"وقف إطلاق النار" كلمة جوفاء للفلسطينيين.. القتل والتشريد وحرمان المساعدات مستمر
الأربعاء 12 مارس 2025 10:00 م
مرّ أكثر من ستة أسابيع منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في غزة، لكن الواقع يثبت أنه أقرب إلى "خفض" إطلاق النار بدلاً من وقفه تمامًا. لا تزال عمليات القتل مستمرة، حيث قُتل أكثر من 100 شخص منذ 19 يناير وفقًا للدفاع المدني في غزة، إلى جانب مئات الانتهاكات التي ارتكبتها إسرائيل ضد الهدنة.
أحد هذه الانتهاكات هو قرار إسرائيل بوقف المساعدات الإنسانية إلى غزة للضغط على حماس لقبول شروط جديدة، مما أدى إلى قطع جميع الإمدادات فور انتهاء المرحلة الأولى من الهدنة. وقد وصفت وزارة الخارجية القطرية هذا الإجراء بأنه "انتهاك واضح" للقانون الإنساني الدولي. يؤثر هذا الحصار على جميع سكان غزة، الذين أصبحوا يعتمدون بالكامل على المساعدات بعد تدمير بنيتهم التحتية الاقتصادية والاجتماعية. وفي ظل استمرار القصف والبرد القارس، لا تزال الرضع تموت من التجمد في المخيمات المؤقتة.
في الضفة الغربية، التصعيد الإسرائيلي مستمر منذ أشهر، حيث قُتل ما يقارب 1000 فلسطيني منذ 7 أكتوبر بسبب هجمات المستوطنين والجيش الإسرائيلي. مع انخفاض حدة القتال في غزة، زادت الهجمات في الضفة، حيث يتم استخدام تكتيكات غزة في الضفة الغربية، من قتل المدنيين وتهجير السكان إلى استهداف المنشآت الطبية.
بمجرد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، أطلقت إسرائيل عملية "الجدار الحديدي" في الضفة الغربية، لتؤكد أن هذه الحرب لن تنتهي. في العام الماضي وحده، قُتل أكثر من 224 طفلًا في الضفة الغربية على يد القوات الإسرائيلية والمستوطنين، وهو رقم يشكل ما يقرب من نصف إجمالي الأطفال الذين قُتلوا هناك منذ بدء تسجيل الأرقام قبل 20 عامًا.
وعلى غرار ما حدث في غزة، تستخدم إسرائيل ذريعة استهداف المسلحين لتبرير تدمير البنية التحتية، وتهجير الفلسطينيين (حيث تم تهجير 40 ألف شخص خلال أقل من شهرين)، واستهداف المستشفيات، وتوسيع قواعد الاشتباك لتسهيل إطلاق النار على الفلسطينيين. ووفقًا للأمم المتحدة، فقد أصبحت الغارات الجوية والجرافات العسكرية والأسلحة المتقدمة جزءًا من المشهد اليومي في الضفة الغربية، مما يجعل العدوان هناك غير مسبوق.
عملية "الجدار الحديدي" هي الأطول في الضفة الغربية منذ الانتفاضة الثانية، حيث انتشرت الدبابات واستقر الجنود الإسرائيليون في مخيمات اللاجئين مثل جنين وطولكرم لأول مرة منذ 20 عامًا. هذه ليست مجرد حملة عسكرية مؤقتة، بل تشير إلى تحول استراتيجي في كيفية تعامل إسرائيل مع الفلسطينيين، من الحصار والعنف الاستيطاني إلى القمع العسكري المباشر، في غياب أي خطة حقيقية للاستقرار.
النتيجة هي تقليص متزايد لما تبقى للفلسطينيين من حقوق وأراضٍ وحريات. في ظل هذه القوة غير المتكافئة والدعم الغربي المستمر لإسرائيل، لا يوجد ما يدفعها إلى تهدئة الأوضاع. وإذا انهار وقف إطلاق النار في غزة، فستعود المجازر إلى مستوياتها السابقة، بينما تستمر عمليات القتل والتهجير في الضفة لصالح التوسع الاستيطاني.
في ظل هذا الواقع، لا يمكن اعتبار أن الأمور تسير نحو تهدئة أو استقرار. قد تستمر المناورات الدبلوماسية حول "خطة غزة"، لكن الحقيقة أن الحرب في غزة قد تكون انتهت مؤقتًا، إلا أن شيئًا آخر، أكثر شمولًا، قد بدأ في جميع الأراضي الفلسطينية.