في مساء 17 مارس، حاصرت مجموعة من العملاء الفيدراليين المقنّعين التابعين لوزارة الأمن الداخلي الأمريكية (DHS) الباحث الهندي بدر خان سوري في روسيلين فيرجينيا، أثناء عودته إلى منزله بعد الإفطار.
وأُبلغ سوري، وهو زميل ما بعد الدكتوراه في جامعة جورجتاون، أن تأشيرته الدراسية أُلغيت، وأنه سيُرحَّل قريبًا من الولايات المتحدة.
شاهدته زوجته، مفيز صالح، وهي فلسطينية تحمل الجنسية الأمريكية، بينما كانت القوات الأمنية تأخذه مع جواز سفره قبل أن يغادروا به.
اتهامات وغياب الأدلة
رفع محامو سوري دعوى قضائية هذا الأسبوع، أكدوا فيها أن موكلهم أصبح أحدث أكاديمي يواجه التهديد بالترحيل بسبب آرائه التي يُزعم أنها تتعارض مع السياسة الخارجية الأمريكية.
وبحسب الدعوى، فإن الإدارة الأمريكية الحالية "تعاقب الأجانب مثل السيد سوري فقط بسبب علاقاتهم العائلية مع أشخاص يُعتقد أنهم عبّروا عن انتقادات للسياسة الأمريكية تجاه إسرائيل، أو يُنظر إليهم على أنهم يحملون هذه الآراء بسبب علاقاتهم الأسرية".
وأضافت الدعوى: "لم يزعم أي مسؤول حكومي أن السيد سوري ارتكب أي جريمة أو خالف أي قانون".
بحلول صباح الخميس، بعد ثلاثة أيام من اعتقاله، لم يتمكن محاموه من التواصل معه.
من هو بدر خان سوري؟
سوري هو زميل ما بعد الدكتوراه في مركز الوليد بن طلال للتفاهم الإسلامي المسيحي في مدرسة الخدمة الخارجية بجامعة جورجتاون.
وفقًا لسيرته الذاتية، التي أزيلت من موقع الجامعة صباح الخميس، حصل على درجة الدكتوراه في دراسات السلام والصراع من مركز نيلسون مانديلا للسلام وحل النزاعات بجامعة جاميا ميليا إسلاميا في نيودلهي عام 2020، حيث تناول بحثه عمليات بناء الدولة في أفغانستان والعراق.
كان سوري يعمل على مشروع بحثي حول "الأسباب المحتملة التي تعيق التعاون بين المجتمعات الدينية المتنوعة وإمكانيات التغلب على هذه العوائق".
ادعاءات وزارة الأمن الداخلي
لم ترد وزارة الأمن الداخلي على استفسارات موقع ميدل إيست آي مباشرة، لكنها أصدرت بيانًا اتهمت فيه سوري بـ"الترويج لدعاية حماس ونشر معاداة السامية على وسائل التواصل الاجتماعي".
وأضاف البيان: "لدى سوري روابط وثيقة مع شخص معروف أو مشتبه به بأنه إرهابي، وهو مستشار كبير لحماس".
كما ذكرت الوزارة أن وزير الخارجية الأمريكي أصدر في 15 مارس 2025 قرارًا يقضي بأن "أنشطة سوري ووجوده في الولايات المتحدة يجعلان ترحيله ضروريًا". ومع ذلك، لم تقدم الوزارة أي أدلة تدعم هذه الادعاءات.
ردود فعل أكاديمية غاضبة
أثار اعتقال سوري موجة غضب في الأوساط الأكاديمية، حيث وصفه زملاؤه بأنه "باحث محترم وأكاديمي مرموق".
وقال نادر هاشمي، مدير مركز الوليد بن طلال بجامعة جورجتاون: "مجال بحثه هو حقوق الأقليات والأغلبية والاستبداد السياسي"، مضيفًا: "لم يرتكب أي جريمة. كان تركيزه في جورجتاون على البحث والتدريس. لم يكن ناشطًا سياسيًا أو منظمًا مجتمعيًا".
وفي بيان رسمي، أدان المركز اعتقال سوري، معتبرًا أن ما حدث يجب أن يُفهم "في سياق سياسات الإدارة الأمريكية الحالية، وخاصة دعمها للإبادة الجماعية في الخارج والمكارثية في الداخل".
