في خطوة أثارت العديد من التساؤلات، تداولت وسائل الإعلام مؤخرًا خبر استقالة أيمن سليمان من منصبه كرئيس تنفيذي لصندوق مصر السيادي. كانت وكالة رويترز من أوائل المصادر التي أوردت الخبر، استنادًا إلى معلومات حصلت عليها من ثلاثة مصادر مطلعة على التطورات. ومع إعلان الاستقالة، تبادر سؤال محوري إلى الأذهان: لماذا جاءت الاستقالة في هذا التوقيت تحديدًا؟ خلفيات استقالة أيمن سليمان وفقًا لأحد المصادر التي تحدثت لرويترز، لم تكن استقالة سليمان بناءً على رغبته الشخصية، بل كانت نتيجة لرغبة الحكومة في تقديم وجوه جديدة في المؤسسات الحيوية للدولة. ومن خلال هذه الخطوة، تسعى الحكومة إلى إعادة تشكيل بعض الإدارات لرفع كفاءة إدارة الأصول والاستثمارات الوطنية. من الجدير بالذكر أن سليمان عُين رئيسًا تنفيذيًا لصندوق مصر السيادي في عام 2019، لفترة أولية مدتها ثلاث سنوات، جرى تمديدها لاحقًا. كان سليمان قد صرح عند توليه المنصب بأن هدفه هو "إطلاق العنان للقيمة وخلق الثروة"، من خلال خطة طموحة تهدف إلى الاستفادة من الأصول غير المستغلة وجذب الاستثمارات المحلية والدولية. صندوق مصر السيادي تم إنشاء صندوق مصر السيادي بموجب قانون رقم 177 لسنة 2018، وصدرت لائحته التنفيذية في فبراير 2019 بقرار من رئيس الوزراء. كان الهدف الرئيسي من إنشاء الصندوق هو رفع معدلات النمو الاقتصادي، وتمكين القطاع الخاص المصري من دخول مجالات جديدة، مع تركيز تدخل الدولة في إدارة الأصول بعيدا عن البيروقراطية التقليدية. من الأهداف المعلنة للصندوق عند تأسيسه هو تحقيق عائد يتراوح بين 6% و7% على أصوله. ومع ذلك، أشار العديد من الخبراء إلى أن الصندوق لم يحقق النتائج المرجوة في عدة جوانب، وتحديدًا في برنامج الخصخصة، الذي كان حجر الزاوية في استراتيجية الصندوق. أحد العقبات الرئيسية التي واجهت الصندوق كانت تردد الجيش في التخلي عن حصص كبيرة من شركاته ومشروعاته لصالح المستثمرين، سواء محليين أو دوليين. وقد أثر هذا التردد سلبًا على قدرة الصندوق على تنفيذ برنامج الخصخصة بنجاح، وهو ما أثار انتقادات متزايدة من جانب بعض المراقبين الاقتصاديين. لماذا استقال سليمان الآن؟ وفقًا للمصادر المطلعة، فإن استقالة أيمن سليمان جاءت نتيجة عدم تحقيق برنامج الخصخصة بالشكل المطلوب، وهو ما أدى إلى تحفيز الحكومة على إدخال تغييرات إدارية في قيادة الصندوق. إلا أن هذا التفسير ليس الوحيد المطروح. التعديلات الوزارية الأخيرة في الحكومة المصرية، التي شملت دمج بعض الوزارات وتغيير هيكل الملفات الإدارية، أدت إلى غموض بشأن طريقة إدارة الصندوق في المستقبل. وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، أشار إلى أن دمج وزارة التخطيط مع وزارة التعاون الدولي تسبب في بعض الارتباك بين الجهات المسؤولة عن بيع الأصول الحكومية وإدارة ملفات الخصخصة. في تصريحات خاصة لموقع "الحرة"، أوضح النحاس أن وزارة المالية أصبحت مسؤولة الآن عن بيع الأصول العقارية التي كانت تتولاها وزارة التخطيط سابقًا، وهو ما أحدث تداخلًا في الاختصاصات وأدى إلى بعض الفوضى في إدارة الملفات الحيوية. كما أضاف أن هذا التغيير قد يكون من بين الأسباب التي دفعت إلى استقالة سليمان. الآراء المتباينة حول الاستقالة رغم هذه التحليلات، اعتبر الخبير الاقتصادي خالد الشافعي أن الربط بين استقالة سليمان والتعديلات الوزارية أمر غير منطقي. في حديثه مع موقع "الحرة"، أكد الشافعي أن الصندوق السيادي يمتلك رؤية ونظامًا واضحين منذ إنشائه، ولا تتأثر هذه الرؤية بتغير الوزراء أو الإدارات الحكومية. وأضاف الشافعي أن الصندوق لديه صلاحيات كاملة في التعامل مع المستثمرين والشركات المحلية والدولية لتحقيق أهدافه. من وجهة نظره، فإن استقالة سليمان ربما تكون ناتجة عن ظروف شخصية خاصة وليست نتيجة لأي تدخلات سياسية أو إدارية. وأكد الشافعي أن منصب رئيس الصندوق مستقل إلى حد كبير عن التغييرات الوزارية، وأن الصندوق يعمل وفق قانون واضح يضمن له الحرية التامة في تنفيذ مشروعاته. ولهذا السبب، لا يرى أن استقالة سليمان هي نتيجة لضغوط حكومية أو بسبب التعديلات الإدارية التي شهدتها الحكومة مؤخرًا. ختاما ؛ ما بين التحليلات المختلفة والتكهنات حول سبب استقالة أيمن سليمان، يظل السؤال المطروح هو: ما هي الخطوة التالية لصندوق مصر السيادي؟ وهل ستؤدي التغييرات في قيادة الصندوق إلى تحسين أدائه في المستقبل؟