في محاولة جديدة لتجميل وجه النظام وتبرير سياساته التي يصفها المعارضون بالكارثية، أصدرت وزارة الخارجية المصرية ما أسمته "الكتاب الأبيض"، الذي يروج لاستراتيجية "الاتزان الاستراتيجي" كعنوان للسياسة الخارجية في عهد قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي.

 

لكن هذا الإصدار لم يمر مرور الكرام، بل قوبل بموجة عارمة من السخرية والغضب على منصات التواصل الاجتماعي، حيث رأى فيه النشطاء "غطاءً للفشل" ومحاولة بائسة لشرعنة التنازلات المستمرة، من التفريط في مياه النيل إلى بيع الأصول السيادية، في مشهد يؤكد اتساع الهوة بين "عالم البيانات الرسمية" و"واقع الأرض المرير".

 

وقد تناول فيديو متداول على يوتيوب هذا التناقض تحت عنوان: "الكتاب الأبيض في اليوم الأسود.. كيف تحوّل “الاتزان الاستراتيجي” إلى خذلان وبيع لمصر؟".


 

الخارجية تسوق "الوهم".. وثيقة لتمجيد "الاتزان" المزعوم

 

في المقابل الرسمي، كانت أصدرت وزارة الخارجية المصرية الأربعاء الكتاب الأبيض بعنوان "الاتّزان الاستراتيجي.. ملامح من السياسة الخارجية المصرية في 10 سنوات" ضمن استئناف الإصدارات التوثيقية لوزارة الخارجية.

 

ويتناول الكتاب مفهوم "الاتزان الاستراتيجي"، الذي أرساه الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال حفل إفطار الأسرة المصرية في شهر نيسان/أبريل عام 2024، باعتباره الإطار الرئيسي الحاكم للسياسة الخارجية المصرية.

 

ويستعرض الكتاب الأبيض الذي يُعد مرجعاً توثيقياً وتحليليّاً لمفهوم الاتزان الاستراتيجي في السياسة الخارجية المصرية، أطر التحرّك الدبلوماسية المصرية في الدوائر العربية والأفريقية والأوروبية والأسيوية والدولية استناداً لمفهوم الاتزان الاستراتيجي، والشراكات الشاملة مع القوى الكبرى.

 

إلى ذلك، يبرز الدور المحوري للدبلوماسية المصرية في دعم مسارات السلم والأمن والتنمية في الأطر الثنائية والمنظّمات الإقليمية والدولية، ومكافحة الإرهاب، والدبلوماسية الاقتصادية والبيئية، ويبرز تعامل الدبلوماسية المصرية مع التحدّيات الإقليمية والدولية بنهج متوازن ومسئول، ساهم في ترسيخ مكانة مصر كركيزة أساسية للاستقرار في محيطها الإقليمي والدولي.

 

ويتناول أيضاً المحدّدات الحاكمة للسياسة الخارجية المصرية وأولوياتها في ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة، ويؤكّد اتّباع مصر سياسة خارجية متوازنة تقوم على صون المصالح الوطنية، ورفض الاستقطاب، وتعزيز الاستقرار الإقليمي، والتفاعل النشط مع مختلف الشركاء الإقليميين والدوليين على أسس من الاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة وعدم التدخّل في الشئون الداخلية للدول.

 

...

 

سخرية لاذعة: "زي الكتاب الأخضر للقذافي.. كله في الزبالة"

 

لم تنطلِ الدعاية الرسمية على المواطنين، الذين ردوا بسخرية مريرة. وسخر إبراهيم: "اول ما قريت مصطلح الكتاب الأبيض افتكرت الله يرحمه معمر القذافي، لما كان في الامم المتحدة وقال (زاد الطين بله)... وسأل المترجم هتعرف تترجمها ولا لأ".

 

 

وأشار سعد جميل إلى مصير هذه الكتب الدعائية قائلاً: "كله في الزبالة زي كتاب الميثاق لعبد الناصر والكتاب الاخضر لمعمر القذافي والكتاب الاحمر لمواتسي تنج.. احسن اسم للكتاب دة التعريض الاستراتيجي".

 

 

بينما لخص عبد الحليم محتوى الكتاب من وجهة نظره قائلاً: "الكتاب كله صفحة واحدة بتقول السيسي بيحلف الرئيس او الوزير قول والله والله لن نقوم باي ضرر واللي يكذب بيروح النار"، في إشارة ساخرة لأسلوب إدارة الدولة بالقسم بدلاً من الاتفاقيات الملزمة.

 

 

"اتزان الشحاتين".. غضب شعبي من سياسة الانبطاح

 

الانتقادات لم تتوقف عند السخرية، بل وصلت للهجوم الحاد على ما وصفه النشطاء بسياسة "التسول". وقال مصطفى واصفاً الكتاب بأنه يعبر عن: "اتزان الشحااتين المتسولين".

 

 

وأضاف وجدي بنبرة غاضبة: "زي ميثاق الأمم المتحدة كده.. سياسة ايه يا ولاد الاحبه ده أنتم مثل العاهرات تنام مع من يدفع لها وبعد ما يقوم تشتمه.. لا سياسة خارجية ولا داخلية كل ما نراه شحاته وانبطاح من أجل المال حتى اعدائكم الوهمين تركيا وقطر ركتعو تحت أرجلهم من أجل المال.. بجاحه ونخاسه".

 

 

وتهكم "جحا المصري" على مصطلحات النظام الرنانة التي تخفي الكوارث، قائلاً: "الصبر الاستراتيجي الشئ ده مايسمي السيسي بدأها (الخطاب الديني - اهل الشر - امة العوز - الزيادة السكانية - خط احمر - الصبر الاستراتيجي الخ الخ الخ.. الكلام ده ضيع وطن كامل بناسه بممتلكاته وخرب عقول واجيال لفترة زمنية قادمة يا عالم لحد فين وامتي لله الامر".