لا تظهر الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع أي بوادر لتوقفها منذ اندلاعها في أبريل 2023؛ فالعنف يستمر ويتفاقم على الرغم من محاولات وقف إطلاق النار والجهود الدبلوماسية الفاشلة لحل النزاع، الذي أسفر عن أزمة إنسانية مدمرة، بما في ذلك العودة إلى العنف في دارفور.

وحتى ديسمبر 2024، قدر المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن أكثر من 12 مليون شخص في السودان قد فروا من ديارهم، مع نزوح 8.8 مليون داخل السودان و3.2 مليون وطلبوا اللجوء في الدول المجاورة ودول أفريقية أخرى.

مصر، نظرًا لقربها وعلاقاتها التاريخية مع السودان، شهدت دخول حوالي 1.2 مليون سوداني إلى البلاد منذ عام 2023، مع دخول "مئات" بشكل يومي اعتبارًا من نوفمبر 2024. وقد استجابت مصر لهذه الأزمة بزيادة القيود على دخول وإقامة وعمل السودانيين. هذه السياسات أجبرت العديد من الفارين من الحرب على اللجوء إلى طرق هجرة غير قانونية خطيرة، ليواجهوا ظروفًا صعبة في مصر. 

السياسات الحكومية المتشددة والزيادة في مشاعر معاداة اللاجئين تتعزز مع بعضها البعض، مما يخلق بيئة معادية بشكل متزايد لأولئك الفارين من عنف السودان. كما أن الوضع الاقتصادي المتدهور في مصر جعل العديد من الأشخاص هناك يكافحون لتلبية احتياجاتهم، مما أدى إلى الإحباط ضد المهاجرين والبحث عن كبش فداء بين الجمهور.
 

تطور السياسات منذ أبريل 2023
   بالنسبة للاجئين السودانيين الذين تمكنوا من دخول مصر، أصبح الوضع أكثر صعوبة حيث قدمت مصر قوانين تقلل من حقوقهم في التنقل وحقوق أخرى.
على الرغم من التزامها الأولي بالاتفاقيات الدولية لحماية اللاجئين، تحولت مواقف الحكومة المصرية مع تزايد الضغوط الاقتصادية وفشل الدعم الدولي.
وتدعي مصر أنها تستضيف تسعة ملايين لاجئ، لكن 800 ألف فقط، معظمهم من السودانيين، مسجلين رسميًا كلاجئيين وطالبي لجوء.

مع تزايد تدفق اللاجئين، تبنت مصر إجراءات أكثر تشددًا، بما في ذلك تعليق اتفاقية الحريات الأربعة لعام 2004 التي تضمن للسودانيين حرية التنقل والإقامة والعمل وامتلاك الممتلكات في مصر. وقامت مصر بتغيير عملية دخول السودانيين بشكل جذري.

في الشهر الأول من الحرب، كان بإمكان النساء والفتيات السودانيات، والأطفال دون 16 عامًا، والرجال فوق 50 عامًا الدخول بدون تأشيرة، في حين كان بإمكان الآخرين الحصول على التأشيرات بسهولة نسبيًا.

لكن القنصلية المصرية في وادي حلفا، بالقرب من الحدود السودانية-المصرية، أصبحت غارقة في العمل، مما أدى إلى تأخيرات، وفي يونيو 2023، أعلنت مصر فجأة أن جميع السودانيين سيحتاجون إلى تأشيرات.

أصبحت أوقات الانتظار تمتد إلى ثلاثة أشهر، مما أجبر العديد على اللجوء إلى الوسطاء الذين يفرضون رسومًا باهظة تتراوح بين 1500 و2500 دولار للشخص - وهي مبالغ غير قابلة للتحمل بالنسبة للكثير من السودانيين.

مع تدهور الوضع في السودان وتفاقم القيود في مصر، اضطر العديد من السودانيين إلى اللجوء إلى المهربين لعبور الحدود إلى جنوب مصر.
يواجه المُهرَبون رحلات خطيرة، مع تقارير عن العنف والاستغلال في المناطق الحدودية.

أبلغت منظمة العفو الدولية ومنصة اللاجئين في مصر عن اعتقالات تعسفية وطرد غير قانوني للاجئين السودانيين.
تشمل هذه الإجراءات احتجاز الأشخاص الذين تم تهريبهم عبر الحدود - وذلك أساسًا للحد من الهجرة إلى أوروبا - وإجراء حملات مداهمة عشوائية في الأحياء السودانية. 

اللاجئون الذين ينتظرون مقابلات اللجوء هم الأكثر عرضة للخطر، حيث يفتقرون إلى الوثائق الرسمية باستثناء ورقة تثبت موعدهم، والتي غالبًا ما لا يعترف بها الشرطة.
أولئك الذين يسعون لتسوية وضعهم القانوني يواجهون رسومًا بقيمة 1000 دولار أُدخلت بموجب القرار الوزاري رقم 3326 في أغسطس 2023، والذي يستهدف اللاجئين الذين انتهت تصاريح إقامتهم أو الذين لا يمتلكون الوثائق المناسبة.

