيابة العامة
https://t.co/npbmMKNvTJ
كما أشار المواطنون، لا يوجد أي رد فعل حقيقي من الدولة تجاه هذا الفشل المتراكم. الوزير الذي يجيد الظهور في "اللقطات" والافتتاحات، يختفي تماماً عند الكوارث، أو يكتفي ببيانات روتينية "لغسل اليدين". إن بقاء هذا الوزير في منصبه رغم كل هذه الدماء هو دليل قاطع على أن الفساد في مصر محمي من أعلى مستوى، وأن المحاسبة غائبة طالما الضحية مواطن بسيط
كله بيغسل ايده بالإجراءات المتخذة في واقعة وفاة السباح يوسف محمد . مع كل كارثة رياضية تقوم الدنيا وتقعد بعد أيام معدودة . مع كل كارثة رياضية نجد ان ورائها نفس الأسباب تقريبا .#وزبر_الرباضة_يوسف_محمد
— Waleed El Husseini (@W_ElHusseini) December 3, 2025
اتحاد "السباحة" أم اتحاد "الغرق"؟.. القاتل هو الحكم!
المفارقة التي تفجر العقول وتكشف عمق المستنقع، هي ما ذكره الناقد الرياضي علاء عزت: رئيس اتحاد السباحة المسؤول عن تنظيم البطولة الكارثية التي غابت عنها قواعد السلامة، هو نفسه رئيس اللجنة الأولمبية المصرية! في أي دولة تحترم نفسها، كان يجب أن يُقال هذا المسؤول ويُحاكم فوراً.
تخيلوا
— علاء عزت (@alaa4a1) December 3, 2025
مخالفة مالية بـ 100 جنيه كافية انها تحل اي اتحاد رياضي في مصر فورا..لكن وفاة السباح يوسف محمد علي مرأى ومسمع من الجميع وفي بطولة رسمية يتم الاعلان عن فتح تحقيق
المصيبه ان رئيس اتحاد السباحة الذي لم يراعي قواعد السلامة في بطولة ينظمها اتحاده هو نفسه رئيس اللجنة الاوليمبية ! pic.twitter.com/lQAZCdllIz
لكن في مصر، المسؤول الفاشل يُرقى ويُحمى. كيف لبطولة رسمية بحجم بطولة الجمهورية أن تخلو من رعاية صحية حقيقية أو مسعفين محترفين؟ الإجابة بسيطة: لأن الميزانيات تُصرف على "الوجاهة" والمكافآت، وليس على حياة الأطفال. إنها جريمة مكتملة الأركان، والجاني فيها ليس فقط من أهمل، بل من عيّن وأبقى على هؤلاء الفاسدين في مناصبهم
لقاء سويدان تعليقا على غـ..ـرق السباح يوسف: ده إهمال! إزاي بطولة كبيرة مفيهاش رعاية صحية أو مسعفين؟ pic.twitter.com/Z1nerwZjFy
— المصري اليوم (@AlMasryAlYoum) December 3, 2025
"إحالة للنيابة".. مسكنات لامتصاص الغضب
وكالعادة، تلجأ السلطة للحل السحري: "إحالة الملف للنيابة".
هذه الخطوة، كما يراها الكثيرون، ليست سوى محاولة لامتصاص غضب الشارع وتنويم القضية حتى ينسى الناس.
غرق السباح يوسف محمد ....التفاصيل تعكس حجم المأساة
— Engineer hossam (@Hoss22eg) December 3, 2025
الملف كله إتحال للنيابه
بس يا جماعه للمره المليون عينكم علي عيالكم
بتوع السباحه الاهل مش بيشموا نفسهم الا اذا ابنهم طلع من المياه وشاور ليهم إنه تمام
المسئوليه الأولي علي حكم الحاره والانقاذ دا صح
بس فين دور أهله ..مين راح معاه pic.twitter.com/oJ3zzeBj3X
الجميع يغسل يده بالإجراءات الورقية، بينما الحقيقة واضحة وضوح الشمس: هناك طفل مات لأن هناك مسؤولاً لم يقم بواجبه، وحكماً لم يراقب الحارة، ومسعفاً لم يتواجد. التحقيقات التي لا تنتهي بمحاسبة الرؤوس الكبيرة هي مجرد "مسرحية" أخرى. المأساة تتكرر بنفس التفاصيل ونفس الأسباب، والنتيجة واحدة: أطفالنا يموتون، والمسؤولون باقون على كراسيهم
عصام سالم : وفاة السباح يوسف محمد واقعة مؤلمة وماحدث جريمة #الماتش #صدى_البلد pic.twitter.com/oDwhhYxgky
— صدى البلد (@baladtv) December 3, 2025
دولة بلا ضمير
وفاة يوسف محمد ليست قضاءً وقدراً، بل هي نتاج طبيعي لمنظومة "إهمال وغياب ضمير" كما وصفتها الشهادات. عندما تصبح مخالفة بـ 100 جنيه سبباً لحل اتحاد، بينما موت طفل يمر بـ "تحقيق"، ندرك أننا نعيش في دولة مقلوبة الموازين. دماء يوسف في رقبة كل من صمت على الفساد الرياضي، وكل من برر للفشل، وكل من قبل بأن يدير أرواح أبنائنا مجموعة من الهواة والفاسدين. لن يجف دم يوسف إلا باقتلاع هذه المنظومة الفاسدة من جذورها، وإلا فانتظروا يوسف آخر في بطولة قادمة
..
— مـيرنـا (@Miyrna_) December 4, 2025
السباح #يوسف_محمد ضحية إهمال
وغياب ضمير كل مسؤل مقمش بدوره
حاجة تحزن ▪️ pic.twitter.com/ppDmnHBrDX

