شهد المسجد الأقصى خلال عيد الفصح اليهودي استباحة غير مسبوقة، مع اقتحام آلاف المستوطنين لساحاته على مدى خمسة أيام، وسط حماية مشددة من شرطة الاحتلال الإسرائيلي، التي حوّلت القدس إلى ثكنة عسكرية، ومنعت المصلين المسلمين من دخول أولى القبلتين.
خمسة أيام من الاستباحة الكاملة للمسجد الأقصى في عيد الفصح اليهودي، شكّلت فصلًا جديدًا من فصول فرض السيطرة الإسرائيلية على الحرم القدسي، وسط تغييب قسري لأي شكل من أشكال المقاومة أو الحضور الإسلامي والعربي، وتحويل مدينة القدس إلى ثكنة عسكرية مغلقة.
وبينما احتفل المتطرفون اليهود بأداء طقوسهم الدينية علنًا وبصورة جماعية داخل باحات الأقصى، تجاوز عدد المقتحمين هذا العام جميع الأرقام السابقة، وسُجّل أكبر عدد يوم الخميس 17 أبريل، حين اقتحم المسجد 2258 مستوطناً في يوم واحد، وهو الرقم الأعلى منذ بداية الاقتحامات المنظمة عام 2003.
موسم اقتحامات غير مسبوق
بلغ إجمالي عدد المستوطنين الذين اقتحموا المسجد الأقصى خلال عيد الفصح هذا العام 6768 متطرفاً، مقارنة بـ4345 العام الماضي، و3430 في عام 2023.
فمن أداء "بركات الكهنة" و"السجود الملحمي"، إلى ارتداء ملابس "كهنة المعبد"، والدخول بالأقدام الحافية وشالات الصلاة "طاليت"، جسّدت هذه الاقتحامات محاولات فرض واقع جديد في المسجد، عنوانه الأساس: "السيادة اليهودية على الأقصى".
شرطة الاحتلال.. حامية الطقوس اليهودية
وتولت شرطة الاحتلال توفير الحماية الكاملة لهذه الطقوس، في الوقت الذي منعت فيه الغالبية العظمى من المصلين المسلمين من دخول المسجد، ونصبت حواجز وسواتر حديدية على مداخل الحرم والبلدة القديمة، ومنعت كذلك مئات المقدسيين والفلسطينيين من داخل الخط الأخضر من دخول المسجد بقرارات إبعاد تمتد من 3 إلى 6 أشهر.
وفي المقابل، سمحت الشرطة لمجموعات من 200 مستوطن باقتحام المسجد دفعة واحدة، وهو ما وصفته صحيفة هآرتس بأنه "تسارع غير مسبوق في تغيير الوضع القائم"، بتوجيه مباشر من وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، الذي صرّح سابقًا بأنه يسعى إلى تكريس "حق اليهود بالصلاة في جبل الهيكل".
وقال مراسل الصحيفة نير حسون إن الشرطة لم تعد تمنع المستوطنين من أداء صلوات جماعية أو الغناء أو الانبطاح، ما يمثل انحرافًا واضحًا عن السياسة المعتمدة منذ عقود.
غياب الردع.. واستفراد بالمسجد
ردود الفعل العربية والإسلامية جاءت باهتة أو غائبة تمامًا، ما وصفه المختص في شؤون القدس خالد زبارقة بأنه "تحول خطير".
وقال زبارقة: "لم تعد هذه الاقتحامات مجرد زيارات دينية، بل أدوات سياسية لفرض التقسيم الزماني والمكاني، واستهداف صريح للهوية الإسلامية للمسجد".
أما الأكاديمي عبد الله معروف، فرأى في التطورات الأخيرة نقلة نوعية وكمية غير مسبوقة.
وأوضح أن "الاقتحامات هذا العام تجاوزت الحواجز السابقة، وشهدت لأول مرة أكثر من 600 مستوطن يؤدون طقوسهم الدينية في اللحظة نفسها داخل المسجد، بينما مُنعت دائرة الأوقاف من أداء مهامها".
تحول في موازين الردع
وفي تصريح بالغ الدلالة، قال معروف إن المسألة لم تعد مرتبطة برد الفعل العربي أو الإسلامي، بل باتت مرهونة بخلافات فقهية داخل المؤسسة الحاخامية الإسرائيلية بشأن كيفية تنفيذ طقس تقديم القرابين الحيوانية داخل المسجد، وهو طقس أساسي في عيد الفصح لم تنجح الجماعات المتطرفة بعد في إقامته داخل الحرم.
وأضاف: "حين تُحل هذه الخلافات الفقهية، لا شيء سيمنعهم من بناء كنيس داخل الأقصى أو اقتطاع جزء منه، فسلطات الاحتلال لم تعد تخشى ردود الفعل، الرسمية أو الشعبية، من العالمين العربي والإسلامي".
ابن غفير يحتفي بالتحول: "ما لم يشهده الأقصى منذ 30 عامًا يحدث الآن"
وفي تعبير عن ابتهاجه بما يجري، صرّح وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير: "ما لم يشهده الأقصى منذ 30 عامًا من صلوات يهودية يجري الآن في عهدتي، وأنا سعيد بقيادة هذا التغيير".
مؤسسات القدس تحذر: الأقصى تحت الخطر
مجلس الأوقاف الإسلامية في القدس دان في بيان له ما وصفه بـ"العدوان غير المسبوق"، محذرًا من التمادي في تمكين المتطرفين واعتداءات شرطة الاحتلال على موظفي الأوقاف والمصلين، وإبعادهم عن المسجد.
وقال خطيب الأقصى الشيخ عكرمة صبري: "المسجد الأقصى المبارك بات مستباحا وتحت تصرف اليهود المتطرفين الذين يعربدون ويستفزون المسلمين، وقال إن مدينة القدس تحولت إلى ثكنة عسكرية".
شاهد:
https://www.facebook.com/blal.mwsy.955050/videos/679035697932156
https://x.com/Aljazeeraquds/status/1912065655475437617
https://x.com/Aljazeeraquds/status/1912525797883027518