نافذة مصر

 ربما يكون ما سأذكره صادماً و لكن لابد أن نضع الصورة بدقائقها في حال نجح الانقلاب و سوقه أصحابه  للعالم و أصبح مُعترفاً به و واقعاً ....

ستكون ثورة 25 يناير قد دُفنت و للأبد ... و تكون مصر قد وضعت قدماً راسخة على طريق الاستبداد و الفساد و بأسوأ مما شهده عصر مبارك و أكثر ... و سنرى الإباحية في أفجر صورها فضلاً عن التشفي الشُرطي مع عودة الإهانات و أعمال التنكيل بالشرفاء و الاعتقال التعسفي و التعذيب على نحو لافت ....  و سنرى انحطاط التعليم و الصحة و انفلات المعايير، و التسابق على الغنائم و الهوى الطاغي و التضييق على المُتدينين ... و من غير المُستبعد أن تصدر قوانين تُحارب النقاب و الحجاب و اللحى و كل مظاهر التدين و  تعود الخُطبة المكتوبة و المُعممة على مساجد مصر للجمعة و أن يُسجل المترددين على المساجد التابعة لمنازلهم و لا تجوز الصلاة  في غيرها ... كما يتوقع أن نجد الحسينيات الشيعية، و الاحتفال بإقامة أول معبد بوزي بالقاهرة و افتتاح أكبر صالة ديسكو في الشرق الأوسط في قلب القاهرة، و انتشار الملاهي و صالات القمار و الفجور  ... و يُصبح الأزهر مزاراً سياحياً يحج إليه السياح ليروا معالمه وصحنه و أروقته ... و ليُشاهدوا شيخ الأزهر بطرطوره و ألوانه المزركشة الزاهية ... أما عُلماء الإسلام فإما أنهم في أقبية السجون أو أن المُستأنس منهم قد أضحى شعاره "لا أرى .. لا أسمع ... لا أتكلم" ... أما الثوار فإن من تبقى منهم إما في السجون أو ارتحل إلى دولة أخرى خوفاً من البطش ..!

من هُنا فإنه يصبح الرضا بالأمر الواقع ضرب من الجنون و يُعتبر خيانة و خُذلان ... و لا سبيل أمام كل مصري مُسلم يعرف حقيقة الإسلام و رسالته إلا الانضواء خلف الاعتصام و الحشد للمُطالبة بعودة الرئيس المُنتخب ..... سلمية الثورة هي السبيل الوحيد حتى لا يتكرر سيناريو الجزائر، كما و أنه في السلمية تضع الطرف الآخر أمام حرج دولي و محلي من حيث أن كل شهيد يقع يحل محله ألف ثائر بعد أن رأى حقيقة الموقف و أن من يسوقون محلياً و عالمياً المُتدينين عن أنهم "إرهابيون" فهذه مُظاهراتهم و مسيراتهم سلمية، لا يحملون إلا أعلام الدولة أو صور رئيس البلاد .!

ترسيخ هذه الصورة يدحض كذب الإعلام و ادعاءات السياسيين و يثبت فشلهم في جر التيار الإسلامي للعُنف فضلاً عن كونه الضحية دائماً أمام بطش النظام الانقلابي و بلاطجته ... يبقى العصيان المدني و شل حركة الدولة بالكامل هو الورقة الأخيرة في يد أصحاب الشرعية عندما يكون التمادي و صم الآذان من الانقلابيين و من يعاونهم ... و على الراصدين للأحداث توثيق الأحداث و الشخوص العدائية و الفاعلة في المشهد حتى ساعة الحساب ... و ليُدرك كل من يصطف مع الشرعية أن القضية تتجاوز شخص الرئيس و جماعة الإخوان إلى ما هو أعمق من هذا و هو مُستقبل الأمة و مُستقبل الشريعة الإسلامية في مصر كمصدر إشعاع مؤثر على العالم برمته و في القلب منه العربي و الإسلامي ... و يُدرك أعداء الوطن أنه في حال ملكت مصر قرارها و سيادتها فإن خُطى التنمية الاقتصادية و العبور للمُستقبل ستكون مُتسارعة و على نحو لافت، و أن مقومات التقدم و تخطي ما يبدو مُستحيلاً الآن هو أقرب إلى التحقيق ... أسأل الله التوفيق.

أحمد حسن محمد