اشتعلت الحرب الأهلية السورية من جديد، مع تقدم القوات المسلحة المتمردة بسرعة من الشمال نحو دمشق، متحدية الحكم الاستبدادي لبشار الأسد الذي دام عقودًا من الزمان. وقد حول هذا التطور سوريا إلى نقطة محورية لديناميكيات القوة الإقليمية المتغيرة، مع استثمار لاعبين رئيسيين مثل إيران وتركيا و"إسرائيل" وروسيا والولايات المتحدة بشكل كبير في النتيجة.
على مدى العقد الماضي، كانت إيران الداعم الرئيس للأسد، باستخدام سوريا كحلقة وصل رئيسة في "الهلال الشيعي"، وهي شبكة من القوات بالوكالة تمتد من لبنان إلى اليمن. ومع ذلك، أجبرت الهزائم الأخيرة التي ألحقتها إسرائيل والمتمردون إيران على إجلاء كبار قادتها. خسارة دمشق ستكون ضربة مدمرة لنفوذ طهران في المنطقة.
من ناحية أخرى، استفادت تركيا من الفوضى، حيث دعمت هيئة تحرير الشام، الجماعة الثائرة التي تقود الهجوم. يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى زيادة نفوذ أنقرة في سوريا وتسهيل عودة الملايين من اللاجئين السوريين الذين فروا إلى تركيا أثناء الحرب. ومع استيلاء المتمردين على مدن رئيسة مثل حلب وحماة، أعرب أردوغان عن دعمه لاستمرار تقدمهم.
"إسرائيل" متورطة بعمق في الصراع السوري أيضًا. فهي تنظر إلى سوريا باعتبارها "مركزًا" للمحاور الحاسمة التي تسهل حركة الأسلحة والمقاتلين، وخاصة إلى حزب الله في لبنان. ولمنع إيران من إعادة إنشاء خطوط الإمداد، نفذت "إسرائيل" ضربات دقيقة على أهداف سورية وإيرانية. ومع ذلك، فإن احتمال تشكيل حكومة إسلامية في دمشق، متحالفة مع أردوغان، يمثل شكوكًا جديدة للإستراتيجيين الإسرائيليين.
روسيا، الحليف القديم للأسد، تواجه تحدياتها الخاصة. فبعد إضعافها بسبب حربها في أوكرانيا، أصبحت قدرة موسكو على التدخل بشكل حاسم في سوريا محدودة. وبعد أن كانت قوة مهيمنة في المنطقة، تعمل القوة الجوية الروسية الآن على نطاق أصغر بكثير. وتعكس التحذيرات الأخيرة للمواطنين الروس بمغادرة سوريا تراجع الثقة في استقرار الأسد.
في الولايات المتحدة، يمثل تصعيد الحرب معضلة. ففي حين دعمت واشنطن القوات الكردية في شمال شرق سوريا لقمع داعش، كانت سياستها تجاه الأسد غير متسقة. ويظل المسئولون الأمريكيون حذرين بشأن دعم المتمردين، ويخشون إنشاء دولة أخرى يسيطر عليها الجهاديون على غرار صعود داعش بعد انهيار العراق في عهد صدام حسين.
حاول زعيم الثوار أبو محمد الجولاني، الذي كان منتميًا سابقًا إلى تنظيم القاعدة، إعادة تسمية نفسه كقومي بدلاً من جهادي. ومع ذلك، لا تزال هيئة تحرير الشام مصنفة كمنظمة إرهابية من الولايات المتحدة والقوى الأخرى، مما يعقد الدعم الدولي.
ومع ضعف جيش نظام الأسد، يرى المحللون أن الدولة السورية عبارة عن قشرة جوفاء، بالكاد يتم تجميعها من خلال تحالفات متصدعة. وقد يؤدي استيلاء الثوار على دمشق إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط بشكل كبير، مما يزيد من زعزعة استقرار المنطقة التي اجتاحها الصراع بالفعل. مستقبل سوريا معلق مع عواقب على النظام الجيوسياسي بأكمله في المنطقة.
المعركة على سوريا لا تدور حول السيطرة الإقليمية فحسب، بل إنها صراع من أجل الهيمنة على مفترق الطرق الأكثر إستراتيجية في الشرق الأوسط، مما يؤثر على ديناميكيات القوة إلى ما هو أبعد من حدودها.
https://www.nytimes.com/2024/12/07/world/middleeast/syria-opposition-forces-domination.html