أثار فيديو نشره مدونا المحتوى الغذائي، "الأكيلانس" و"سلطانجي"، حول جودة العسل في السوق، جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، وجذب مئات آلاف المشاهدات، مع انتشار عدة مقاطع فرعية. في الفيديو، شرح الثنائي بأسلوب حواري أنهم أرسلوا عينات من أشهر العلامات التجارية لوزارة الصحة للفحص، وأرادوا إظهار مدى نقاء العسل، وهل تغذت النحل على رحيق طبيعي أم على محلول سكري، وما إذا كان المنتج ملوثاً بالسكر الصناعي أو قصب السكر. وكشفت نتائج التحاليل عن تلوث جميع العلامات التجارية، حتى الغالية منها.
وفقاً لمدى مصر، أشار الفيديو إلى قلق واسع لدى الجمهور حول سلامة المنتجات الغذائية، خاصة بعد تكرار التجربة على مياه معبأة، ما دفع السلطات إلى اعتقال الثنائي والتحقيق معهما وإطلاق سراحهما بكفالة قدرها 50 ألف جنيه، بينما أغلقت منصاتهما على الإنترنت.
خوف حول جودة الغذاء
أدى انتشار مقاطع الفيديو التي عرضت العيوب في منتجات العسل والمياه المعبأة وخبز القمح وزيت الزيتون واللانشون إلى حالة من الرعب بين المستخدمين. تدخلت الجهات الرسمية لطمأنة المستهلكين بأن فحوصات دورية تجرى على المنتجات وأن المعايير مطبقة بدقة.
أكد مسؤول في وزارة الصحة أن الوزارة تتخذ عينات من المنتجات بشكل دوري للتحليل، مشيراً إلى تجربة 2016 في محافظة البحيرة، حين أعلنت الوزارة عن عدم صلاحية بعض دفعات المياه المعبأة من شركات كبرى للاستهلاك البشري بعد اكتشاف بكتيريا وأحياء دقيقة، وتم سحبها من السوق وتحذير الشركات. وأوضح المسؤول أن هذه القرارات تخص دفعات محددة، وليس جميع منتجات الشركة، وأن الوزارة مستمرة في متابعة كافة العينات وإعلان أي نتائج غير مطابقة للمعايير.
معايير فحص الغذاء وقدرات الهيئات
على الرغم من وجود عمليات رسمية للفحص، أثار تحقيق مدى مصر مع مفتشي الصحة مخاوف طويلة الأمد حول فعالية التفتيش الغذائي في مصر. أُنشئت الهيئة الوطنية لسلامة الغذاء (NFSA) عام 2017 لتكون الجهة المسؤولة عن تنظيم سلامة الغذاء ومنح التراخيص ومراقبة الجودة، لكنها تضم أقل من 300 موظف بميزانية محدودة، بينما تواصل وزارات الصحة والزراعة والتجارة والصناعة والهيئة العامة للخدمات البيطرية أداء دورها، ما أدى إلى تداخل واختلاط المسؤوليات.
أعرب الخبراء عن قلقهم من ضعف كفاءة المفتشين، وعدم اعتماد الهيئة بشكل كافٍ على أطباء بيطريين أو مفتشي الصحة المتخصصين، بينما يواجه هؤلاء نقصاً كبيراً في الموارد والموظفين والمركبات للقيام بالحملات والفحوص الميدانية. أضاف الخبراء أن تعارض المصالح أثر على نزاهة بعض المفتشين، إذ يقوم البعض بتقديم استشارات للمصانع، ما يؤدي إلى تعديل التقارير بما يناسب المصنعين، بينما تستمر الشركات في مخالفة المعايير.
المخاوف حول المحتوى الرقمي
أدى النقص في قدرة الهيئات الرسمية إلى إبراز الدور الذي يقوم به صانعو المحتوى في كشف مشاكل السلامة الغذائية. اعتبر بعض المراقبين، مثل عماد مبارك، أن رد الفعل الأمني ضد المدونين يعكس اهتماماً مفرطاً بحماية سمعة الشركات على حساب سلامة الجمهور. أشار إلى أن الإنترنت يمكن أن يكون أداة للتأكد من جودة المنتجات، وأن مواجهة الشكاوى الرسمية حول سلامة الغذاء ينبغي أن تكون عبر التحقيق السريع والشفاف، وليس عبر الاعتقالات والضغوط القانونية.
أوضحت شيرين علي زكي، رئيس لجنة سلامة الغذاء بنقابة البيطريين، أن المحتوى الرقمي لا يضمن دقة النتائج، وأن مدوني المحتوى ليسوا جهات قانونية أو مختصة بأخذ العينات، ما يمنح الشركات حماية ضد الطعون. واعتبرت أن غياب الشفافية في جمع العينات هو نقطة ضعف، مقارنة بالإجراءات الرسمية التي تسمح للطرف المتضرر بالاستئناف أمام النيابة لإعادة التحليل.
يظهر حادث اعتقال "الأكيلانس" و"سلطانجي" مدى تحديات ضمان سلامة الغذاء في ظل محدودية قدرات الهيئات الرسمية، ويطرح تساؤلات حول الدور الرقمي في الرقابة العامة، وموازنة حماية الصورة المؤسسية مع حماية صحة المواطنين.
https://www.madamasr.com/en/2025/12/15/news/u/concerning-content-what-the-arrest-of-food-bloggers-uncovers-about-egypts-food-safety-inspection-system/