على الرغم من تمديد مصر للمواعيد النهائية عدة مرات، إلا أن القرار ترك العديد في حالة من الضبابية واستخدم كتبرير للحملات الأمنية الدورية.
 

التوجهات المعادية للاجئين في مصر
   
تحمل وسائل الإعلام المصرية دورًا مركزيًا في تشكيل المواقف العامة تجاه اللاجئين.
وقد عززت وسائل الإعلام الحكومية قبضة الحكومة على الخطاب العام، بينما سمحت للسرديات المعادية للاجئين بأن تنتشر بشكل غير مراقب وغالبًا ما تكون زائفة.

في أوائل عام 2024، ادعى بعض الشخصيات الإعلامية أن اللاجئين يضغطون على ميزانية مصر.
وانتقدت المذيعة عزة مصطفى مؤخرًا على برنامجها العدد المتزايد للمهاجرين، متهمة إياهم برفع أسعار الإيجارات وتعزيز ممارسة الختان، وهي تصريحات تعكس الموقف المتشدد المتزايد للحكومة تجاه اللاجئين وسط أزمة اقتصادية تفاقمت بسبب الأزمة في السودان والصراعات المستمرة في غزة وليبيا وسوريا.

كما هو الحال في الغرب، فإن المعلومات المضللة المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي تغذي أيضًا المعارضة للاجئين.

على سبيل المثال، انتشرت وسوم مثل #طرد_اللاجئين_مطلب_شعبي، التي تبالغ في الادعاءات حول تأثير اللاجئين السلبي على الموارد والأمن وفرص العمل للمصريين.
غذت هذه الادعاءات الدعوات لمقاطعة الأعمال التجارية التي يملكها اللاجئون وزادت من عدم الثقة بين اللاجئين الجدد.
 

النضال من أجل التعليم والمعيشة والاستقرار
   العديد من الطلاب والأكاديميين والعائلات السودانية كانوا من بين الذين اضطروا للفرار من السودان إلى مصر.
والذين يسعون لمواصلة تعليمهم هناك يواجهون رسومًا دراسية مرتفعة، وعقبات بيروقراطية، وقيودًا على التأشيرات. قبل الحرب، كان الطلاب السودانيون يحصلون على خصم بنسبة 90٪ على الرسوم الدراسية في الجامعات المصرية، لكن هذا تم تخفيضه إلى 60٪ للسنة الأكاديمية 2023-2024.

كما ارتفعت الرسوم الأساسية بشكل حاد، حيث تتراوح الرسوم السنوية الآن بين 900 إلى 2400 دولار مقارنة بـ 300 إلى 600 دولار قبل الحرب.
كما أن الرسوم الإضافية، مثل الدفع المسبق الذي يصل إلى 2000 دولار للطلاب الأجانب (محسوبة وفقًا لعدد السنوات منذ التخرج من المدرسة الثانوية)، جعلت التعليم غير قابل للتحقيق.

تفاقمت الأوضاع بعد تخفيض قيمة الجنيه المصري في 2023، مما رفع تكلفة المعيشة وجعل الضروريات والتعليم غير ميسور.
بينما استقر سعر الصرف إلى حد ما، لا تزال نفقات المعيشة مرتفعة.
كما أن حملات الحكومة المصرية ضد المدارس السودانية في مصر قد خلقت مزيدًا من عدم الاستقرار لعائلات الطلاب، حيث تم إغلاق المدارس الثانوية السودانية في القاهرة وأصبحت هناك لوائح جديدة تتطلب تصاريح إقامة للأطفال السودانيين للالتحاق بالمدارس المصرية.
العديد من الأكاديميين والطلاب السودانيين الذين فروا إلى مصر مبكرًا، وغالبًا دون ممتلكات أو مستندات، اضطروا للتخلي عن دراستهم في القاهرة والعودة إلى السودان، رغم الفرص المحدودة هناك.
 

الحاجة الملحة إلى حلول
   تجذب وسائل الإعلام الحكومية المصرية والمطالبات بمعاملة اللاجئين كعبء مالي واقتصادي مناخًا من العداء يتماشى مع القيود الأخيرة التي فرضتها البلاد، بما في ذلك فرض مزيد من السيطرة على الحدود أو قانون اللجوء الجديد.
الخطاب المعادي للاجئين يعززه أيضًا الإعلام الحكومي وحملات وسائل التواصل الاجتماعي المنسقة ضد اللاجئين، التي تدعو إلى فرض تدابير أكثر تشددًا بينما تحول الانتباه العام عن المشاكل الاقتصادية الهيكلية في مصر.

تتطلب الحلول المستدامة لللاجئين السودانيين في مصر تكاتفًا إقليميًا ودوليًا.
يجب أن تلتزم المجتمع الدولي استجابة شاملة تضمن حصول اللاجئين السودانيين في مصر والدول المجاورة على المساعدات الإنسانية والحماية التي يحتاجون إليها بشكل عاجل

https://arabcenterdc.org/resource/egypts-policies-and-rhetoric-target-sudanese-refugees/