قالت ورقة بحثية لموقع الشارع السياسي إن إعلان الحزب الجديد المعروف بسيطرة المخابرات ورجلها في الشارع إبراهيم العرجاني هو بمثابة "انفراجة تحت السيطرة".

وتحت عنوان؛ "حزب الجبهة الوطنية… قراءة في الدلالات عن الخريطة المتحركة لأحزاب الموالاة في مصر" أوضحت "الورقة" أن الحزب الجديد هو؛ "لفتح متنفس يستوعب سخط الشارع ويغذي أمله في التغيير، لكن في الوقت نفسه يبقى المشهد تحت السيطرة، من هنا فتح المجال أمام حزب الجبهة الوطنية؛ فالغرض من ذلك هو الإيهام بوجود حركة، لكنها تبقى في النهاية حركة في المكان دون تحرك أو تغيير حقيقي.".

ومن جانب آخر لفتت الورقة إلى أنه من جهة أخرى "قد يكون الحزب استجابة فعلية لتوصيات من صندوق النقد، وهيكلة للقوى المؤيدة للنظام والمستفيدة من استمراره، وفي الوقت نفسه تجمع لنخبة مصالح حديثة التشكيل تسعى لترجمة مكانتها إلى مكاسب سياسية.".

وعن الوضع الذي اضطرهم لهذا "المتنفس" قالت إن النظام الحالي يعلم "أن المجتمع المصري في حالة اختناق غير مسبوقة؛ في وقت تعيش القاهرة تحت ضغط تحديات إقليمية غير مسبوقة، في ظل الأزمة التي خلقها طوفان الأقصى، والمطالبات الأمريكية النزقة بتوطين أهل غزة في سيناء، وتحديات داخلية شديدة القسوة، تتعلق بتراجع عنيف في سعر الجنيه مقابل الدولار، وارتفاع كبير في الأسعار، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وتراجع عام في معظم المؤشرات الاقتصادية".

واعتبرت أن المشهد ضبابي، يعاني فيه النظام من وضع صعب؛ في ظل تحديات خارجية ناجمة عن طوفان الأقصى وتداعياته، وتحديات داخلية تتعلق بالتعثر الاقتصادي والتراجع غير المسبوق في كل المؤشرات الرئيسة، سواء كانت سعر العملة أو معدل التضخم أو منسوب الفقر والبطالة وحجم الديون، ظهر حزب الجبهة الوطنية من فراغ، وإن جاء امتدادًا لاتحاد القبائل والعائلات المصرية، وجاءت هيئته العليا وكأنها تضم ممثلين عن سلطات الدولة الثلاث.

 

كيان تابع

وأكدت الورقة البحثية أن "الجبهة الوطنية هو كيان تابع للسلطة، وليس حزبًا سياسيًا بالمعنى المتعارف عليه، وتركيبة الهيئة العليا للحزب، التي تضم عدد من كبار مسئولي السلطة التنفيذية، وبرلمانيين سابقين وحاليين، ورجال أعمال، ورموز مجتمع مقربين من الدولة، تكشف أنها محاولة لتمثيل كل القُوَى الأساسية بالمجتمع، ومغازلة مختلف أطياف المجتمع المصري، فهي محاولة لمأسسة القُوَى الداعمة للنظام القائم".

وأبانت أنه "..في هذا الجانب يشبه إلى حد بعيد اتحاد القبائل والعائلات المصرية، الذي يأتي في تعريفه أنه “كيان اجتماعي يهدف إلى تعزيز الوحدة الوطنية والحفاظ على التراث الثقافي للقبائل والعائلات المصرية“. إن اتحاد القبائل والعائلات المصرية، ومعه حزب الجبهة الوطنية، إن هما إلا محاولة لمأسسة وتنظيم وتعبئة القُوَى الداعمة للنظام القائم، وهما من جهة أخرى محاولة لضخ دماء جديدة في مجال عام أصابه التكلس، لكن في الوقت ذاته إبقاءه تحت السيطرة.

واستدركت أنه "يبقى عيب هذه الكيانات في نخبويتها، وكونها محسوبة على السلطة وليس لها امتدادات حقيقية في الشارع، فهي كيانات تمثل السلطة ولا تمثل الشارع؛ فهي تشبه، من حيث أدوارها، نموذج الفتوة؛ حيث يؤدّي دور الوسيط بين الشارع والسلطة، لكن يلعبه لحساب السلطة وليس لحساب الشارع.".