وأضاف البيان: "في الوقت الذي تواصل فيه هذه الإدارة دعم الإبادة الجماعية في غزة، فإنها توسع أيضًا استخدام النظام القانوني كسلاح ضد حرية التعبير المحمية بموجب التعديل الأول للدستور الأمريكي".
حملة إعلامية واستهداف زوجته
يأتي اعتقال سوري بعد أسابيع من التغطية الإعلامية السلبية من مواقع مؤيدة لإسرائيل، استهدفت كلًا من سوري وزوجته مفيز صالح بسبب آرائهما حول الحرب في غزة.
وفي أواخر فبراير، نشرت منظمة ميدل إيست فوريوم المؤيدة لإسرائيل تقريرًا كشفت فيه أن مفيز صالح هي ابنة أحمد يوسف، المستشار السياسي السابق لإسماعيل هنية، زعيم حماس آنذاك.
وأُدرج اسم صالح لاحقًا على موقع "كاناري ميشن"، وهو موقع يستخدمه اللوبي الإسرائيلي لتصنيف الأشخاص على أنهم معادون لإسرائيل، حيث استُخدم عملها السابق في قناة الجزيرة ومدينة ميلادها، غزة، كأدلة مزعومة على صلتها بحماس.
احتفاء باعتقاله من جهات مؤيدة لإسرائيل
في مساء الأربعاء، بعد انتشار خبر اعتقال سوري، أعلنت منظمة ميدل إيست فوريوم مسؤوليتها عن تحريض السلطات ضده.
وقالت الباحثة آنا ستانلي في بيان لها: "على عكس جامعة جورجتاون التي تجاهلت أدلة ارتباط سوري بحماس، تحركت الإدارة الأمريكية بشكل حاسم".
وأضافت: "لن يجد المتطرفون الذين يختبئون وراء الأوساط الأكاديمية ملاذًا هنا".
تصعيد ضد حرية التعبير في الأوساط الأكاديمية
يتزامن اعتقال سوري مع تصعيد واسع ضد حرية التعبير داخل الجامعات الأمريكية، خاصة ضد الأصوات المؤيدة لفلسطين.
في 10 مارس، اعتقلت السلطات الأمريكية الطالب الفلسطيني محمود خليل من جامعة كولومبيا من شقته في نيويورك.
كما أعلنت جامعة كولومبيا طرد أو تعليق أو إلغاء شهادات 22 طالبًا لمشاركتهم في اعتصامات دعمًا لفلسطين.
في جامعة ييل، تم حظر هليه دوتاجي، الباحثة الإيرانية، من دخول الجامعة بعد أن نشرت وسيلة إعلامية تقريرًا، استند إلى معلومات ذكاء اصطناعي، زعم أنها مرتبطة بجماعة إرهابية مدرجة على قائمة الإرهاب الأمريكية.
ويقول الناشطون والمحامون إن هذه الإجراءات تنتهك الدستور الأمريكي، الذي يكفل حرية التعبير لجميع المقيمين في الولايات المتحدة، بما في ذلك حملة التأشيرات والإقامات الدائمة.
في جامعة كورنيل، رفع طالبان دعوى قضائية ضد الإدارة الأمريكية لوقف ترحيل الطلاب والباحثين الدوليين المؤيدين لفلسطين.
جامعة جورجتاون: لا دليل على أي نشاط غير قانوني
لم ترد جامعة جورجتاون على استفسارات موقع ميدل إيست آي، لكن متحدثًا باسمها صرح لموقع بوليتيكو بأن الجامعة "لم تكن على علم بأي نشاط غير قانوني قام به سوري، ولم تتلقَ أي سبب رسمي لاحتجازه".
وأضاف المتحدث: "ندعم حق أفراد مجتمعنا في البحث والنقاش والتعبير الحر، حتى لو كانت الأفكار المطروحة صعبة أو مثيرة للجدل. ونتوقع أن يتم التعامل مع هذه القضية بشكل عادل في النظام القانوني".
https://www.middleeasteye.net/profile/who-badar-khan-suri-indian-scholar-set-deportation-us