يثير انهيار نظام بشار الأسد قلق العديد من الدول الإقليمية، ومنها الإمارات ومصر، إلا أن الاحتلال الصهيوني يبدو الأكثر انزعاجًا من هذا التطور.
أفادت لجنة حكومية صهيونية أن سوريا تحت حكم الإسلاميين السنة، الذين لا يعترفون بحق الصهاينة في الوجود، قد تشكل تهديدًا أكبر من إيران، خصم الاحتلال التقليدي.
وأعربت اللجنة عن قلقها من نفوذ تركيا في سوريا، محذرة من أن أنقرة قد تستخدم الحكومة السورية الجديدة كقوة بالوكالة لإحياء "الإمبراطورية العثمانية".
كما أشارت إلى أن تركيا قد تعيد تسليح الحكومة السورية بسرعة، مما قد يؤدي إلى صراع مباشر بين الاحتلال الصهيوني وتركيا؛ ولكن، هل هذا السيناريو واقعي؟ الإجابة باختصار: لا.
على الرغم من توتر العلاقات بين تركيا والاحتلال الصهيوني في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي اتهم تل أبيب بارتكاب جرائم إبادة في المحكمة الدولية وألقى خطبًا شعبوية تدعم القضية الفلسطينية، إلا أن أنقرة لا تسعى إلى مواجهة عسكرية.
فتركيا والاحتلال الصهيوني حليفتان للولايات المتحدة، ولم تنخرطا في أي صراع عسكري مباشر من قبل.
كما أن أنقرة ليست في وضع يسمح لها بخوض مغامرات كهذه، خصوصًا وسط النزاع الإيراني-الصهيوني المتصاعد، والأوضاع الكارثية في غزة.
توضح أنقرة أن هدفها الأساسي في سوريا هو تحقيق الاستقرار؛ وأكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن تركيا تسعى إلى دولة ديمقراطية موحدة تحتضن جميع الأقليات، وتمنع تشكيل كيان لحزب العمال الكردستاني.
كما ترغب تركيا في سوريا قادرة على النمو اقتصاديًا واجتماعيًا، بعد أن استضافت ملايين اللاجئين السوريين لأكثر من عقد وتحملت كلفة باهظة جراء العمليات العسكرية.
وبالتالي، لا يتفق أي صراع مع الاحتلال الصهيوني مع هذه الأهداف.
حتى الآن، تتماشى تحركات تركيا مع أهدافها؛ فرغم تغاضي أنقرة في البداية عن غارات الاحتلال الصهيوني ضد منشآت النظام السوري، إلا أن توسع نطاق الهجمات دفع فيدان إلى مطالبة الاحتلال الصهيوني بوقفها.
تجنبًا للتصعيد، تتواصل تركيا والاحتلال الصهيوني على مستويات عسكرية واستخباراتية لتجنب أي صدام محتمل.
وتشير التقارير إلى أن أنقرة طلبت من قادة هيئة تحرير الشام إصدار تصريحات تؤكد عدم نيتهم مواجهة الاحتلال الصهيوني، وهو ما تحقق بالفعل.
الاحتلال الصهيوني وسوريا.. خيارات محفوفة بالمخاطر
يفضل الاحتلال الصهيوني أن تكون سوريا مجزأة لضمان أمنها، وفق تقارير صهيونية.
لكن هذا الخيار يشكل خطأً استراتيجيًا، إذ أن تقسيم سوريا سيخلق بيئة خصبة للحركات المسلحة، ما يهدد استقرار المنطقة على المدى البعيد.
من جهة أخرى، ترى أنقرة أن سوريا الديمقراطية والشاملة تخدم مصالح الجميع.
ويعتقد محللون أن قيادة الاحتلال الصهيوني تميل للتعامل مع الأنظمة الاستبدادية، لأنها أكثر قابلية للمعاملات السياسية وتبرير سياسات الاحتلال.
تركيا، التي تسعى إلى استقرار سوريا وإعادة بنائها، لا تعتزم تحويل الحكومة السورية الجديدة إلى أداة ضد الاحتلال الصهيوني.
وعلى عكس المخاوف الصهيونية، فإن رؤية أنقرة لسوريا كدولة موحدة ومزدهرة تهدف إلى تحقيق السلام الإقليمي، وليس الصراع.
https://www.middleeasteye.net/opinion/turkey-doesnt-seek-conflict-israel-syria-heres-why