تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي تصعيد حربها الشاملة ضد قطاع غزة، في مشهد يعكس سياسة ممنهجة تقوم على القتل الميداني والتجويع والتشريد، وسط انتهاكات متواصلة لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل يومه الـ76 دون أي التزام فعلي من جانب الاحتلال. فبين القصف الجوي والمدفعي، وإطلاق النار المباشر، وغرق خيام النازحين تحت الأمطار، تتكشف ملامح “إبادة متعددة الأدوات” تستهدف الإنسان والأرض معًا.
تصعيد عسكري واسع في مختلف مناطق القطاع
منذ فجر وصباح اليوم الأربعاء، كثّف الاحتلال غاراته الجوية وقصفه المدفعي على عدة مناطق في قطاع غزة، شملت:
- شرق مخيم البريج وسط القطاع
- حي التفاح شمال شرقي مدينة غزة
- خان يونس جنوب القطاع
- رفح جنوبي القطاع
وأسفرت هذه الهجمات عن إصابة عدد من المدنيين، ودمار واسع في المنازل والممتلكات، إلى جانب إجبار عشرات الأسر على النزوح القسري من مناطقها، في ظل انعدام أي أماكن آمنة.
شهداء وجرحى برصاص الاحتلال رغم وقف إطلاق النار
في خرق جديد للهدنة، استشهد مواطن وأُصيب آخرون برصاص قوات الاحتلال في مناطق متفرقة من القطاع، حيث:
استُشهد المواطن أيوب عبد عايش نصر، وأُصيب اثنان آخران بعد إطلاق النار على مجموعة من المواطنين في منطقة الجرن بجباليا البلد شمال القطاع.
أُصيب ثلاثة مواطنين آخرين برصاص الاحتلال شرق مدينة خان يونس.
أشار مجمع الشفاء الطبي إلى استقبال 9 جرحى أصيبوا بنيران الاحتلال في جباليا، خارج مناطق الانتشار المعلنة.
هذه الوقائع تعكس استمرار سياسة الاستهداف المباشر للمدنيين، رغم الإعلان عن وقف إطلاق النار.
الأمطار تكشف عمق الكارثة الإنسانية
تزامن التصعيد العسكري مع منخفض جوي جديد، تسبب في غرق خيام النازحين المتهالكة، خصوصًا في مناطق المواصي وشمال ووسط القطاع. آلاف العائلات، بينهم أطفال ونساء، وجدوا أنفسهم بلا مأوى حقيقي تحت الأمطار والبرد القارس، في ظل:
تدمير واسع للبنية التحتية والمنازل خلال عامين من حرب الإبادة.
انعدام مواد الإيواء وغياب أي حلول إنسانية عاجلة.
مخاطر متزايدة من انهيار منازل متضررة يسكنها المواطنون اضطرارًا.
تكدس سكاني خانق بعد قضم أكثر من نصف القطاع
كشف رئيس المعهد الوطني للبيئة أحمد حلس أن قوات الاحتلال سيطرت فعليًا على نحو 53% من مساحة قطاع غزة، ما أدى إلى حشر السكان في مساحات ضيقة للغاية.
وأوضح أن معدل التكدس السكاني وصل إلى 12 ألف إنسان في الكيلومتر المربع الواحد، وهو رقم كارثي يترافق مع:
- نقص حاد في المياه والغذاء
- انتشار الأمراض
- استهداف الطائرات المروحية والمسيرات للتجمعات السكانية على ارتفاعات منخفضة، لإرهاب المدنيين ومنع حركتهم
اعتداءات على قوافل المساعدات والصيادين
لم تتوقف الانتهاكات عند حدود القصف، إذ يواصل “جيش” الاحتلال:
- إطلاق النار على قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة إلى شمال القطاع
- ملاحقة الصيادين في بحر غزة ومنعهم من كسب رزقهم
- ويأتي ذلك في سياق سياسة ممنهجة لتجويع السكان وخنق أي مقومات للحياة.
رفح تحت النار… وإصابة جنود إسرائيليين
في تطور لافت، أكدت وسائل إعلام عبرية إصابة عدد من الجنود الإسرائيليين جراء انفجار عبوة ناسفة استهدفت ناقلة عسكرية من نوع “نمر” في رفح جنوبي القطاع، حيث جرى نقل المصابين إلى داخل الأراضي المحتلة لتلقي العلاج.
وتظل رفح، وفق بنود المرحلة الأولى من الاتفاق، تحت سيطرة الاحتلال ضمن ما يُعرف بـ”الخط الأصفر”، الذي يُبقي نحو 53% من مساحة القطاع تحت السيطرة الإسرائيلية.
تصريحات إسرائيلية تهدد بنسف الاتفاق
زاد التوتر السياسي مع تصريحات وزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس، الذي توعد بعدم الانسحاب الكامل من قطاع غزة، وكشف عن نية حكومته إقامة قواعد عسكرية في شمال القطاع، قبل أن يتراجع جزئيًا عن تصريحاته.
وأثارت هذه التصريحات ردود فعل واسعة، حيث:
اعتبرتها حركة حماس خرقًا كبيرًا لاتفاق وقف إطلاق النار.
رأت فيها تناقضًا واضحًا مع الخطط الأميركية المعلنة بشأن غزة.
ورغم محاولات كاتس التراجع والحديث عن “أغراض أمنية فقط”، فإن المخاوف من نوايا الاحتلال التوسعية لا تزال قائمة.
أرقام صادمة لخروقات الهدنة
وفق أحدث معطيات وزارة الصحة في غزة، ارتكب الاحتلال منذ بدء التهدئة:
406 شهداء
1118 جريحًا
إضافة إلى تدمير ونسف مئات المنازل، خاصة في المناطق الشرقية من القطاع، ما يؤكد أن الهدنة تحولت إلى غطاء لمواصلة العدوان بوسائل مختلفة.