 

الجبهة نسخة مستقبل وطن

عن التشابه بين الجبهة الوطنية ومستقبل وطن والغاية منهما، لفتت الورقة إلى أن "حزب الجبهة الوطنية، هو تكرار لتجربة حزب مستقبل وطن الذي تأسس في منتصف 2014، وقاد منذ تأسيسه “الانتخابات البرلمانية مرتين، وحشد وشحذ الجماهير إبان الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لدعم المشاركة، وكذلك التظاهرات التي دعت لها السلطة أكثر من مرة، وفق هذا الطرح فإن من المحتمل أن يكون حزب الجبهة الوطنية هو وريث حزب مستقبل وطن.".

ورأت أن استبدال مستقبل وطن بالجبهة الوطنية، يمكن فهمه من خلال الربط بين تدشين الحزب الجديد والتغييرات التي شهدتها المخابرات العامة، مع إقالة عباس كامل من قيادة الجهاز، وتعيين اللواء حسن رشاد بدلًا منه، ما يعني أن التغييرات في قيادة المخابرات أسفرت عن هذه التغييرات في المشهد السياسي؛ فمن المعروف أن المخابرات العامة في مصر تلعب دور رئيس في هندسة المشهد السياسي، وفي إخراج المواسم الانتخابية.

 

استدعاء شهادة شريك سابق

واستشهدت الورقة بشهادة حازم عبد العظيم، المسئول السابق في حملة ترشح المشير عبد الفتاح السيسي لرئاسة الجمهورية، و”تضمنت تفاصيل كشفت لأول مرة عن دور جهاز المخابرات العامة في تشكيل قائمة “في حب مصر” الانتخابية الموالية للرئيس، وهي التي حصدت كافة المقاعد المئة والعشرين المخصصة للقوائم في الانتخابات البرلمانية” التي جرت في نهاية 2015.

وقالت "كان حزب مستقبل وطن بمثابة حجر الزاوية لتلك القائمة، إذ حصل الحزب منفردًا على 57 مقعدًا داخل مجلس النواب، وكانت عدد المقاعد البرلمانية 596 مقعدًا، ولاحقًا في عام 2018 اندمجت قائمة “في حب مصر” داخل مستقبل وطن، وقدم معظم نواب الأحزاب الأخرى في التحالف استقالتهم لينضموا للحزب، ويصبح فعليا الحزب الأكبر تحت قبة البرلمان بشكل غير رسمي، وفي انتخابات البرلمان 2020 كان المشهد أكثر سهولة إذ خلا من التكتلات والتحالفات الحزبية, وحصد الحزب 316 مقعدًا من أصل 596، في حين حصل الحزب الثاني في التمثيل البرلماني “الشعب الجمهوري” على 50 مقعدًا فقط.

 

تجمع نخبوي

واستعرضت الورقة أن هناك من يرى أن حزب الجبهة ليس بديلًا لمستقبل وطن، إنما هو تجمع لنخبة مصالح حديثة التشكيل تسعى للحصول على نصيبها من مقاعد البرلمان القادم كجزء من حصة الموالاة.

ولفتت إلى أن السيسي والعصابة "تعارض فكرة وجود حزب حاكم واحد، فهو لا يريد أن يمتلك أي حزب موالي أغلبية حقيقية، بمعنى أنه يرغب في أن تكون جميع أحزاب الموالاة معتمدة في الأساس عليه، فلا يستطيع أي حزب موال أن يزعم أنه يمتلك الأغلبية أو يمثل مصدرًا للسلطة أو بؤرة للقوة".

ورأت الورقة وفق هذه الرؤية أن "هذه الاستراتيجية تسمح للسلطة بالتبديل بين كيانات متعددة، أحزاب مثل مستقبل وطن وحماة وطن والشعب الجمهوري والجبهة الشعبية، وأشكال غير حزبية مثل تنسيقية الشباب، وبهذه الطريقة يتحول المشهد السياسي من أغلبية وأقلية إلى أشكال متنوعة، وتستخدم في عملية تباديل وتوافيق وفقًا لاحتياجات النظام الحاكم، والدور الذي ستلعبه هذه الأحزاب".

وأُعلن في 30 ديسمبر 2024 عن تدشين حزب الجبهة الوطنية، وبعد 40 يومًا من تدشينه، وافقت لجنة الأحزاب السياسية، في 10 فبراير 2025، على تأسيس حزب الجبهة الوطنية، وتمتعه بالشخصية الاعتبارية وحقه في مباشرة نشاطه السياسي اعتبارًا من الثلاثاء 11 فبراير 20252.

https://politicalstreet.org/7084/