نظّمت السفارة الإسرائيلية في القاهرة الاثنين الماضي، حفل إفطار رمضاني، دُعي إليه رجال أعمال ومثقفون مصريون، في خطوة تعكس محاولات الاحتلال الإسرائيلي لتبييض صورته وسط المجازر المستمرة في قطاع غزة، في ظل الرفض الشعبي المصري العارم لأي شكل من أشكال التطبيع.

 

الإفطار في ظل الإبادة الجماعية:

وسط أجواء دبلوماسية ناعمة، حاولت السفارة الإسرائيلية تقديم صورة "ودية" لدولة الاحتلال عبر هذا الإفطار الرمضاني. وقال طاقم السفارة في كلمته إن "رمضان هو مناسبة خاصة للدعاء والتأمل، وأن هذا النشاط يعزز روح الصداقة والدعم المتبادل".

لكن هذه التصريحات الدعائية تتناقض تمامًا مع الواقع المأساوي في غزة، حيث تستمر إسرائيل في تنفيذ عدوان وحشي، أسفر عن استشهاد آلاف الفلسطينيين، بينهم نساء وأطفال، وتدمير البنية التحتية بشكل ممنهج. بينما كان ضيوف السفارة يجتمعون على موائد الإفطار، كانت الطائرات الإسرائيلية تمطر غزة بالصواريخ، مستهدفة المستشفيات والمدارس والمنازل.

 

رسائل سياسية خلف الإفطار:

لا يمكن النظر إلى هذا الحدث باعتباره مجرد لقاء دبلوماسي، بل هو جزء من استراتيجية إسرائيلية أوسع لتكريس التطبيع العربي الرسمي، وخاصة مع مصر التي وقّعت اتفاقية سلام مع إسرائيل منذ 1979. غير أن التحول الكبير في العلاقة بين الطرفين برز بشكل أكثر وضوحًا في عهد عبد الفتاح السيسي، حيث بات التعاون الأمني والاقتصادي بين القاهرة وتل أبيب في أعلى مستوياته.

تُظهر هذه العلاقات المتنامية بوضوح أن المصالح السياسية والاقتصادية تتفوق على الاعتبارات الإنسانية، إذ أصبحت مصر بوابة لتصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا، فضلاً عن التنسيق الأمني الوثيق بين الجيش المصري وإسرائيل في سيناء.

 

التطبيع مقابل الرفض الشعبي:

على الرغم من الجهود الدبلوماسية المكثفة لتسويق التطبيع، لا يزال الشارع المصري متمسكًا بموقفه الرافض للعلاقات مع الاحتلال. وقد تجلى هذا الرفض في حملات إلكترونية واسعة تدعو إلى مقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل، بالإضافة إلى المواقف القوية التي تبديها شخصيات ثقافية ورياضية مصرية تعارض أي شكل من أشكال التعاون مع إسرائيل.